واشنطن ـ مصر اليوم
لم يتوقع أكثر المتفائلين من الديمقراطيين قبل الثالث من تشرين الثاني الماضي أن حزبه سينتصر مرتين في جورجيا، الولاية الجنوبية الحمراء التي تسكنها أغلبية بنحو ستين في المئة من الأميركيين البيض.لكن ذلك ما حدث عندما تفوق الديمقراطي جو بايدن على الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة بفارق 11,780 صوت فقط، وعندما فاز القس الديمقراطي ريفيراند رافائيل وورنوك على الجمهورية كيلي لوفلر، والديمقراطي جون أوسوف على الجمهوري ديفيد بيردو في انتخابات مجلس الشيوخ الأميركي، فكيف حدث ذلك؟
رغم اختلاف السباقين، الرئاسة ومجلس الشيوخ اتبع الديمقراطيون نهجاً يشجع على التصويت في صفوف الأقلية الأكبر في الولاية التي يمثلها الأميركيون السود خاصة في المدن الكبرى مثل أتلانتا وسافانا، إلى جانب استقطاب الأصوات الشابة في صفوف الأغلبية البيضاء في الولاية. إذ قادت ستاسي إبرامز الناشطة السياسية الديمقراطية الخاسرة في السباق إلى حاكم الولاية قبل سنوات حملتين؛ الأولى تشجع على التصويت دون إطار حزبي تحت اسم "مشروع أتلانتا الجديدة"، والثانية تحت اسم "المعركة العادلة" لحشد الدعم للديمقراطيين في الانتخابات عبر حملات تمويل ودعاية تغادر المناطق الحضرية إلى جوارها لحشد مزيد من الأصوات.
يقول غريغ بالاست الباحث في آليات ضمان نزاهة الانتخابات إن التشجيع على التصويت في جورجيا يصب غالبا في صالح الديمقراطيين إذ إن كثيرين من المهمشين لا يهتمون بالتصويت لكنهم إن فعلوا فلن يصوتوا للجمهوريين إما لأسباب عرقية أو ثقافية أو اقتصادية ترتبط بالنظر إلى الجمهوريين في الولاية على أنهم أغنياء لا يكترثون للفقراء.
ويضيف بالاست أن تعيين الجمهورية لوفلر بشغل أحد مقعدي الولاية في مجلس الشيوخ من قبل حاكم الولاية الجمهوري بريان كيمب بعد تنازل السيناتور السابق جوني إيزاكسون يوضح كيف أن الجمهوريين تخلوا عن الفقراء والأقليات في جورجيا. وكيلي لوفلر سياسية وسيدة أعمال تملك أحد الفرق المهمة في دوري كرة السلة الأميركي للسيدات ويشغل زوجها جيفري سبريتشر منصب المدير التنفيذي في شركة باكت المتخصصة في تداول العملات الأجنبية.
لم تكن جهود الديمقراطيين لتنجح في انتزاع جورجيا دون خلافات قسمت الحزب الجمهوري وخرجت إلى العلن. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب وإن خاض معركة متقاربة في الولاية من أجل الرئاسة، فتح نيران انتقاداته على حاكم الولاية الجمهوري بريان كيمب وسكرتير الولاية براد رافينسبيرغر ووصفهما بأنهما جمهوريان بالاسم فقط، وهو مصطلح درج ترامب على استخدامه ضد خصومه داخل حزبه.
إصرار ترامب على وجود تزوير في انتخابات الرئاسة دفعه إلى مربع المواجهة مع السلطات الجمهورية في جورجيا بينما كان الديمقراطيون يحشدون مزيدا من الأصوات لصالح مرشحيهم لمجلس الشيوخ، وفق ما قال مسؤول الانتخابات في الولاية، الجمهوري غابريال ستيرلينغ. تصريحات ستيرلينغ أثبتت صحتها بعد أن فاز مرشحا الديمقراطيين بمقعدي الولاية وإن بفارق بسيط عن منافسيهما الجمهورييْن.
وبينما سيحاول الجمهوريون تعويض خسائرهم في الانتخابات النصفية عام 2022، لن يكون بمقدورهم تغيير لون الولاية في الانتخابات الرئاسية إلا بعد أربع سنوات، أو ممثليْهم في مجلس الشيوخ إلا بعد ستة أعوام. وحينها سيتطلب الأمر خطابا مختلفا لإقناع الناخبين. لا يكتفي باتهام خصومهم الديمقراطيين بالتطرف والاشتراكية، بل يقوم على خلافات داخلية أقل وبرنامج يلامس أولويات سكان الولاية ويتضمن الوظائف والتعليم والرعاية الصحية، الملفات التي تصدرت أولويات ترامب في 2016 ففاز، وسقطت من أجندته في 2020 فسقط وسقط معه الجمهوريون.
وقد يهمك أيضًا:
اعتراضات داخل مجلس الشيوخ الأميركي على نتيجة فوز بايدن في أريزونا