أورام الدماغ السبب الثاني للوفيات عند الأطفال

أمراض كثيرة يصاب بها الأطفال حديثو الولادة نتيجة عوامل عديدة، يأتي في مقدمتها الوراثة وتعرض المرأة في فترة الحمل إلى أمراض مختلفة أو نقص بعض الفيتامينات الضرورية للجسم أو تعرضها للإشعاعات الضارة، وهذا ما يترك أثره السلبي في الجنين، الذي يمكن اكتشافه عند القيام بالفحوص الضرورية التي تتطلبها متابعة الحمل أو ربما يتفاجأ بها البعض بعد الولادة، ومن أبرز الأمراض التي يصاب بها الأطفال هي أورام الدماغ، التي تعد السبب الثاني للوفيات لديهم بعد الحوادث، وتزيد حالات الإصابة بها عند الذكور عن الإناث، وتبلغ ذروتها عند سن التاسعة، هذا بحسب ما أشار له، استشاري جراحة الأعصاب الدكتور حسان القادري.
توتر مستمر
وأوضح القادري أنّ الأعراض تبدأ غالباً بوهن، وتعب، ثم تظهر في هيئة توتر مستمر، وصداع داخل القحف وهو صداع اشتدادي صباحاً أو دائم يصاحبه تقيؤ نافوري، واضطراب في الرؤية، وغالباً ما يؤكّد ذلك من قبل طبيب العيون من بواسطة الفحوص، التي يجريها لمعرفة إن كانت هناك وذمة في حليمة العصب البصري أم لا، مشيراً إلى أن الأعراض ترتبط غالباً بالموقع التشريحي للورم، حيث تأثر الإصابة في بعض الحالات على الحركة والمشي والنطق وتظهر الاختلاجات، والأطفال تحت سن الرابعة يشكون غالباً من ازدياد محيط الرأس.
إصابات
وأشار إلى أن الأورام التي يصاب بها الأطفال حديثو الولادة تختلف حدتها، فبعضها يصنف على أنه من الأورام الخبيثة وبعضها الآخر من الأورام المتوسطة، ويصنف أقلها بالبسيطة، التي يمكن الشفاء منه تماماً، ويعتمد التشخيص على تصنيف منظمة الصحة العالمية للأورام العصبية، فأغلب هذه الأورام هي نوع من الخلايا الدبقية التي تزيد نسبتها قليلاً عن 40%، وهي بدورها تنقسم لأربع درجات، وقد ترتبط الأورام عند الأطفال ببعض الأمراض الجهازية.
وأكّد أنّ الأورام الدماغية تصنف نسبة الإصابة بها حسب الموقع التشريحي لها، حيث تصيب أورام جذع الدماغ 15% من إجمالي الحالات، وتستحوذ الأرومة النخاعية على 15%، وتصيب الأورام السيسائية قرابة 4% من حالات الأورام، أما الكوكبية فهي لا تتجاوز 15%، إضافة إلى ذلك هناك أورام أخرى مثل أورام الخط المتوسط، التي يندرج ضمنها(أورام السرج التركي والتي تصيب 8% من الحالات إلى جانب أورام الغدة الصنوبرية، التي تصيب 2%، وأورام التقاطع البصري 4%).
عجز عصبي
ولفت إلى أنّ هناك العديد من التغيرات التي تظهر على سلوكيات الأطفال عند إصابتهم بهذا المرض، خصوصاً عندما تتطور الحالة، ويمكن التعرف إلى ذلك من خلال تقييم سلوك الأبناء من قبل الأسرة بصورة مستمرة، فإذا لوحظ اختلافات مفاجأة لسلوكياتهم، فإنه من الضروري من مراجعة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة، منوهًا أن تطور الأورام قد ينجم عنه في بعض الأحيان ظهور سلوكيات جديدة منها حدوث أشكال عديدة من العجز العصبي النفسي، تشمل تبدلات السلوك الإدراكي، والأداء اللغوي، والوظيفة الحسية الحركية، والأداء المدرسي، وربما تظهر تطورات الحالة في حدوث شذوذات عصبية فيزيولوجية.
جراحة
وأشار إلى أنّ الجراحة العصبية لأورام الدماغ عند الأطفال تخصص منفرد ومختلف عن الجراحة العصبية العامة، وأصبح من المتعارف عليه أنّ الفيزيولوجيا المرضية والتشريح الجراحي ونوعية الأمراض مختلفة كذلك، لافتاً إلى أنّ الجراحة العصبيَّة عند الأطفال مختلفة عن نظيرتها عند الكبار، وفي الدول المتقدمة منذ عقود أصبح لكل فئة عمرية اختصاصها ومراكزها المختلفة. وفي دبي أصبحت الجراحة العصبية متوفرة، وتستقطب مرضى من الدول المجاورة، وهذا دليل على الدعم الكبير، الذي توليه الحكومة للقطاع الصحي، ولجعل دبي واحدة من أفضل المدن، التي تستقبل المرضى لتلقي العلاج.
تطور التشخيص
أوضح القادري أنّ أجهزة التشخيص للأورام المختلفة تطورت بشكل ملحوظ ودخلت الجراحة التنظيرية العصبية بقوة في مجال الجراحة العصبية عند الأطفال، وكذلك أسهم تطور الرنين المغناطيسي، والذي يعد اليوم أفضل وسيلة للكشف عن أورام المخ عند الأطفال في إعطاء أفضل صور وأدقها، مقارنة مع الأشعة المقطعية التي كانت تعجز عن الكشف عن بعض أنواع الأمراض، مؤكّداً أنّ التشخيص المبكر وتجنب المرأة الحامل للمسببات الرئيسة لهذه الأورام في فترة الحمل هو من أبرز وسائل الوقاية.
فترة الحمل تتطلب تغيير نمط حياة المرأة
فترة الحمل من الفترات المهمة في حياة المرأة والتي يجب أن يرافقها الثقافة ومعرفة الخطوط الحمراء التي يؤدي تجاوزها إلى الإضرار بالجنين أو المرأة نفسها، فالأساليب التي كانت تمارسها المرأة ونمط الحياة الذي كانت تتبعه ربما يجب تغيرهما بصورة جذرية للحفاظ على سلامة الحمل، فعلى سبيل المثال إذا كانت المرأة تمارس العديد من الواجبات المنزلية وتحمل أوزاناً متعددة فإنه من الضروري أن تتوقف عن القيام بذلك، نظراً لما يُشكّله ذلك من خطورة على حياة الجنين، كذلك الحال مع النساء اللائي يلتزمن بحمية غذائية معينة يجب التخلي عنها فوراً لأن حاجات الجسم تتغير في فترة الحمل، وهناك العديد من الفيتامينات والأغذية والسوائل التي يحتاجها الجسم بكميات كبيرة لتتم عملية الحمل بسهولة وبصورة صحية يفتقر لها النظام الغذائي الذي كان تتبعه مسبقاً. كما أن من أبرز الممارسات التي يجب أن تضعها المرأة الحامل في حسبانها الامتناع عن تناول العقاقير الطبية والفيتامينات وحتى إن كان لها ضرورة وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى، إلا بعد استشارة الطبيب والتأكّد من عدم حدوث أي تأثيرات أو أعراض جانبية للجنين، وفي حالة تسببها لمضاعفات وتهديدها لسلامة الجنين لا بد من البحث عن بدائل تعوض دور هذه الأدوية، من خلال استشارة الطبيب الاختصاصي، وإن كان ذلك يتعلق ببعض الأمور الجمالية التي تلجأ لها العديد من النساء. ولابد من متابعة الحمل مع الطبيب منذ اللحظات الأولى التي تفكر فيها المرأة في الإنجاب، و المواظبة على زيارة الطبيب شهرياً.
فحص
استسقاء الدماغ.. يزداد عند حديثي الولادة
وأكّد أنّ استسقاء الدماغ من الأمراض التي ازداد ظهورها لدى الأطفال حديثي الولادة، ويعرف بأنه استسقاء البطينات الدماغية وهو ازدياد حجم السائل الدماغي الشوكي، ويحدث نتيجة اضطراب في دوران السائل الدماغي الشوكي بسبب انسداد مجرى السائل أو البطينات داخل الدماغ، أو فشل في امتصاص هذا السائل عبر الجيوب الوريدية الدماغية، وينجم عن هذا الانسداد أسباب متعددة كالأورام أو التشوهات الخلقية أو النزف الدماغي الداخلي، وينقسم تصنيف المرض بحسب السبب، فهناك التشوهي الولادي وهو مجهول السبب ويمكن تسميته حسب ديناميكية السوائل مثل المتصل وغير المتصل أو حسب البطينات خارجي وداخلي، أو حسب تطوره مثل الاشتدادي أو المتوقف.
فحص سريري
وذكر أنّ أعراض الاستسقاء عند الأطفال حديثي الولادة أو الرضع تبرز في زيادة حجم الرأس بصورة لافتة، ولهذا السبب يجب أن يتضمن أي فحص سريري للأطفال تحت السنتين قياساً دورياً لحجم الرأس للكشف المبكر عن الاستسقاء، مؤكّداً أنّ أعراضه عند الكبار والبالغين مختلفة، إذ تظهر في صورة صداع شديد وتقيؤ مستمر، كما يتسبب في حدوث ضغط هائل في منطقة الجمجمة، ويمكن تشخيص أسباب هذا المرض من خلال الفحص السريري وتحديد أعراضه البارزة.
وأشار إلى أنّ أسباب حدوث هذا المرض ترجع لعوامل وراثية ناجمة عن زواج الأقارب، كما قد يحدث بسبب وجود التهاب لرحم الأم فيصيب الطفل بالاستسقاء أو عدم التصريف الجيد لسائل المخ الشوكي، كذلك تناول بعض الأدوية والمضادات التي تترك أثراً شديداً خصوصاً في الأشهر الأولى من الحمل، كما أن الولادات المتعسرة تتسبب في بعض الأحيان بقطع أحد أنسجة المخ التي تكون حساسة جداً في مرحلة الولادة وبالتالي حدوث استسقاء الدماء. أما طرق تشخيص المرض أشار اختصاصي جراحة الأعصاب أنه يتم من خلال استخدام بعض الأجهزة الحديثة والموجات الصوتية والرنين المغناطيسي، كما أن المنظار يعد أحد الأجهزة التي يتم اللجوء إليها في بعض الحالات التي تتطلب ذلك والذي يحددها الاختصاصي مسبقاً.
سرعة التشخيص
وأكّد أنّ علاج المرض يرتبط بصورة مباشرة المدة الزمنية لاكتشافه والبدء في علاجه، فكلما كانت هناك سرعة في اكتشاف المرض وتشخيصه كانت النتائج أكثر إيجابية، إذ يمكن للوالدين ملاحظة ذلك بعد الولادة من خلال مشاهدة حجم الرأس ومقارنته مع أعضاء الجسم الأخرى، فإذا كان هناك فرق شاسع بين بنية الجسم وحجم الرأس فإن ذلك يتطلب التشخيص الفوري، مشيراً إلى أن طبيعة العلاج يحددها الطبيب والتدخل الجراحي بالمنظار من أنجح الطرق العلاجية للمرض.