المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السَّيد على الخامنئي

في الماضي، كان الإيرانيون يتطلعون إلى السخرية من الولايات المتحدة الأميركية من خلال حرق دمى الكرتون لـ"العم سام" أو صور لتمثال "سيدة الحرية". ولكن في الأشهر الأخيرة، يبدو أن الانتخابات الرئاسية قدمت لهم فرصة أكبر وأفضل للسخرية من "الشيطان الأكبر" في ظل المنعطفات غير المعتادة التي شهدتها الحملات الانتخابية في الأشهر القريبة، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، ليتحولوا من السخرية القائمة على الفنون والحرف اليدوية إلى أجهزة التلفزيون الخاصة بهم.

التلفزيون الإيراني، والذي يسيطر عليه التيار المحافظ في طهران، توقف فجأة عن بث برامجه والتي تناقش جرائم القتل والانتهاكات التي ارتكبتها الولايات المتحدة، لنقل بث مباشر للمناظرات الثلاث التي جمعت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" أن قرار التلفزيون الإيراني ببث المناظرات الرئاسية الأميركية يعد أمرًا غير مسبوق في ظل القيود المفروضة من قبل النظام الحاكم في طهران على نشر المعلومات التي تخص الولايات المتحدة، أو تصوير الديمقراطية الغربية بشكل عام في الإعلام الإيراني، ولكنه في الوقت نفسه لا يمكن تفسيره. ويبدو أن الحملات الرئاسية قدمت فرصة جيدة للغاية للنظام الإيراني لإظهار النظام السياسي الأميركي بصورة النظام الضعيف، وهو الأمر الذي أراد التيار المتشدد في إظهاره بوضوح.

ويقول المحلل الإيراني حميد رضا تراغي، في تصريح رسمي للتلفزيون الإيراني، إن "الهدف من بث تلك المناظرات هو ترك المساحة لهؤلاء المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة لإظهار كم هم أغبياء، وبالتالي كانت أفضل وسيلة لإثبات فساد الحكومة الأميركية وبشاعتها هي بث تلك المناظرات على الهواء".

وتقول الصحيفة الأميركية "نعم كان البث على الهواء، إلا أن الأجزاء المتعلقة بإيران لم تكن تتم ترجمتها، بينما كان المحللون يناقشون ما دار خلال المناظرة في النهاية ليصلوا إلى نتيجة واحدة مفادها هي أن الولايات المتحدة بوضعها الحالي لا يمكنها أن تفعل شيئا."

وأضافت الصحيفة الأميركية أنه إذا ما قلنا أن المؤسسة السياسية الإيرانية كانت تستمتع بشكل كامل بما يدور في الحملة الانتخابية، فإن ذلك في الحقيقة لا يفي بالمعنى الحقيقي، حيث وصفها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أية الله علي خامنئي بأنها "مشهد لفضح جرائمهم وانكساراتهم." وركز المرشد الأعلى للثورة الإيرانية اتهامات الخيانة والانتهاكات الجنسية.

وقال خامنئي، خلال كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران والاستيلاء عليها في عام 1979، إن التصريحات التي أدلى بها مرشحا الرئاسة في الولايات المتحدة تبدو كافية لإظهار العار الأميركي، حيث أن كلا منهما تورط في قضايا أخلاقية. وكان الرد من قبل مؤيديه هو الهتاف الشهير في طهران "الموت لأميركا"

وأثنى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على صراحة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، دون أن يذكر اسمه، موضحا أن الناس تنتبه إليه بصورة كبيرة، حيث أنه يسعى للاستفادة من حالة عدم الرضا التي تطغى على المواطنين الأميركيين، ولذا هم يشعرون أن كل ما يقوله صحيح، موضحا أن ذلك "يسمح لنا برؤية الواقع الذي يعيشونه."

ومنذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979، كانت إيران هي المناهض الأكبر للولايات المتحدة، على عكس كثير من الإيرانيين العاديين الذين لديهم مشاعر أكثر اعتدالا تجاه الولايات المتحدة، والتي يعيش فيها  أكثر من مليوني إيراني.

تشابك قادة إيران لفترة طويلة مع الولايات المتحدة في معركة من أجل السلطة والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت الانسحابات الأميركية من العراق وأفغانستان داعمًا للموقف الإيراني.

ويقول الصحفي الإصلاحي جلال بارزغار، "أميركا لم تعد قوة عظمى في المنطقة، حيث أن واشنطن فقدت بالفعل جزءا كبيرا من نفوذها في منطقة الشرق الأوسط". واضاف "انها الآن مجرد دولة."