تونس ـ أزهار الجربوعي
كشفت نقابة الصحافيين التونسيين، عن تراجع وضع الحريات في البلاد، ولا سيما في ما يتعلق بحرية التعبير والإعلام والإبداع، داعية إلى إلغاء الفصل 124 من
مسودة الدستور الجديد، الذي اعتبرته مقدمة لعودة وزارة الإعلام وتكريس منظومة رقابة ودكتاتورية جديدة على الإعلام.
وأعلنت النقابة مقاطعتها لندوة الإعلام التي يشرف عليها الرئيس منصف المرزوقي، الثلاثاء، فيما قررت الصحافية
التونسية الفرنسية هند المؤدب، الفرار من تونس إلى المغرب، خوفًا من تهديدات أمنيين لها بالسجن، على خلفية اتهامها بصحبة 6 من مغنيي "الراب"، بتعكير الصفو العام، والاعتداء على الأمن، إثر احتجاجهم على الحكم بسنتين سجن في حق مغني الراب "ولد 15"، الذي وصف رجال الأمن بـ"الكلاب" في أحد أغانيه.
وأعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في بيان لها، مقاطعتها أعمال ندوة "تحديات المشهد الإعلامي في الفترة الانتقالية"، التي ينظمها قصر الرئاسة الثلاثاء، وذلك احتجاجًا على سياسة تعويم المشاكل الحقيقية للقطاع، ورفضًا للمشاركة الشكلية في ندوات تنظم في إطار أجندات سياسية أو حملات انتخابية سابقة لأوانها"، فيما انتقدت ما اعتبرته "استمرار تراجع وضع الحريات العامة والفردية، وأساسًا حرية الرأي والتعبير والإبداع، وذلك سواء من خلال مشروع الدستور، أو تكرر المحاكمات غير العادلة والاعتداءات على الإعلاميين والمبدعين ونشطاء المجتمع المدني".
وطالب أكبر هيكل تمثيلي للصحافيين في تونس، بضرورة إلغاء الفصل (124) من مشروع الدستور، الذي ينصّ ضمنيًا على إعادة إنتاج وزارة إعلام، تُكرس ممارسات النظام الدكتاتوري السابق المعادية لحرية الصحافة والتعبير، متعهدًا بفضح كل الضغوطات المسلطة على صحافيي مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الرسميين، ومحاولات الإدارة التدخل في الخط التحريري للأخبار والبرامج الحوارية من أجل "تركيع الإعلام الرسمي".
وأعربت النقابة عن رفضها المبدئي لمحاكمات الرأي، واستنكارها للأحكام القاسية التي تسلط على الإعلاميين والمبدعين، لهدف ترهيبهم وإرجاعهم إلى مربع "إعلام الدعاية والرقابة الذاتية"، على غرار ما حدث لمغني الراب علاء الدين اليعقوبي المعروف بـ"ولد الـ15 "، الذي حوكم بسنتين سجن على خلفية وصفه لرجال الأمن بـ"الكلاب".
وأسقطت النيابة العمومية التونسية، التهم التي وُجهت إلى الصحافية الفرنسية التونسية هند المؤدب، ولعدد من مغنيي "الراب"، وذلك لعدم توافر أدلة تدينهم، والمتمثلة أساسًا في المس بالنظام العام، والاعتداء على عناصر الأمن في 13 حزيران/يونيو، إثر احتجاجهم على صدور حكم بسجن مغني الراب "ولد الـ15" لمدة سنتين، لسبب أغنية وصف فيها رجال الأمن بـ"الكلاب"، إلا أن الصحافية التونسية أعلنت فرارها من تونس في اتجاه المغرب، قبل المثول أمام النيابة العمومية.
وقالت المؤدب، على حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنها اختارت الهروب وعدم المثول أمام وكيل الجمهورية لعدم ثقتها في تونس وفي قضائها، بعد أن تم الحكم على مغني (راب) بالسجن لمدة سنتين مع النفاذ العاجل، لسبب أغنية، في حين يتم الحكم على من هاجموا مقر السفارة الأميركية في 24 أيلول/سبتمبر الماضي بالسجن لعامين مع تأجيل التنفيذ".
وأضافت الصحافية التونسية، أن "رجال الشرطة الذين قبضوا عليها بعد احتجاجها على الحكم الذي صدر في حق علاء الدين اليعقوبي، قد أرهبوها، وأكدوا لها أنها ستسجن هي الأخرى لمدة عامين، الأمر الذي دفعها إلى الهرب خارج تونس".
وقد أثار الحكم الصادر في حق مغني "الراب" التونسي الملقب بـ"ولد الكانز"، جدلاً إعلاميًا وحقوقيًا واسعًا، حيث استنكر مراقبون صدور قرار ضده يقضي بسجنه سنتين مع النفاذ، مقابل صدور الحكم نفسه مع تأجيل التنفيذ في حق المتهمين بالاعتداء على السفارة الأميركية في أيلول/سبتمبر الماضي، فيما ذكّر اخرون بأن أول من حاول المس من هيبة المؤسسة الأمنية ورجال الأمن كان رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي، الذي وصفهم في أحد خطاباته الشهيرة بـ"القرود"، ولم يتعرض للمساءلة بشأن ذلك.