تونس - مصر اليوم
توالت في الشارع التونسي، خلال الأسبوع الجاري، عدة مواقف ضد حركة "النهضة"، وسط توقعات بأن يؤدي الانهيار المتسارع في شعبية "الإخوان" إلى الانتهاء من المشاهد السياسي بدون رجعة. الضربة الأولى تلقتها حركة النهضة، الجمعة الماضية بعد دعوة رئيسها راشد الغنوشي إلى انعقاد البرلمان بالتحدي لقرارات الرئيس قيس سعيد، لكن الحركة فشلت في حشد المتظاهرين. في غضون ذلك، احتشد الآلاف أمام البرلمان، يومي الجمعة والسبت، لمنع نواب الإخوان من دخول المبني، وفي اليوم التالي، الأحد، احتشد ملايين التونسيون في الشارع دعماً لقرارات الرئيس التي أعلنها في 25 تموز / يوليو الماضي، وطالبوا بحل البرلمان وأكدوا رفضهم القاطع لعودة الإخوان للمشهد. وفي ظل حالة الرفض الشعبي للإخوان، تشهد الحركة انهيارا داخليا متكاملا بعد تزايد أعداد المستقيلين من الحركة على خلفية الخلاف مع راشد الغنوشي واتهامه بالفشل، وذلك بالتزامن مع ضغوط من جانب قيادات بالتنظيم الدولي طالبت باستقالة الغنوشي وتجميد نشاط الحركة السياسي لفترة، فيما يقف الأخير عاجزاً عن تقديم أي حلول.
الضربة الثانية والثقيلة تلقتها النهضة، صباح يوم الأربعاء، بعد أن أصدرت محكمة المحاسبات 350 حكما ابتدائيا في قضايا انتخابية تعلقت بمخالفات مالية تم ارتكابها من قبل قائمات في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، في مقدمتها النهضة. وأكدت القاضية بمحكمة المحاسبات، فضيلة القرقوري، الثلاثاء، في تصريحات إعلامية، أن الأحكام تمثلت في إسقاط 80 قائمة للانتخابات البلدية بسبب عدم احترام مبدأ الشفافية، إلى جانب إحالة أكثر من 30 ملفا على أنظار النيابة العمومية لدى القضاء العدلي المختص، بسبب شبهات متعلقة بـ"الإشهار السياسي" والتمويلات غير المشروعة. ويرى مراقبون أن أخطر الجرائم الانتخابية المرصودة تتعلق بقوائم حزبي حركة النهضة وقلب تونس التي تنتظرها عقوبات صارمة وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب تشمل إلغاء فوز قوائم بالانتخابات.
ومن المرجح أن تصل العقوبات إلى حد حل تلك الأحزاب، بعد ثبوت حصولها على مال خارجي وملاحقة قياداتها قضائيا بعد أن ساهمت في إفساد الحياة السياسية في البلاد طيلة السنوات العشر الماضية. الضربة الثالثة التي تلقتها النهضة تتعلق بالإعلام، حيث اقتحمت السلطات التونسية، يوم الأربعاء، مقر قناة الزيتونة الإخوانية، وقامت باحتجاز معداتها ووقف بثها، وذلك بعد قرار الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وجرى اتخاذ قرار الإغلاق، بسبب عدم حصول القناة الإخوانية على الترخيص القانونى، ودعوتها لتسوية وضعيتها القانونية، وذلك بعد فرض مخالفات مالية، ولكن دون أي تجاوب من القناة المذكورة، بحسب تقارير صحفية. ويقول متابعون إن قناة الزيتونة الإخوانية لم تتوان عن بث خطاب متطرف تحريضي ضد الشعب والرئيس التونسي قيس سعيد، حيث أسسها قيادي في حركة النهضة الإخوانية، وتعمل خارج القانون التونسي.
المشهد الرابع في مسلسل سقوط الحركة الإخوانية، تمثل في إعلان منظمة "أنا يقظ" الرقابية التونسية، أنها ستتقدم بدعوى قضائية ضد حركة النهضة الإخوانية، موثقة حول مخالفات مالية وسياسية نفذتها الحركة إبان الانتخابات البرلمانية في عامي 2016 و2018. وفي بيان لها صدر يوم الثلاثاء، قالت المنظمة إنها ستتقدم بشكوى جزائية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، لوجود شبهة تمويل مجهول المصدر وفق القانون الأساسي عدد 26 لعام 2015، الذي يتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال. وتعرف المنظمة نفسها بأنها "منظمة رقابية تونسية غير ربحية ومستقلة تهدف إلى مكافحة الفساد المالي والإداري وتدعيم الشفافية". وفي تفاصيل الدعوى القضائية التي تعتزم المنظمة تقديمها للمحكمة، أوردت توقيع حركة النهضة الإخوانية عقدي للدعاية الانتخابية مع شركات أجنبية، قبيل انتخابات 2014 و2019، كما وقعت الحركة عقدين آخرين مع شركة Burson-Marsteller الأميركية وذلك قبيل مؤتمرها العاشر سنة 2016 وقبيل الانتخابات البلدية لسنة 2018.
وتبلغ قيمة العقدين المذكورين حوالي 355,850.79 دولار، ما يعادل مليون دينار تونسي، وفق بيان المنظمة. وقال الناشط السياسي والقانوني التونسي، حازم القصوري، إن القانون التونسي يحظر على الأحزاب السياسية تلقي أي تمويلات خارجية بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ومن يفعل ذلك يضع نفسه تحت المساءلة القانونية وفقاً لما يحدده المرسوم القانوني رقم 87 لسنة 2011. وأوضح القصوري في تصريح له، أنه من الثابت تلقي حركة النهضة الإخوانية لتمويلات خارجية إبان الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أن محكمة المحاسبات ستتخذ الإجراءات اللازمة، بناءً على المعلومات المتوفرة لديها، ووفق القانون يتوجب عليها شطب القوائم الانتخابية التي تلقت تمويلات خارجية. وأشار القصوري إلى أن طرق باب القضاء من طرف جمعية ''أنا يقظ''، في بلاغ لها بشكوى جزائية ضد حركة النهضة بخصوص جريمة تمويل الأجنبي، رهين بتوفر صفة القيام والمصلحة وهذا ما ستبحثه النيابة العمومية، على أساس القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 يتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال على حد تعبيرها.
وأكد المحامي التونسي أن كل هذه الملفات تفرض على النيابة العمومية التحرك فور في إطار المجهود الدولي لمحاربة الفساد إعمالاً لقانون الأحزاب لسنة 2011، لا يمكن بناء ديمقراطية صلبة دون احترام الشفافية وتطبيق القانون احترام للمادة 3 من قانون الأحزاب لسنة 2011. وأشار القصوري إلى أن رئاسة الحكومة من المفترض أن تتحرك باسم القانون وتنبه حركة النهضة بخصوص المخالفات الجسيمة التي ارتكبتها، وفي حالة عدم التصويب يمكن الدخول في اجراءات التجميد طبق القانون أمام المحكمة الابتدائية بتونس. وأكد القصوري أن فتح ملف الأحزاب والجمعيات هو في صميم بناء ديمقراطية صلبة ترتكز على الشفافية وتطبيق المبادئ الديمقراطية ممارسة لا شعارات وهذا دور الدولة والمؤسسات في تنقية الحياة السياسية والمجتمع المدني من أي طرف ارتبط بشكل أو بآخر إلى الأجندات الخارجية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :