القاهرة ـ مصر اليوم
خلال الشهور القليلة الماضية، أعادت المنصات والمدونات الإلكترونية الاعتداءات الجنسية إلى واجهة النقاش في مصر، حيث وجدت الكثير من السيدات المصريات في هذا الفضاء ملاذا آمنا للتعبير عن معاناتهن، وتوجيه اللوم في أحيان أخرى وفضح الجناة.
ونظر البعض لهذه الحركة باعتبارها "محلية" تشابه إلى حد ما الحركة العالمية التي عرفت بـ"me too"، هكذا استهلت الصفحات الأولى من الدراسة التي أجراها مركز "تدوين" لدراسات النوع الاجتماعي، بالتعاون مع مشروع "الحب ثقافة"، عن "العنف الجنسي في مصر: دراسة عن وسائل الدعم وآليات الحماية والإبلاغ".
تتناول الدراسة -التي صدرت حديثا- عدة محاور، منها طبيعة الاعتداءات الجنسية في مصر، وآليات التبليغ، ونتائج وتوصيات نبعت من منهجية بحثية قائمة على استبيان رأي تكون من 28 سؤالاً، واستهدف المسح النساء المصريات المقيمات في مصر فقط، وتباينت الأسئلة لتشمل معلومات عن نوع الاعتداء، والعمر عند التعرض للاعتداء، ونوع الشخص الذي قام بالاعتداء الجنسي، والإجراءات التي اتخذت، والدعم الذي تم تلقيه -إن وجد- ومن قام به.
كما تضمن الاستبيان أسئلة حول التشريعات ذات الصلة، واستجابة الدولة، وأخيرا تصورات النساء للأسباب الكامنة وراء الاعتداء الجنسي في مصر، وتم نشر الاستبيان على الإنترنت لمدة 7 أيام عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، فيسبوك وتويتر وإنستجرام، ووافقت 5534 سيدة على الإجابة.
تشير النتائج إلى أن المشاركات في المسح كن من جميع المحافظات المصرية، البالغ عددها 27 محافظة، وإن لم يكن هناك تمثيل متساو في كل محافظة للنساء المشاركات، حيث إن الغالبية العظمى من المستجيبات (32%) يعشن في محافظة القاهرة، يلي ذلك النساء اللاتي يعشن بمحافظة الإسكندرية (15.6)، ثم الجيزة (14%).
• طبيعة الاعتداءات الجنسية في مصر
تواجه النساء في مصر أشكالاً وصوراً مختلفة من الاعتداءات الجنسية، ووفقاً لنتائج الدراسة، فإن 94% تقريبا من النساء المستجيبات تعرضن للتحرش اللفظي، بينما تعرضت 72% منهن لاعتداء جنسي جسدي، إن النساء المصريات يتعرضن على نطاق واسع للتحرش الجنسي حيث أشارت 75% من المشاركات في الدراسة إلى أنهن استقبلن محتوى أو صوراً ذات طبيعة جنسية من خلال الرسائل عبر الإنترنت أو الهاتف، كما أبلغت 2% من النساء المشاركات في الدراسة عن تعرضهن للاغتصاب، و50% منهن تلقين دعوات جنسية، و21% تعرضن لمشاهدة الاستمناء أمامهن دون رغبتهن.
وكانت إجابات المشاركات في الدراسة عن أعمارهن وقت تعرضهن للاعتداء الجنسي لأول مرة، فقد أكد ما يزيد عن ثلثهن تعرضهن للاعتداء الجنسي خلال مرحلة الطفولة، كما أكدت الغالبية العظمى منهن تعرضهن للاعتداء الجنسي في مرحلة المراهقة، وتعرض 96% منهن للاعتداء في وسائل النقل العام، و58% في الأماكن العامة، و54% عبر الإنترنت، و20% تعرضن لشكل ما من أشكال الاعتداء الجنسي داخل الأسرة.
• نسب دعم المُعتدى عليهن جنسيا
تضمن الاستبيان مجموعة من الأسئلة للكشف عن صورة الدعم الذي يتلقاه ضحايا الاعتداءات الجنسية من أفراد أسرهم أو من آخرين، وتشير النتائج إلى أن ما يزيد عن نصف المشاركات (75%) ذكرن أنهن لم يسبق لهن مطلقا إبلاغ أي من أفراد أسرهن عندما تعرضن للاعتداء الجنسي، أما الأخريات اللاتي أبلغن أسرهن (43%)، أبلغن أمهاتهن (87%) أو أخواتهن الإناث (41%).
وأكدت 44% منهن أنهن تلقين دعم من أسرهن عند الإبلاغ، و53% منهن ناقشن الإجراءات التي يمكن اتخاذها عند التعرض لاعتداء، و8% منهن تعرضن للتوبيخ واللوم، وتعد معدلات الإبلاغ عن حوادث الاعتداء الجنسي واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها منخفضة للغاية في مصر، وذلك فإن 6% فقط من النساء أبلغن عن رغبة أحد أفراد الأسرة في اتخاذ إجراءات قانونية ضد المعتدي، وأشارت 3% فقط إلى أن أفراد أسرهن ساعدهن في تقديم بلاغ ضد الجاني.
وأشارت 95% من المشاركات إلى أنهن لم يبلغن عن حوادث اعتداء جنسي لأي جهة، والنساء اللاتي قمن بالإبلاغ عن حوادث الاعتداء الجنسي واجهن تحديات في عملية الإبلاغ، 43% كن قادرات على رفع دعوى قضائية، و30% منهن أكدن أنه لم يهتم أحد بشكواهن.
أما عن مدى معرفة المشاركات بوجود خط ساخن للإبلاغ عن حوادث العنف ضد المرأة، فقد أجاب 38% منهن بـ"نعم"، بينما أجاب 62% بـ"لا"، أما بوجود وحدات لمكافحة التحرش الجنسي في الجمعات المصرية، 8% فقط من المشاركات أبلغوا عن علمهن به.
خرجت الدراسة بعدة توصيات، منها ضرورة التوسع في الحملات الإعلانية التي تهدف لإلقاء الضوء على وجود قانون خاص بالتحرش الجنسي، وضرورة الإٍسراع في إقرار مشروع القانون الخاص بحماية البيانات الشخصية للمجني عليهن والشهود في قضايا الاعتداء الجنسي، وزيادة عدد الحملات الإعلانية التي من تعرف النساء بآليات الإبلاغ والحماية من الاعتداءات الجنسية، كالخط الساخن للإبلاغ عن حوادث العنف ضد المرأة، ووحدات التحرش الجنسي بالجامعات.
قد يهمك أيضًا: