واشنطن ـ يوسف مكي
بعد فشل المباحثات بين موسكو وواشنطن، الأسبوع الماضي لنزع فتيل الأزمة بشأن أوكرانيا، فإن تقديرات البيت الأبيض تؤكد أن روسيا تخطط لتفجير الوضع هناك لخلق ذريعة للغزو.
فيما تجري إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحلف شمال الأطلسي "الناتو" تحليلات حول كيف يمكن أن تبدو الأشهر القليلة المقبلة، لكنهم قلقون بشدة من مجموعة أخرى من الخيارات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهي خطوات بعيدة المدى أكثر من مجرد الدفع بقواته ودروعه على حدود أوكرانيا.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن بوتين يريد توسيع مجال نفوذ روسيا ليشمل أوروبا الشرقية وتأمين الالتزام بعدم توسيعه مجددا، مضيفة أنه إذا فشل بوتين في الوصول إلى هذا الهدف، كما اقترح بعض مساعديه على هامش المفاوضات الأسبوع الماضي، فسوف يسعى وراء مصالح روسيا الأمنية مع نتائج ستشعر بها أوروبا والولايات المتحدة بشكل جدي.
وبحسب التقارير كانت هناك تلميحات لإمكانية نقل الأسلحة النووية الروسية إلى أماكن ربما ليست بعيدة عن ساحل الولايات المتحدة والتي من شأنها تقليل أوقات التحذير بعد إطلاق الصواريخ إلى أقل من خمس دقائق مما قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة شبيهة بأصداء أزمة الصواريخ الكوبية 1962.
وقال ديمتري سوسلوف المحلل في موسكو الذي قدم عرضًا مغلقًا عن المواجهة أمام المشرعين الروس الشهر الماضي: "إن الغزو الروسي الافتراضي لأوكرانيا لن يقوض أمن الولايات المتحدة". وأضاف "المنطق العام للأفعال الروسية هو أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هما اللذان يجب عليهما دفع ثمن باهظ".
وأصدرت إدارة بايدن تحذيرات من عقوبات مالية وتكنولوجية إذا نفذ الكرملين تهديداته لا سيما فيما يتعلق بأوكرانيا. مؤكدة أنه رغم كل الحديث عن نقل أسلحة نووية أو استخدام هجمات غير متكافئة، لم تر الولايات المتحدة حتى الآن سوى القليل من الأدلة على هذه التهديدات.
وفي إحاطة إعلامية بالبيت الأبيض، قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي، إن "الولايات المتحدة وحلفاءها مستعدون لأي طارئ وأي احتمال".
وأوضح تقرير "نيويورك تايمز" أن السيناريو الأكثر وضوحا ربما ليس للاستيلاء على البلاد بأكملها ولكن لإرسال قوات إلى المناطق الانفصالية حول مدينتي دونيتسك ولوهانسك، أو للتحرك على طول الطريق إلى نهر دنيبر.
في حين يدرس البنتاغون "خمسة أو ستة خيارات مختلفة" لمدى الغزو الروسي المحتمل، كما أفاد أحد كبار المسؤولين الصحيفة. ورصد الباحثون العديد من العلامات على شحن معدات عسكرية روسية إضافية غربا بالقطار من سيبيريا.
وصرّح مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، جيك سوليفان، الأحد "نتشاور عن كثب" مع حلفاء واشنطن و"سنكشف المزيد عن الخطوات الدبلوماسية التالية مطلع الأسبوع المقبل".
وأضاف "لكن المهم أننا مستعدون لكل الاحتمالات.. إذا أرادت روسيا الاستمرار في المسار الدبلوماسي، فنحن مستعدون تماما لذلك، جنبا إلى جنب مع حلفائنا وشركائنا. وإذا اختارت روسيا طريق الغزو والتصعيد، فنحن مستعدون لذلك أيضا برد حازم".
وأكدت كييف الأحد أن لديها "أدلة" على تورط موسكو في هجوم إلكتروني واسع النطاق استهدف مواقع حكومية أوكرانية عدة، في حين نفى الكرملين أي تورط روسي.
وقال جيك سوليفان في هذا الصدد "لن أفاجأ على الإطلاق إذا اتضح أن روسيا مسؤولة".
كما أردف المسؤول الكبير في البيت الأبيض "لم نحدد بعد المسؤولين عن هذا الهجوم"، مضيفا "نعمل جاهدين لتحديد المسؤول".
وحذر من أنه "إذا اتضح أن روسيا هي التي تستهدف أوكرانيا بهجمات إلكترونية وإذا استمر ذلك في المستقبل، فسنعمل بالطبع مع حلفائنا على استجابة مناسبة".
فيما أشار إلى أن بلاده حذرت منذ "أشهر" من احتمال أن يستخدم الروس القرصنة الإلكترونية للدفع إلى مزيد من "التصعيد في أوكرانيا". وقال "هذا جزء من استراتيجيتهم، لقد فعلوا ذلك في الماضي في سياقات أخرى".
لكن الكرملين جدد الأحد التأكيد أنه لا يريد "القيام بعمل عسكري"، محذرا في الآن نفسه من "ردود" إذا لم يوافق حلف شمال الأطلسي على تعديل سلوكه العسكري في جوار روسيا.
وتتهم واشنطن موسكو بحشد نحو مئة ألف عسكري على الحدود الأوكرانية والرغبة في إيجاد "ذريعة" لشن غزو محتمل.
وأكدت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، السبت، الالتزام بالدبلوماسية والحوار المتبادل مع روسيا.
جاء ذلك خلال الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ.
ودعا وزير الخارجية الأميركي والأمين العام للحلف روسيا إلى اتخاذ إجراءات فورية من أجل خفض التصعيد بشأن أوكرانيا.
والجمعة، حددت روسيا مسارا لحل خلافاتها مع الدول الغربية وأمريكا أساسه "الاحترام المتبادل"، غير أنها لوحت في الوقت نفسه باستخدام طرق مختلفة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول نتائج عمل الدبلوماسية الروسية خلال عام 2021.
وقال لافروف: "نريد حل المشاكل مع الغرب على أساس الاحترام المتبادل وتوازن المصالح"، غير أنه أكد على أن رد بلاده "قد يكون مختلفا تماما" في حال رفضت الولايات المتحدة ضمان عدم توسع الناتو.
وهدد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، روسيا باتخاذ إجراءات اقتصادية قاسية ضدها إذا ما اتخذت قرارا بغزو أوكرانيا.
وكانت أوكرانيا قد رحبت بالجهود الدولية ومن بينها روسيا لخفض التوتر بين موسكو وكييف، في مؤشر على ما يبدو على تقدم في المباحثات.
يأتي ذلك فيما أجرت روسيا وأميركا محادثات في جنيف الإثنين الماضي، اتفق خلالها المسؤولون الروس والأميركيون على مواصلة الحوار، من دون تسجيل أي اختراق يذكر.
وتصاعدت حدة التوتر بشأن أوكرانيا في الأشهر الأخيرة مع اتهام واشنطن وحلفاء كييف الأوروبيين، روسيا بالتحضير لغزو هذه الجمهورية السوفياتية السابقة بعدما حشدت قوات كثيرة عند حدودها.
وطالبت موسكو بضمانات أمنية واسعة من واشنطن ومن دول حلف شمال الأطلسي فيما تصر على أنها تلقت في السابق تعهدا بأن حلف شمال الأطلسي لن يتوسع ليضم أوكرانيا وجورجيا.
قد يهمك ابضا
محادثات أميركية ـ روسية مرتقبة بشأن أزمة أوكرانيا وواشنطن تحذر من تضليل موسكو
أميركا تؤكد أنه "من المبكر" معرفة جدّية روسيا بشأن خفض التوتر في أوكرانيا