بكين -مازن الأسدي
تمسّك الرئيس الصيني شي جينبينغ باستراتيجيته المثيرة للجدل "صفر كوفيد"، مع انطلاق أعمال مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي في العاصمة الصينية بكين .. وفيما وصف بتجاوز للتقاليد المعمول بها منذ عقود، من المرجح أن يمنح المندوبون الرئيس شي فترة ولاية ثالثة كزعيم للحزب.
ووصف الرئيس استراتيجية "صفر كوفيد" بأنها "حرب شاملة من أجل وقف انتشار الفيروس".
وأنقذت هذه السياسة الأرواح، لكنها ألحقت أيضا خسائر فادحة بالشعب الصيني والاقتصاد.
وهناك إجهاد عام متزايد من عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على التنقل.
شي جينبينغ الأكثر سطوة بعد ماو تدخل أفكاره دستور الصين
البحث عن متظاهر غامض في بكين كان يطالب بإزاحة الرئيس الصيني
وخضعت بكين لإجراءات أمنية مشددة قبل المؤتمر، ما أثار إحباطا في المدينة مع احتجاج عام نادر ودرامي يوم الخميس، شهد توجيه انتقادات لشي وسياسة "صفر كوفيد".
وتطرق شي في المؤتمر إلى قضية تايوان - التي تطالب بها الصين كجزء من أراضيها. وتعتبر تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي نفسها مختلفة عن بر الصين الرئيسي.
وتحدث شي، ببطء وبشكل متعمد، قائلا إن بكين "لن تتعهد أبدا بالتخلي عن استخدام القوة" وأن "إعادة التوحيد الكامل لبلدنا يجب أن تتحقق وستتحقق"، ما أثار تصفيقا حارا من المندوبين.
وبالنسبة لهونغ كونغ، قال شي إن بكين فرضت سيطرتها هناك، وحولت الوضع من "الفوضى إلى الحكم". وكانت بكين قد فرضت قانون أمن قومي كاسحا على الإقليم بعد مظاهرات مؤيدة للديمقراطية في عام 2019.
كما أشار شي إلى الانقسامات داخل المؤسسة السياسية في الصين، قائلاً إن حكمه "أزال الأخطار الخفية الخطيرة في الحزب".
ومنذ وصوله إلى منصبه، أشرف شي على حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد طالت أعلى المستويات في الحزب. لكن النقاد صوروها على أنها تطهير سياسي.
وقال شي إن الصين ستسرع في بناء جيشها، مشيرا إلى مصطلحات من قبيل "الأمان" أو "الأمن" حوالي 73 مرة.
وكان الخطاب، الذي استغرق أقل من ساعتين، أقصر بكثير من خطابه في المؤتمر الماضي في عام 2017.
ومن المحتمل أن تكون تصريحاته قد خضعت لتدقيق لعدة أشهر. ومن المتوقع أن يعكف المحللون على البحث عن أي إشارات إلى حدوث تحولات في السياسة.
ويجتمع حوالي 2300 مندوب لانتخاب قادة الحزب ومناقشة السياسات الرئيسية.
ومن شأن حصول شي على فترة ثالثة كزعيم للحزب الشيوعي الصيني، أن تمهد الطريق له ليصبح أقوى زعيم منذ ماو تسي تونغ.
وخلال فعاليات المؤتمر، من المتوقع أيضا أن ينتخب المندوبون عدة قادة، بما في ذلك أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي - وهو بمثابة مجلس وزراء رئاسي.
وفي الماضي، كان يُنظر إلى المؤتمر، الذي يعقد مرتين في العقد، على أنه فرصة للقادة لترقية مؤيديهم، إذ كانوا يتنافسون على زيادة قوة فصائلهم داخل الحزب.
لكن المراقبين يقولون في هذه الأيام إنه يبدو أن هناك فصيلا واحدا فقط في المؤتمر العشرين للحزب - وهو فصيل شي.
وفي إشارة واضحة على هذا التوحيد للسلطة، أصدر كبار قادة الحزب الشيوعي الصيني بيانا قبل أيام يؤيدونه باعتباره "صميم" الحزب والقيادة. كما دعوا الحزب إلى الاتحاد بشكل أوثق خلفه.
ويشغل شي حاليا أقوى ثلاثة مناصب في الصين - الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس القوات المسلحة في البلاد، والرئيس. ومن المتوقع أن يجدد فترة ولايته لأول منصبين في المؤتمر.
ولا يوجد حد أقصى لعدد فترات تولي قيادة الحزب. لكن لم يتولى أي زعيم باستثناء ماو، مؤسس الصين الشيوعية، القيادة لفترة ولاية ثالثة.
وكان هناك حد لعدد مرات تولي الرئاسة من فترتين في دستور البلاد، الذي وضعه المصلح دنغ شياو بينغ لمنع ظهور شخصية تشبه ماو.
لكن شي نجح في إلغاء هذا القيد. ففي عام 2018، ألغى البرلمان الصيني القانون، ما سمح لشي فعليا بالبقاء في منصب الرئيس طالما شاء.
ومنذ توليه السلطة في عام 2012، قاد شي الصين على مسار كان طموحا واستبداديا بشكل متساو.
فقد دفع باتجاه تحقيق "إنعاش كبير للأمة الصينية"، الأمر الذي جعله يهتم بالإصلاح الاقتصادي، والحد من التلوث والتقليل من حدة الفقر.
كما شن حملات على الأويغور في شينجيانغ والمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ.
لكن شي لا يزال يواجه العديد من التحديات، مثل بطالة الشباب، والاقتصاد المتباطئ، وأزمة العقارات المستمرة - وبالطبع سياسية "صفر كوفيد".
وسيراقب الكثيرون أيضا المؤت لمعرفة ما إذا كان سيكون هناك أي تغيير في السياسة الخارجية لبكين، خاصة تجاه القوة العظمى الأخرى في العالم، الولايات المتحدة.
وأدت محاولات شي لتوسيع نفوذ الصين في الخارج، من خلال مبادرة "الحزام والطريق" والمطالبات في بحر الصين الجنوبي ودعم روسيا في حرب أوكرانيا والتدريبات العسكرية الأخيرة حول تايوان، إلى زيادة التوترات مع الولايات المتحدة ودول أخرى.
ومع بقاء شي على رأس القيادة، ستظل كل هذه المصالح أساسية. غير أن بعض الخبراء يعتقدون أنه قد يخفف من نهج الصين في بعض الجوانب من أجل التمتع بعلاقات تجارية أفضل مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين.
قـد يهمك أيضأ :
مايك بومبيو يُحمل "بكين" مسؤولية الاشتباك الحدودي مع الهند
السيسي يؤكد حرص مصر على جذب الاستثمارات الصينية وتعزيز التعاون المشترك