واشنطن-مصر اليوم
نشرت مجلة "ديسكفري" العلمية المتخصصة، تقريرًا حول كيفية تحول الفيروسات وانتقالها من الحيوانات إلى البشر وتحولها إلى وباء يجر الخراب ورائه، مؤكدة أنه من المعروف أن عددًا كبيرًا من الحيوانات على عدد كبير من الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والفطريات التي تتراوح ما بين الحيوانات أحادية الخلية والديدان الشريطية بطول 80 قدمًا، لكن أن تنتقل تلك الأشياء كلها إلى الإنسان هو ما يكون أمرًا ليس بالسهل، حيث أكدت التقرير أننا في الغالب بأمان من معظم تلك الأشياء، لأن تلك الأشياء كلها تحتاج إلى عوامل مسببة للأمراض وأنواع مضيفة أخرى التي تقف بين الإصابة بالأمراض أو العدوى من تلك الأمراض، حيث أنه من المعروف لدى كل العلماء أن فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض "كوفيد 19"، مثله مثل باقي الفيروسات التاجية، انتقل في بادئ الأمر من الحيوانات إلى البشر.
وأشار التقرير إلى أن هذا يحتاج إلى "حيوان غير مألوف" يمكنه أن يكسر عدد من حواجز المرض بين الحيوانات والإنسان، كما يحتاج الفيروس أن يكسر ما يصل من 5 إلى 6 حواجز رئيسية حتى يتحول إلى فيروس معدي للإنسان ويمكن أن يكون معديا بين البشر أيضا.
في البداية يطلق على الفيروس الموجود في الحيوان بـ"المرض الحيواني"، ويحتاج أن يعبر 6 حواجز حتى يتفشى ليصبح مرضا عالميا مثل "كوفيد 19"، ولكن عليك أن تعرف في البداية أن هناك ملايين من الفيروسات في العالم، وتشكل هذه الفيروسات جزءا كبيرا من الأمراض المعدية الناشئة حول العالم.
وتقول "نكتة قديمة": "الطريق الأسرع للوصول إلى قاعة كارنيجي هو الممارسة ثم الممارسة ثم الممارسة"، وهو ما يعني أن التكرار هو الفرصة الأسرع والأسهل لكي يتخطى الفيروس كل الحواجز ويتحول إلى "جائحة" مثل كورونا.
وتوضح مارغريت وايلد، الخبيرة في أمراض الحياة البرية في جامعة واشنطن: "هذه الأمراض لا تنتقل إلى البشر في كثير من الأحيان، وعندما تفعل ذلك عادة ما يكون تدمير النظم الطبيعية هو السبب الرئيسي لذلك، مثل تدمير موطن الحيوانات أو حشد الأنواع المختلفة مع الناس في السوق".
وتابعت "تآكل تلك النظم يكون أحد أكبر العوامل في كيفية بدء الفيروسات في تحطيم الحواجز بيننا وبين الحيوانات التي حملتها في الأصل".
ويقول كولين باريش، أستاذ علم الفيروسات بكلية الطب البيطري بجامعة كورنيل، إن فيروس نيباه، الموجود في ماليزيا وبنغلاديش، ينتشر من الخفافيش التي تأكل الفاكهة إلى الخنازير وانتقل منها إلى الناس عندما زرعت بساتين الفاكهة بالقرب من مزارع الخنازير.
ماذا عن كوفيد 19؟
أما كيف حدث هذا الأمر مع فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض "كوفيد 19"، فتجيب مجلة "ديسكفري" قائلة "قد ينشأ الفيروس الذي يسبب كوفيد 19 من وضع مماثل"، حيث تظهر الدراسات الجينية أن فيروس كورونا المستجد يشبه فيروس الخفافيش المعروف، لكن العلماء يعتقدون أن حيوانًا آخر نقله من الخفافيش إلى البشر، واقترح العلماء حيوانات وسيطة أخرى مثل ثعابين وبنغولين أو آكل النمل الحرشفي، لكن المصدر الأصلي ليس واضحا حتى الآن.
وتابع باريش قائلا "لكن مجرد الاقتراب من حيوان مصاب بفيروس لا يكفي لإصابتك بالمرض"، موضحًا بقوله "نتواصل مع ملايين الفيروسات على الأرجح كل يوم، ولا نصاب بها، على حد علمنا، ومن المحتمل أن تستضيف كل أنواع الحيوانات مئات الآلاف من أنواع مختلفة من الفيروسات. لكن تلتزم معظم هذه الفيروسات بمضيف واحد فقط، وكل ما يحتاج له الفيروس داخل الحيوان إلى القفزة أو ما يطلق عليها في علوم الجينات الطفرة".
صنع القفزة
لكي يصنع المرض القفزة، يجب أولاً أن يتعامل الشخص مع فيروس قابل للحياة، قالت المجلة أنه يبدو أن أكل الحيوان طريقة جيدة للكشف عن المرض منه وربما إحداث "قفزة"، لكن جيه سكوت ويز، ، مدير مركز الصحة العامة والأمراض الحيوانية في جامعة جيلف إن هذا الأمر "آمن تماما".
وأوضح بقوله "إذا تم طهي الحيوان جيدا، فإن تناول الطعام هو في الواقع أحد أقل المخاطر، لكن الخطورة المعالجة التي تأتي قبل الأكل - القتل والسلخ والذبح - فهي أمور تنطوي على مخاطر عالية".
وبعد حدوث القفزة وانتقال الفيروس إلى الإنسان ماذا يحدث؟
تقول المجلة العلمية إنه "بمجرد دخول الفيروس، يكون لزاما عليه أن يتغلب الفيروس على عدد من الحواجز"، وأردفت: "إذا تهرب الفيروس من جهازك المناعي، فإنه يحتاج بعد ذلك إلى اختراق غشاء الخلية المحمي بواسطة المستقبلات التي تسمح فقط بالتفاعل مع مواد معينة".
ويقول باريش عن ذلك الموقف بأنه "أشبه بالمصافحة السرية بين الخلية والفيروس"، وبالنسبة لفيروس كورونا المستجد الذي يسبب كوفيد 19، يُعرف المستقبل الضعيفة بأنه AEC2.
ويقول ويز: "بعض المستقبلات خاصة بأنواع معينة من الحيوانات، بينما البعض الآخر أكثر عمومية"، حيث تتيح معرفة المستقبلات المعرضة للفيروس للعلماء معرفة أنواع الخلايا والأنواع الحيوانية التي يمكن للفيروس أن يصيبها.
وتتشارك القطط وعدد من الحيوانات البرية والخنازير في مستقبلات ACE2، ما جعل عدد كبير من العلماء يعتقدون أن هذه الأنواع عرضة أيضا للإصابة بالمرض، أما داخل الخلية البشرية، يكون الفيروس في منتصف الطريق فقط إلى وباء أو تفشي المرض.
ويمثل الخروج من الخلية وإصابة مضيف آخر وخلية أخرى مجموعة جديدة من التحديات، حيث يقول باريش: "هناك الكثير من الفيروسات التي تصيب شخصًا واحدًا، لكنها لا تذهب إلى أبعد من ذلك".
وتابع بقوله "قبل ثلاثين عامًا، كان من المفترض أن تكون إنفلونزا الطيور هي الوباء الكبير التالي، لكنها لم تحدث أبدًا. لم تتم مشاركة الفيروس بشكل فعال بين الناس"، وعلى الرغم من مدى معرفة العلماء بكيفية انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر، فإن تنوع وتعقيد الحياة على الأرض يجعل من الصعب تحديد الوباء التالي.
ويقول باريش: "الأمر يشبه الاستعداد لضربة كويكب أو زلزال كبير، قد تكون لديك فكرة تقريبية عن إمكانية حدوث ذلك، ولكن من الصعب الاستعداد لأين؟ ومتى؟"، كما تقول وايلد إنه مع وجود كوفيد 19 جعل الحياة البرية تبدو مذنبة بجعل الإنسان مريضًا، فإنها تريد أن يعترف الناس بأن الحيوانات والطبيعة تساعدنا في الغالب على البقاء بصحة جيدة، وأن النتائج المأساوية نادرة.
وأضافت بقولها "عندما نقول إننا جميعًا في هذا الأمر معًا، فهذا يعني الحيوانات أيضًا"، وأتمت بقولها "عندما نحافظ على صحة النظم البيئية، فإننا نخفض حقًا خطر الإصابة بالمرض".
يذكر أن تقارير علمية عديدة أشارت أيضا إلى أن فيروس كورونا يمكن أن ينتقل أيضا من البشر إلى الحيوانات أيضا، حيث أفادت السلطات البلجيكية، قبل أيام عن حالة انتقال فيروس من إنسان إلى حيوان.
وقال إيمانيل أندريه، ممثل المقر الرئيسي لمكافحة الفيروسات التاجية، في مؤتمر صحفي: "وجد زملاؤنا من الكلية البيطرية في لييج أن القطة التي أصيب مالكها بالفيروس التاجي أصيبت بالعدوى منه، وتم تأكيد الأعراض والإصابة"، وكشفت دراسة أُجريت في الصين أن عدوى فيروس كورونا المسبب لوباء "كوفيد-19" يمكن أن تنتقل بين القطط.
إذ وجد فريق بحثي بمعهد هاربين للبحوث البيطرية أن القطط سريعة التأثر بمرض كوفيد-19، وتستطيع نقل الفيروس للقطط الأخرى من خلال رذاذ الجهاز التنفسي، حسبما جاء في تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.
وتستنتج الورقة البحثية أنه "يجب اعتبار مراقبة فيروس سارس-كورونا-2 في القطط عاملا مساعداً في القضاء على مرض كوفيد-19 لدى البشر"، وكانت قد صنفت منظمة الصحة العالمية، يوم 11 آذار/ مارس الجاري، فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، بالوباء العالمي، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد المصابين بالفيروس جميع التوقعات.