"التاكسي الطائر" يحقّق حلم التنقل

إذا كنت تعتقد أن النقل في المستقبل سيكون مجرد سيارات كهربائية ومركبات ذاتية القيادة، فربما عليك التفكير مرة أخرى، فبالتأكيد، السيارات الخالية من البنزين، ذاتية القيادة، ستستحوذ على المستقبل وبشكل كبير، فنحن في أعماق مرحلة اختبار السيارات التي تصل إلى المستوى الأوتوماتيكي الرابع (المستوى الخامس يعني أنها ذاتية القيادة تماما)، ومع ذلك، فإن تقنيات النقل الأخرى التي ربما نجدها في المستقبل، تهدف إلى ترك الطريق خلفها وأخذ الركاب فوق مشاحنات السيارات وحركة المرور، وتوصيلهم إلى وجهاتهم عبر الجو.

ففي حين أن السيارة الطائرة التي ظهرت في الجزء الثاني من فيلم "Back to the Future" الشهير، ربما قد تأخرت بضع سنوات للظهور، إلا أن العقد المقبل سيشهد ثورة لا مثيل لها في وسائل النقل الجوية .

ما هو التاكسي الطائر؟

تقليديا، غالبا ما يتم الخلط بين مصطلح "التاكسي الطائر" وخدمات النقل المعروفة باسم "التاكسي الجوي" بينما يعني هذا الأخير، الطائرات الصغيرة أو المروحيات الصغيرة التي تنقل ركابها مسافات قصيرة، من مدينة إلى أخرى، عادة من مطار إلى آخر، لكن المصطلح الحديث يعني الطيران على متن سيارة أجرة، للقيام برحلة قصيرة المدى في نفس المدينة، ما يجعل مفهوم سيارة الأجرة الطائرة فريد من نوعه، وقابل للتجدد في بيئة حديثة، ما يعني قدرة السيارة الطائرة على الإقلاع والهبوط في أي مكان فلا يوجد مطار ضروري.

وبفضل الصعود والهبوط الرأسي، فإن الطائرات التي يجري اختبارها حاليًا أقرب إلى المروحيات، ولكن التصميم لا يقتصر فقط على طرق الطيران المعروفة ففي الواقع، بعض النماذج الأولية تشبه الآن الطائرات دون طيار كبيرة الحجم ذات الكابينة التي تعتمد على مجموعة من الدوارات الصغيرة.

وتحمل العديد من التصاميم حفنة من الركاب - من عدد قليل يصل إلى اثنين حتى بين خمسة وسبعة، ولا تشمل الطيار في التصاميم ذاتية القيادية، وفي الواقع فإن رحلة الطيران بدون طاقم لا تزال تبعد ما بين عقد أو عقدين من الزمن لتحقيقها، ولكن مثل هذه السيارة الطائرة التي تعمل بدون سائق، فربما لن تحتاج في المستقبل إلى طاقم.

ومع ذلك، فإن الحجم الصغير هو مفتاح التقنية التي تضيف ميزة مهمة إلى شبكات النقل المزدحمة بالفعل. كما أن الخطة بالنسبة للكثير من هذه النسخ الكهربائية، هو القضاء على الضوضاء وإزعاجات المحرك الذي يعمل بالغاز والهروب من الازدحام المروري.

وبالارتفاع فوق الطرق والشوارع الملتوية، تستخدم سيارات الأجرة الطائرة كل جانب من جوانب البيئة الحضرية. من المستوى الأرضي (في بعض المناطق) إلى المجال الجوي بين أو فوق المدن المتوسطة والمباني العالية الارتفاع إلى أسطح هذه البنايات نفسها، فإن التكنولوجيا التي تدعمها ستستفيد بلا شك من مجالها التشغيلي كما تدعو معظم المقترحات أن ستخدم أسطح البنايات في الانتقال وتكون منصات الإطلاق والهبوط لشبكة سيارات الأجرة الطائرة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن خدمة سيارات الأجرة جوًا من أجل إيصال الركاب من نقطة إلى نقطة أخرى داخل مدينة مكتظة بالسكان لن تتوقف عند حدود المدينة، فهناك أيضا خططا من شأنها أن توسع هذا الامتداد، وتجعل السيارة الطائرة تحلق على مسافات قصيرة، ورحلات جوية منخفضة بين المدن المترابطة عن كثب.

وتعتبر الأماكن على بُعد ساعة بالسيارة من بعضها البعض، مثل دالاس إلى فورت، وورث أو بالتيمور إلى واشنطن العاصمة، من بين المناطق المرشحة لتفعيل الخدمة. ومع ذلك، توفر رحلات الطيران أيضًا الفرصة للوصول إلى مناطق محلية مثل بوسطن ونيويورك أو لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو.

أكثر من مجرد سيارات طائرة

على الورق يبدو المشروع بسيطًا بما فيه الكفاية، ولكن الواقع شيء مختلف، وتعتبر شركة "أوبر"- Uber، وهي شركة عملاقة تعمل على تطوير نظام النقل، واحدة من أبرز المنافسين للحصول على سيارة أجرة تعمل مع برنامجي Elevate و UberAir.

وبالشراكة مع وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تعمل شركة أوبر على طرح سيارات الأجرة ذاتية القيادة في عام 2020 في دالاس فورت وورث ولوس أنجلوس ودبي. إنه هدف كبير بالنظر إلى أن شركة أوبر لا تزال في مرحلة التصميم ولا يزال عليها إنتاج نموذج فعلي للعمل، لتوسيع النطاق .

وقال جيف هولدن، رئيس الانتاج في شركة أوبر"هناك قدر كبير من التقدم الذي كان يصعب رؤيته ونظرا للعمل الشاق ربما حققنا انجازا سوف نراه على أرض الواقع في 2020"، وأضاف "لقد كانت عملية مثيرة للاهتمام حقًا أن نجح شركاءنا في تصنيع السيارات في التوافق مع مواصفات الأداء حتى يتمكنوا من بناء المركبات التي تتوافق مع ما نحتاجه لجعل شركة Elevate ناجحة. الكثير من التقدم الجيد نراه على أرض الواقع".

وبالتوسع في بروتوكولات إدارة حركة المرور أو UTM، تساعد وكالة ناسا على تثبيت البنية التحتية للشركة، علما أن نظام UTM يساعد حاليا على تقوية الطبيعة الجامحة لصناعة الطائرات بدون طيار المتنامية. ونظريًا، ستؤدي UTM التابعة لوكالة ناسا إلى إنشاء نظام جديد تمامًا للتحكم في الحركة الجوية لتوجيه رحلات سيارات الأجرة.

وعلى الرغم من أن تمويل مثل هذه المشروعات التي تدعم النقل الجوي ذاتي القيادة، لم يُولد بنفس الدعاية مثل تلك الخاصة بنظرائها من مشروعات السيارات الأرضية، فإن أوبر بعيدة كل البعد عن المنافسة، حيث تعمل أكثر من 15 شركة مختلفة لتحقيق أهداف مماثلة، وفي كثير من الحالات، تتدفق الكثير من الدولارات الاستثمارية على هذه الجهود لإخراجها إلى النور.

وعلى سبيل المثال، تختبر "Kitty Hawk" وهي شركة ناشئة وممولة بالكامل من قبل Larry Page، المؤسس المشارك لشركة "غوغل"، في الوقت الحالي مشروعا ترفيهيًا في نيوزيلندا يهدف إلى إطلاق سيارات الأجرة الطائرة خلال السنوات الثلاث المقبلة، ومن بين الشركات الأخرى التي ترغب في الدخول في هذا المجال، "بوينغ" و"إيرباص".

واشترت بوينغ شركة Aurora لخدمات الطيران، في أواخر العام الماضي لتطوير كل من برامجها التجارية والعسكرية بطيران كهربائي ذاتي القيادة، وأشار جريغ هيسلوب، رئيس مكتب التكنولوجيا في بوينغ إلى أن الصفقة تعكس "أن صناعة الطيران سوف تتغير" وأن "بوينغ" تهدف إلى الاستعداد "لأي مستقبل قد يكون."

من جانبها، أبرمت إيرباص اتفاقا مماثلا، للاستثمار في شركة Blade الناشئة، التي اطلقت بالفعل رحلات الطيران الأجرة، بالإضافة إلى برنامج Vahana المتوفر في إيرباص.

في مكان آخر، فإن شركة Volocopter وهي شركة متخصصة في تصنيع الطائرات المروحية المدنية الخفيفة ذاتية القيادة والتي تعمل بالطاقة الكهربائية، قد بدأت منذ ما يقرب من عشر سنوات في تطوير ما يشبه المركبات الطائرة والتي تعتمد آلية عمل شبيهة بالطائرات المروحية العمودية، وكذلك التاكسي الطائر، وخلال معرض CES لهذا العام أزيح الستار عن المركبة الطائرة 200VC Volocopter وشهد المعرض أول رحلة للمركبة الطائرة الجديدة في قارة أميركا الشمالية، كما شهد المعرض أيضا ظهور بريان كرزانيتش المدير التنفيذي لشركة انتل إلى جانب فلوريان رويتر المدير التنفيذي لشركة Volocopter،خلال العرض الخاص بالمركبة والإعلان عن شراكة بين الشركتين.

كما أن دبي لديها شراكة مع شركة EHang الصينية، التي تنبع طموحاتها الخاصة بتسيير السيارات الطائرة الأجرة، وحتى الشركات المصنّعة للأجزاء والمكونات الخاصة بالطائرة تلعب دورا محوريا في جعل المركبات الطائرة حقيقة واقعة وليست مجرد خيال.

وتمتلك شركة "رولز-رويس" لصناعة المحركات البريطانية أنظمة دفع يتم تطويرها لاستخدامها في سيارات الأجرة الطائرة. انهم يأملون في الحصول عليها في وقت ما في غضون العقد المقبل كما أن بعض شركات تصنيع السيارات تدخل المنافسة مثل بورش التي تعتمد المراحل الأولى.

وبغض النظر عما إذا كان يمكن أن نجد تلك السيارات تتزاحم في سماء المدن في الواقع في أي وقت خلال السنوات القليلة المقبلة، فالمستقبل يعتمد عليها بشكل كبير والأمر ليس إلا مسألة وقت، وعلى الرغم من أن المنتج الأولي قد يكون مختلفًا بعض الشيء عن الرؤية الأصلية، إلا أن قلة من الناس سوف يجادلون بأنه إذا حدث أخيرًا، فإن واحدًا من أطول خيالات التقدم المستقبلي أصبح أخيرا حقيقة.

قد يهمك أيضاً :

شركة بي إم دبليو تسجل 3 سيارات كهربائية

"كريم" دبي توفر سيارات كهربائية لعملائها