باخرة "SS كاثرين"

خاض الرحالة البريطاني دافيس سيمبسون، مغامرة لاستكشاف تاريخ المدن المهمة في فرنسا وأبرزها مدينة ليون ومنطقة الخمور الشهيرة ببيون وبروفانس وبروجواندي، خلال رحلة مشوقة من ثمانية أيام.

وأوضح سيمبسون: "لقد كان المساء الأخير في رحلة الثمانية أيام في نهر يونيورلد في مقاطعة بروفانس، ومع آخر يوم متعة في الرحلة البحرية المدهشة، أكد علينا مدير الرحلة أنه لم يعد لدينا وقت، وربما تندهش من كم ما تركه فريق الضيوف خلفهم لدرجة أنها أشياء منسية قد تفتح بوتيك. وفي الصباح التالي نزلنا على رصيف ميناء ليون، وهنا كنا نتأكد أننا لم ننسى شيئًا وأن الحقائب تم تخزينها بأمان على متن الأتوبيسات التي ستقلنا إلى المطار ورحلتنا الجوية إلى أوطاننا".

وأضاف: "غادر الفوج الأول من الضيوف بتمام الساعة 3.15 صباحًا، وكان أرديان هناك ليلوح لهم بالوداع بعد رحلتنا البحرية التي بدأت من أول دقيقة نزلنا فيها على متن السفينة (SS) كاثرين في مدينة أفيغنون التاريخية قبل ذلك بأسبوع. ولثماني أيام شارفنا فيها رحلة رائعة عبر مناحي لا تنسى واستكشافات وإزاحة الستار عن تاريخ بعض المدن الهامة بالمنطقة، وكذلك رؤية بعض القرى الجميلة. كما كان بيتنا بالسفينة قطعة فنية حديثة حقًا، وهي السفينة التي تم إطلاقها منذ عام واحد مضى، وكان فريقها حريص على منحنا كل ما نرغبه".  
    
وتعتبر باخرة "SS كاثرين" واحدة من أحدث وأكبر سفن مجموعة يونيورلد التي تضم 27 سفينة فخمة تقوم برحلاتها البحرية حول العالم، وتضم السفينة 74 غرفة رئيسية، و5 أجنحة فاخرة وجناح ملكي وحيد، فهي تضمن جو حميم ومريح بالحفاظ على أقصى الإمكانيات لأعضاء فريق العمل المكون من 57 شخصا و159 ضيفا على متنها. 

وللانطباع الأول عن السفينة خصوصية هائلة، حيث أن طابقي الردهة بزجاجهم المورانو الثريا والحصان الخيالي ذا الحجم الطبيعي من الزجاج يقود إلى صالة فان جوخ، وتشعرك بأنك وصلت إلى قصر فيرسيل بما تحتويه من مقاعد وأثاثات مزخرفة على الطراز الباروكي.   

وتابع سيمبسون: "لقد كنت محظوظًا بما فيه الكفاية برحلة بحرية مثل الروماني أرموفيتش ولكن ليس كمثل الملك لويس الرابع عشر. لقد كانت تجربة ملكية بحق، ومن الماضي العتيق تتوقف فجأة لتعبر إلى قاعتك الفاخرة، والآن تتصادم مع كل شيء لأنه من طراز القرن الواحد والعشرين، بحوائط المرايات التي تعطي الغرفة إحساسًا باللانهائية والشباك الممتد ليسمح لك برؤية كل الجمال الذي تبثه فرنسا، فتنسل الرؤية بطول نهر رون & سان بلا جهد".

واسترسل: "كانت غرفتنا الفاخرة من الدرجة الأولى بالطابق الرابع ولها شرفة متكاملة وفريدة من نوعها، كما أن أبوابها المنزلقة الصخمة تفتح على بلكونة بها منضدة وكراسي للمضي واحتساء النبيذ في أوقات الفراغ، ولكن بكبسة زر واحدة سينخفض الجزء العلوي من زجاج النافذة المعتم، وفي هذا الوقت من السنة يكون الناموس والبعوض ناشطًا، فيسمح لك زر أخر بإنزال شبكة حماية تمنحك القدرة على النوم براحة مع بقاء الشباك مفتوحًا".

وأردف: "على بعد خطوات يوجد الحمام ونظام التدفئة تحت الأرضية الرخامية وهي لمسة أخرى فاخرة، بعدها يمكنك أن ترقد على السرير المزدوج الممدود وتشغيل نظام المتعة الناعم الذي يقدم محطات تلفزيون من كل بلدان العالم، لقد توخى تصميم يونيورلد كل تفصيلة على الباخرة المبهرة، بقيادة بياتريس تولمان لفريق المصممين، وهي شقيقة رئيس ومؤسس شركة يونيورلد بجنوب أفريقيا، ومجموعة فنادق ريد كارنيشن، وابنة أنطونيت".

وزاد: "بعد راحة ما بعد الظهر وتعودك على ما يوجد على متن السفينة والحياة الإجبارية لتدريبات السلامة، تبحر السفينة كاثرين 14 ميلًا داخل النهر إلى تارسكون حيث تجد هناك أول متعتك لتناول الأطعمة الشيقة وشرب النبيذ الذي سيتم وضعها كل صباح وظهر وليل".

واستدرك: "في أول صباح تكون مع أجهزتك في تارسكون حيث زيارة القرن الخامس عشر لتبلغ ذروتها وتستمتع بمنظر مثير على القرى والأرياف المحيطة من شرفة البرج، أو تأخذ جولة بمرشد سياحي من أرليز. وتعتبر أريلز هي أكبر قرية في فرنسا وبها وفرة من العمارة الرومانية ومن بينها مبنى الكولوسيوم الشهير، الذي حظي بتوصيف تراثه التاريخي العالمي من اليونسكو".

واستكمل: "بعدها تتبع تسلسلًا من المشاهد والرؤى حيث تبحر السفينة كاثرين لأعلى النهر بالعودة إلى أفيغنون بما تضمه من بعض المحلات الممتازة وقصر بوبس. وقرية فيفريس التي كانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية قديمًا وكانت معقلًا للنضال ضد الاحتلال النازي حديثًا".

واستطرد: "كما شملت الرؤى توران وتاين لارميتاج في أثار مرتفعات هرميتاج المشتعلة لغناها بالنبيذ الأحمر، ومدينة ليون الرائعة التي تم إحيائها على يد عمدتها الحالي والتي تشتهر بأنسجتها  وخاصة الحرير، وأخيرًا بيون في قلب بوراجندي وهي واحدة من أشهر مناطق العالم في صناعة النبيذ".

وأشار سيمبسون إلى أنَّ "التفاوض على الـ 14 محطة بالرحلة تعد مغامرة في حد ذاتها، فالقطة (كات) لأنها معروفة بمودتها كعرف في البناء، ولذلك قد يضغطها الكابتن باسكال ريتش في كل بوصة من 443 قدم في هذه الأعاجيب الهندسية. وكيف ينجح في استكمال الوظيفة بدونها حتى أنه يتم تنظيف الجوانب بمنتهى السهولة في لمح البصر. كما أن الجسور المنخفضة المتدلية أمرًا أخر، فمرة أخرى تجد نفسك تحبس أنفاسك حيث تكون على بعد بوصات قليلة فقط من تجنبها فوقكم، وتبحر كاثرين بطمأنينة. وفي بعض الأحيان يكون متوقعًا أن يتم إغلاق السطح العلوي ووضع الأثاث في شقة".

واستدرك: "في الوقت الذي ينتهي فيه كل شيء، سوف تعرف أنك اتبعت خطى فان جوخ وسيزان وغوغان، واستمتعت بخمور ومطابخ رون وبورغوندي التي لا تضاهى. واكتشفت العديد من الكنوز، من عجائب القرون الوسطى التي حددتها اليونسكو في أفيغنون حتى سوق المواد الغذائية بول بوكوس في ليون، وسيكون عليك أن ترتشف خيرة الأرميتاج في أقبية ميزون فيراتون، وتمتع نفسك في بالشوكولاتة في مركز فاليرونا التجاري، وترى عجائب العمارة الكاتدرائية في فيفريس، كما يمكنك الاستماع إلى تلاوة هاندل وباخ".

وأكمل: "في كل خطوة من الطريق يأخذك مرشد خبير إلى عصور الحياة والثقافة التاريخية لكل مكان تزوره، وتلقي الضوء في بعض زوايا فرنسا المظلمة وتتغنى صباحًا بالملاحم عن أعظم انجازات البلاد. وبالنسبة لي فإن ما سيخلد طويلًا في ذاكرتي هو ذلك الصباح الذي قضيناه مع مرشدتنا السياحية فرانسيس فينيدي في قرية فيفريس الجميلة بشوارعها الضيقة وميداينها الساحرة بفضل جوني ديب وجولييت بينوتش في الوصول إلى 2000 مربع شوكولاتة". 
 
وتذكر: "كانت مرشدتنا السياحية فرانسيس من باث، إلا أن لها أصولا فرنسية، وقد سحرتنا جميعا بحكاياتها ونوادرها، إلا أن الدعوة لزيارة واستكشاف منزلها التاريخي في رو أوفاريل، وتذوق الطريقة التي عاش بها الفرنسيون ولم يكن من المتوقع الخوض في انتشار الخمور المحلية والجبن، فقد كان ذلك امتياز لنا". 
    
وتعد شركة "يونيورلد" مصنفة كأفضل شركات خبيرة بالرحلات النهرية والبحرية، إلا أنه سيتم إطلاق شركة كريستال للرحلات النهرية الجديدة في العام المقبل، ومع ذلك فالباخرة التي تعد الأولى بين خمس بواخر فاخرة لا تمثل أي مخاوف للكابتن ريتش الذي يقول بكل ثقة: "نحن الأفضل والمنافسة ليست شيئًا سيئًا".

وبالتالي فإن السبب هو أن هناك العديد من الأفواج السياحية على متن يونيورلد، وبعضهم سيكونون على الرحلة الرابعة من العام. وكان هناك زوجان على متن الرحلة الممتدة من هذا العام، وكانوا يرتبون لتكرار الرحلة قائلين: "من الصعب تحسين أمر وصل إلى الكمال".