الإعلامية أليكس بوليزي

استكشفت الإعلامية أليكس بوليزي جزر البحر الأبيض المتوسط التي تحكي عن روح شعوبها بداية من صقلية إلى سردينيا وكابري.

وذكرت أليكس: "كثيرًا ما أتسأل إلى أي مدى أكون إيطالية، بالطبع أنا إيطالية بلا شك، وتراثي إيطالي وحظيت بتربية كاثوليكية رومانية، إلا أن ذكريات طفولتي تكمن وراء تعليمي البريطاني، تربيت في لندن وقضيت فيها معظم حياتي العملية، وبعد سلسلة الحلقات التي قدمتها للقناة الخامسة، والتي جعلتني أسافر من الشمال إلى الجنوب في البر الرئيسي الإيطالي لا يمكنني أن أتجاهل الجزر".

وأفادت أليكس: "توحدت إيطاليا عام 1871 إلا أن كل منطقة لديها شعور فريد من نوعها وتحافظ على تقاليدها الفردية ومأكولاتها ولهجاتها، وأي شخص إيطالي يمكنه القول إنه في ميلانو أو روما أو البندقية بدلًا من إيطاليا، فالناس تشعر بتفرد كل منطقة ولا يمكن للأعوام أن تغير هذا الشعور، وتبدو كل جزيرة في البر الرئيسي بشخصية منفردة، ويمكنك الشعور بالفردية من خلال العيش على صخرة وسط البحر والانقطاع عن الحياة من البر الرئيسي".

وأضافت: "كان لدي جدة من سردينيا، ولكن لم يكن يسمح لي أنا وأختي بالذهاب إلى هناك بسبب المخاوف من الاختطاف، ولم أر منزل جدتي مطلقا في غينوني وهي ضاحية من ضواحي كالياري، وأحاول جاهدة معرفة المزيد عن جدتي وعائلتها في مكتب السجل المدني في كالياري، وتمثلت أبرز أيامي في سردينيا في رحلاتي الداخلية إلى الحديقة الوطنية البرية في سو غوروبو، وزيارة سلسلة من الجبال تدعى سوبرامونتي، وتعتبر منطقة الحديقة غير معروفة واكتسب سمعة بإبقاء ضحايا الخطف فيها بعد الفرار من الشرطة".

وتابعت: "لم يكن لدي تقارب فوري مع المناظر الطبيعية، وكانت جزيرة سردينيا مختلفة عن إيطاليا، وتشتهر إيطاليا ببساتين الزيتون والتلال والمدن المحصنة والسواحل والجمال المعماري، وبدلًا من ذلك كان هناك الكثير من المناظر الطبيعية الجميلة والكثير من الأراضي والقليل من الناس، ودعيت إلى مأدبة غداء بواسطة زيو سيكيو وعمره 80 عامًا، وكان هو آخر الرعاة المتبقين في الحديقة، وكان يعيش حياة انفرادية متجاوزًا اعتراضات عائلته لمواصلة العيش بالطريقة القديمة ويقوم بحلب الماعز، وكان التليفزيون هو الشيء الوحيد من مظاهر الحياة الحديثة".

وأكملت أليكس: "كانت كيارا من أواخر الأشخاص الذين تمسكوا بالحياة التقليدية حيث كانت تنسج الحرير من الأسماك الصدفية، وكانت تقوم بالغطس 100 مرة لجمع ما يكفي من هذه الأصداف لصنع 10 أمتار من الحرير، وتحدث معي عن الحياة الشاقة لإنتاج الحرير الذي لا تبيعه مطلقًا لأن ذلك في رأيها يعتبر نقضًا لعهدها مع الأرواح البحرية".

وواصلت حديثها: "تعتبر سردينيا موقعًا رائعًا لمشروع يضم مختبرًا وباحثين يتبع للمركز الأميركي حيث يتم تتبع العوامل الوراثية لأكبر مجموعة من المعمرين في أوروبا، وخصوصًا في المناطق التي كان يصعب الوصول إليها في السابق، وعاش ثلاثة من أجدادي حتى أواخر عمر التسعينات وتوفت جدتي في عمر 104 أعوام، وكان الأمر عاطفيًا عندما شاركت في حفلة عيد الميلاد المئوي لأحد أجدادي في سردينيا، وهو محاط بالعديد من الأحفاد وأبناء الأحفاد".

واستطردت: "عندما كنت طفلة كنت أرى جزيرة كابري من مسافة بعيدة، وكنت أرجو جدي للذهاب إلى هناك وإرساء الزورق في الميناء ليلًا بحيث يمكننا الخروج ليلًا إلى بيلا فيتا والحانات والنوادي الليلية التي تتميز بها كابري، إلا أن جدي كان يرى أن العطلة المثالية يجب أن تخلو من المشاركة في الأماكن المكلفة، وكانت جزيرة كابري مثيرة في فترة الخمسينات والستينات، حيث هبط معظم نجوم أوروبا وفنانيها هنا وأقاموا الحفلات وشربوا أيضًا، ويمكنني الآن أن أتفاخر بكوني زرت الجزيرة مع جاكي أوناسيس، ولكن اليوم أصبحت المسارات ضيقة في الجزيرة ما يعني عدم إمكانية الكثير من السياح لتجاوز هذه المسارات، ويمكن القول إن السكان المحليين كانوا أكثر فئة تستطيع التمتع بجزيرة كابري".

واسترسلت: "هناك مجموعة تدعى كاربي إز ماين تو، وقررت هذه المجموعة استعادة السيطرة على الفلل المهجورة من قبل الحكومة المحلية مع انخفاض الإيرادات، وكرست هذه المجموعة وقتها لإحياء المناطق التاريخية في كابري، والتقيت المجموعة في فيلا لايسيس، والتي كانت منزلًا للبارون السابق فيرسين، والذي وجد قبولًا لميوله الجنسية المثلية وعاش حياته في الجزيرة".

وتابعت أليكس: "أما جزيرة إيشسا فتضم العديد من الأرانب ولا أحد يمكنه تفسير سبب ذلك، وتناولت وجبة رائعة في مطعم فوكولاري مع المالك رايكاردو، وتناولت الكثير من النبيذ، والتقيت امرأة أرجنتينية تدعى سوزانا والتون، والتي أنشأت حديقة لدعم زوجها الملحن ويليا والتون بمكان ملهم للعمل فيه، وتأثرت كثيرًا بهذا المكان الذي لم أكن على علم بوجوده طوال أعوام سفري إلى إيطاليا، وجدت أيضًا المعهد الأوروبي للترميم، ويقع المقر الرئيسي في قلعة تعود إلى القرون الوسطى ولا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق جسر حجري من البر الرئيسي، ويمتلئ المعهد بالعديد من الشابات الجميلات الذين يعملون بصمت وتركيز شديد على مشاريعهم المختلفة".

وذكرت: "وقعت في حب جزيرة فليكودي عندما ذهبت إليها مع أحد أصدقائي في التسعينات، وعندما تقترب من الجزيرة عن طريق البحر يشبه شكلها شكل المرأة الحامل التي تتكئ على ظهرها، إنها واحدة من الأماكن التي لا يمكن مقاومتها ولذلك أشعر بخيبة الأمل بعد مغادرتها، ما زالت أذكر المطاعم بشكلها الأسطوري هناك، وتضم المطاعم هناك غرف نوم، ويقدم هناك نبيذ غير عادي وحصلت على أفضل وجبة لي طوال الرحلة من سمك التونة والحبار المقلي".

وأردفت: "أما جزيرة سالينا فلم يكن لدي أية أفكار مسبقة عنها وكانت هذه أول زيارة لها، وتنتج الجزيرة أفخم أنواع النبيذ، ووجدت أشجار العنب بفضل القوات البريطانية المتمركزة في ميسينا في 1800، ومكثت هناك في فندق فخم يدعى سيغنيوم، حيث يستخدم الفندق المنتجات المحلية فقط، وتناولت هناك الآيس كريم وجربت قناعًا لوجهي".

وأضافت: "كنت أعرف جزيرة صقلية بشكل أكبر من أي جزيرة أخرى في إيطاليا لأني زرتها مرتين في العشرينات من عمري في رحلة شملت الساحل والمناطق الداخلية، وتثير منطقة باليرمو هناك مخاوف المسافرين حيث تعرف بأنها منطقة المافيا، ومثل نيويورك في الأيام الخوالي كنا على حذر من الخروج في الزحام أو الوقوع في الأراضي الوعرة، وتعتبر المدينة نابضة بالحياة بشكل لا يصدقه عقل مع الوجبات الغذائية السامية والهندسة المعمارية الرائعة وجيل من السكان من الذين رفضوا الانحناء للمافيا متخذين موقف ضد قاتل جيوفاني فالكوني قاضي مكافحة المافيا في عام 1992 ".

وأكملت أليكس: "يمكن القول حاليًا أن صقلية تسيطر عليها المافيا، ولا يزال قصر غانجي في أيدي القطاع الخاص، وتم ترميمه طوال الأعوام الماضية من دون فلس من أموال الحكومة، وهناك أيضًا قصر فرساي على النطاق المحلي، وهناك فقط خمسة مساكن خاصة مثل هذه في أوروبا حيث يتم الاحتفاظ بجميع الأثاث والمقتنيات، وهناك شاهدت قاعة تصوير فيلم ليوبارد بطولة كلوديا كاردينال، ويقع قصر غانجي فوق التلال وسط مجموعة من حقول القمح والوديان الشجرية وسط جزيرة صقلية التي تضم مجموعة متشابكة من الشوارع القديمة والمساكن الضيقة وتبعد ساعة بالسيارة عن منتجع تشافلو الخلاب في الجنوب".

وأردفت: "لم تكن غانجي مدينة معروفة للعالم حتى تم انتخاب العمدة غيوسيبي فيراريلو منذ ثمانية أعوام، وعالج العمدة مشاكل هذه المدينة من خلال تعزيز جمالها الطبيعي الثقافي، وتصدى لهجرة السكان من المدينة، وعرض المنازل مقابل يورو واحد لأي شخص قادر على تجديدها ما ساعد في تعزيز اقتصاديات المدينة، وقمت بزيارة الآبار هناك وحظيت بإقامة استثنائية في مكان ضيافة مملوك للأستراليين والذين قاموا بترميمه، وزرت أيضًا عربة صقلية وقضيت يومًا ممتعًا هناك على العربة المرصعة بالجواهر ويجرها حصان، وشاهدت بعض العربات الملونة وهي تحمل البضائع من مكان ريفي إلى آخر".

وأفادت: "في النهاية يمكن القول إن هذه هي اكتشافاتي في إيطاليا الحديثة التي تكيفت مع الطرق القديمة في وئام، ومن أبرز ما التقيت في رحلتي بعض الأشخاص المتمسكين بإحياء العادات والتقاليد القديمة التي لا تتصل بمجتمعنا الحالي وطريقة معيشتنا اليوم، وكنت سعيدة ومندهشة أن إيطاليا ما زال يمكنها أن تفاجئني بعد أعوام عديدة والكثير من الزيارات".