مدينة بنوم بنه

تحولت عاصمة كمبوديـا "بنوم بنه Phnom Penh" من مدينة للأشباح إلى واحدة من البلدان الآسيوية ذات النمو المطرد، في أعقاب الطفرة التي شهدتها في البناء، عبر ظهور مراكز التسوق الجذابة والبنايات الشاهقة الفخمة ذات الخمس نجوم.
 
وعند دخول أول مركز تسوق ضخم في كمبوديا وهو "إيون Aeon" والذي تم بناؤه في قلب مدينة "بنوم بنه Phnom Penh"، نجد أن المتسوقين يتوافدون من أجل مشاهدة أحدث تشكيلة من الملابس للعلامة التجارية الشهيرة Levi's وكذلك حقائب اليد لجيوردانو Giordano إلى جانب التقاطهم بعض صور السيلفي التذكارية أمام شجرة عيد الميلاد الضخمة.
 
وإذا كان المشهد يبدو مألوفا في معظم أنحاء جنوب شرق آسيا، فإنه لم يكن موجودا من قبل في كمبوديا التي يعيش بها نحو 20% من السكان على أقل من 85 ريال ( أي ما يعادل 1.25 دولار) في اليوم، فنجد أنه وبالرغم من انتشار الفقر، فإن فئة النخبة والمتوسطة سريعة النمو وتبحث بشكل متزايد عن وسائل محلية لإنفاق أموالها الخاصة.
 
ومن جانبها، أعربت الطالبة الجامعية الثرية بوبا (20 عاما) عن سعادتها بالنمو الذي تشهده المدينة التي باتت تضم مركزاً تجارياً حديثاً، مشيرة إلى أن عائلتها أنفقت ما يزيد على 700.000 جنيه إسترليني (مليون دولار) في بيع أحد الأراضي مؤخرا. وأضافت بوبا بأنها اعتادت السفر إلى تايلاند وسنغافورة من أجل القيام برحلات للتسوق، لكن بلادها الآن أصبحت تضم بنايات شاهقة وتسير على نفس نهج البلاد الآسيوية المتطورة.

وأنشأ هذا المركز التجاري اليابانيون بتكلفة 135 مليون جنيه إسترليني ( 200 مليون دولار ) ويعد واحدا من بين عشرات المجمعات التجارية الجديدة والمشاريع السكنية والفنادق التي تدخل بها "بنوم بنه" عهدا جديدا من الرخاء الاقتصادي في السنوات الأخيرة.
 
وتحل عاصمة كمبوديا في المرتبة الثانية بعد لاوس Laos في شرق آسيا، والتي تتميز هي الأخرى بأسرع معدل للتوسع المكاني في المناطق الحضرية وفقاً للبنك الدولي. ومن المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 6.9% هذا العام.

وبالرجوع إلى كمبوديا، نجد أن الحكومة وجهت استثمارات بقيمة 1.15 بليون جنيه إسترليني ( 1.75 بليون دولار) في الأشهر التسع الأولي من عام 2015 بزيادة قدرها 13.7 في المائة ع العام السابق. بيد أن العديد من المنافسين الجدد في سوق البناء هم مطورين من اليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة.
 
وفي عام 2014، تم الانتهاء من بناء أول ناطحة سحاب في كمبوديا، والتي تم تصميمها على شكل "تنين" يتضمن مبادئ فنج شوي الصينية التقليدية. بينما على بعد بضعة أميال نجد المؤسسة المحلية للاستثمار، التي تم بناؤها على النمط الفارسي.
 
وكانت "بنوم بنه" واحدة من أجمل المدن في جنوب شرق آسيا إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وذلك بفضل البنايات التي على النمط الأوروبي إلى جانب الحدائق المشذبة بعناية والمنازل الفخمة الخلابة. إلا أنه بعد عقود قليلة، تحولت المدينة الصاخبة إلى مدينة أشباح إثر إجلاء مليوني شخص من منازلهم من قبل الجيش الوحشي "لبول بوت" الذي استولي على العاصمة وقتها.
 
وعقب الإطاحة بالنظام الشيوعي المتطرف عام 1979، عادت الحياة إلى المدينة مرة أخرى. لكن التطور الكبير والازدهار لهذه المدينة لم يظهر إلا خلال السنوات الأخيرة. ويخشى البعض من أن يؤدي إتمام مشاريع بناء جديدة إلى تدمير التراث المعماري والثقافي الذي تتميز به "بنوم بنه"، حيث الفيلات والبنايات الضخمة من الحقبة الاستعمارية.