القاهرة – علا عبد الرشيد
طالَبَ أكثر من 50 عالمًا، يمثلون 15 دولة، في خطاب موجه لمدير عام منظمة الصحة العالمية، مارغريت تشان، بإعادة النظر في عزم المنظمة وضع السجائر الإلكترونية في تصنيف السجائر العادية ذاته، محذِّرين من مخاطر فقدان فرصة كبيرة للتقليل من التدخين وبالتالي خفض معدلات الأمراض والوفَيَات المرتبطة بالتدخين.
ووفقًا لبيان ورد لـ "مصر اليوم" نسخة منه ، فقد استنكر العلماء الوثيقة المسربة من المؤتمر التحضيري للاتفاقية ، والتي تنص على أن منظمة الصحة العالمية تعتبر السجائر الإلكترونية تهديداً على الصحة العامة وتعتزم مكافحة استخدامها كحل بديل للتبغ وللسجائر العادية. هذا إلى جانب إدراج النشوق ضمن بنود الأتفاقية.
وأكد العلماء في خطابهم الموجه لمدير عام منظمة الصحة العالمية، أن المنتجات التى تعمل على الحد من خطورة وأضرار الدخان تلعب دوراً فعّالاً في تحقيق أهداف الأمم المتحدة لتقليل الأمراض غير المعدية مع حلول 2025، مؤكدين أن السجائر الإلكترونية والمنتجات الأخرى التي تحتوي على نيكوتين آمن يجب أن تكون جزءاً من الحل وليس المشكلة.
والمشكلة هنا أن اتفاقية (FCTC) لا تفرق بين مخاطر منتجات النيكوتين المختلفة. وان تطبيق معايير الاتفاقية على السجائر الإلكترونية يوضعها فى المرتبه ذاتهامع منتجات الدخان الأخرى مثل السجائر، كما يضعها تحت قانون منع الإعلانات عنها طبقاً لتشريعات الحد من التدخين، إلى جانب فرض ضرائب هائلة عليها، فضلاً عن الحملات الصحية التحذيرية ضد استخدامها، وهو ما يؤدي إلى الحد من وجودها واستخدامها وفاعليتها.
ونوّه الموقعون على الخطاب، إلى أن القيود المفرطة على المنتجات الأقل خطراً سيترتب عنه حماية السجائر من المنافسة مع البدائل أقل خطورة.
وحذّر الأستاذ الفخري في كلية إمبريال في لندن، أحد الموقعين على الخطاب ومنظم المنتدى العالمي المقبل للنيكوتين، البروفسور جيري ستيمسون، قائلاً: إذا استمرت منظمة الصحة العالمية في طريقها وحاربت السجائر الإلكترونية، لن تكون قضت فقط على أحد أهم ابتكارات الصحة العامة في العقود الثلاثة الماضية التي يمكن أن تنقذ ملايين الأرواح، بل ستكون بذلك قد وضعت حداً للمسؤولية التي تتبناها لمساعدة المدخنين على الحفاظ على صحتهم، الأمر الذي يكلفهم أموالاً طائلة.
ووصل عدد المدخنين على الصعيد العالمي، إلى 1.3 مليار نسمة، وتقدر منظمة الصحة العالمية أن حوالي مليار نسمة قد تصيبهم الوفاة بسبب التدخين في القرن الواحد والعشرين يمكن وقايتهم.
واشار العلماء الى أن حملات مكافحة التدخين خلال الثلاثة عقود الماضية استطاعت بنجاح أن توعي بمخاطر وأضرار التدخين، وعملت على تشجيع جميع الإجراءات للحد من التدخين فضلاً عن خفض التدخين بمعدلات ضخمة في بعض دول العالم النامي (بينما ما زال معدل التدخين في تزايد في العديد من دول العالم المتقدم).
وأوضحوا: "بعد عشر سنوات من العمل على مكافحة التبغ عالميًا والقائم على منع وحظر المنتجات، سيكون من الصعب على منظمة الصحة العالمية والمتخصصين في الصحة العامة تغيير توجهاتهم وآرائهم، بل يجب أن يروا إمكان مساعدة منتجات النيكوتين، الأكثر أماناً، الناس على التوقف عن التدخين: بل هذا هو المطلوب".
وجاء في الخطاب أن منظمة الصحة العالمية واتفاقية المنظمة الإطارية بشأن مكافحة التبغ (FCTC) يجب أن تدرك أن منتجات التبغ ليست كلها بالأضرار والمخاطر ذاتها، كما يجب أن يدركوا أن الانخفاض الكبير الذي ستشهده معدلات الوفيات والمرضى عندما يستخدم المدخنون منتجات النيكوتين الأقل خطورة.
من جانبه، شدّد أحد الموقعين على الخطاب، وأستاذ الصحة النفسية ومدير أبحاث التدخين في كلية جامعة لندن، روبرت ويست، أن اعتبار منظمة الصحة العالمية السجائر الإلكترونية في مثل خطورة منتجات التبغ الأخرى، سيبعث برسائل خاطئة ومغلوطة إلى الملايين من مستخدمي السجائر الإلكترونية حالياً لمساعدتهم في الإقلاع عن التدخين، موضحًا أن ذلك سيثبط المدخنين عن الإقلاع عن التدخين، إلى جانب فقدان فرصة عظيمة للحد من معدلات الوفيات المرتبطة بالتدخين في العالم أجمع.
وعرف العلماء منذ سنوات عدة أن الناس يدخنون من أجل النيكوتين ولكنهم يموتون من التدخين، اذ إن الموت والمرض من التدخين يأتي من استنشاق الناتجة عن الاحتراق الغازات السامة ودخولها إلى الرئتين.
ويؤمن العلماء الموقعون على الخطاب أن أدوات الحد من أضرار التبغ، مثل السجائر الإلكترونية وغيرها من المنتجات الأقل ضرًرا مثل النشوق snus، قد تكون الحل، كما أن المدخنين الحاليين سيكون الضرر عليهم أقل بكثير على صحتهم إذا ما دخنوا النيكوتين بطريقة منخفضة المخاطر وتجعل النيكوتين غير قابل للاحتراق.
وأكّد أستاذ علم الأوبئة في جامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة، جون بريتون، أن استخدام السيجارة الإلكترونية يُعد ثورة في عالم الاستهلاك، حيث بدأت كمبادرة متعلقة بالصحة العامة ثم نمت وتطورت بسرعة لإنقاذ ملايين الأرواح، لافتاً إلى أن تطورها جاء سريعاً مما يظهر تفضيل المدخنين لاختيار منتجات النيكوتين التي لا تسبب الوفاة.
وتمنّى بريتون أن يدرك مسؤولو منظمة الصحة العالمية وجميع صناع القرار في مجال الصحة العامة، وأن يغتنموا هذه الفرصة العظيمة للإقلاع عن التدخين التي توفرها السجائر الإلكترونية.
وأوضح الموقِّعون على الخطاب أن منظمة الصحة العالمية تسعى للحد من استهلاك التبغ مما يتماشى مع الهدف الأساسي المتمثل في الحد من المرض والوفاة المبكرة، فالسعي للحد من استخدام المنتجات منخفضة النيكوتين، مثل السجائر الإلكترونية، سيؤتي بنتائج عكسية، مبيّنين أن هذه المنتجات ينبغي أن تلعب دوراً هاماً في تحقيق أهداف منظمة الصحة العالمية.