القاهرة-مصر اليوم
عرف العالم البلاستيك أو ما يُعرف بـ"اللدائن"، عقب الثورة الصناعية، وظهرت الصناعة البلاستيكية وازدهرت وأصبحت اليوم تحتل الصدارة بالنسبة للصناعات الحالية؛ لاستخداماتها العديدة في الحياة اليومية، ولدخولها في تركيب الأشياء والأدوات المحيطة بنا، لكن وجود البلاستيك في حياتنا اليومية يؤثر بالسلب على وجود الكائنات الحية والتنوع البيولوجي؛ بل أصبح يشكّل خطورة مباشرة تهدّد حياة البشر.
ومن جانبه، أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة البيئة المصرية،أن إلقاء ملايين الأطنان من المخلفات البلاستيكية، في البحار والمحيطات، يشكل تهديدًا مباشرًا للشعاب المرجانية والسلاحف البحرية والدلافين والأسماك وغيرها، وأوضح أن مخلفات البلاستيك تدمر حيوان المرجان الدقيق الذي يبني الشعاب المرجانية فتجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، مشيرًا إلى أن جزيئات البلاستيك قد توفر وسيلة لعيش ميكروبات ضارة في المحيطات، كما تابع أن البلاستك يأخذ وقتا طويلا ليتحلل في المياه، موضحًا أن تقارير الأمم المتحدة أكدت أن عينات بعض الأسماك أثبتت وجود الميكروبلاستك في الأسماك ما يشكل خطرا على صحة الإنسان.
بدوره، أشار الباحث المساعد في جامعة ولاية لويزيانا، قسم علوم البحار، أحمد جاد، إلى أن مصادر البلاستيك الصغير، غير المرئي بالعين المجردة ميكروبلاستيك (Microplastics)، وهو البلاستيك أقل من 5 مليمتر تقريبًا، ويأتي من مصادر كثيرة أهمها:
اقرأ أيضًا:
وزيرة البيئة المصرية تؤكد دعمها لقرار منع استخدام الأكياس البلاستيك
(أولًا) المصادر المباشرة:
عندما يتم تصنيع البلاستيك في أحجام صغيرة، ويدخل في صناعة أشياء كثيرة، مثل مستحضرات التجميل، ومعجون الأسنان، والدهانات.
(ثانيا) مصادر غير مباشرة:
قد يأتي الـ"Microplastics" من مصادر غير مباشرة، عندما يحدث تكسير للبلاستيك الموجود في البحر؛ بسبب الموج وعوامل التعرية، فيكثر تدريجيًا إلى أحجام صغيرة.
هنا يقول أحمد جاد، إن مشكلة الميكروبلاستيك تتمثل في إمكانية تشكيله ضرر مباشر وغير مباشر في الوقت نفسه.
أضرار مباشرة
بخصوص الأضرار المباشرة فإنها تهدد الأسماك والكائنات البحرية الصغيرة وذريعة الأسماك، والمشكلة أن الكائنات تكون صغيرة، فبالتالي تكون فرائسها صغيرة جدًا مثل العوالق والهائمات النباتية.
وتبدأ الأسماك التفكير في أن الميكروبلاستيك فريستها وتأكلها، وبالطبع يكون له ضرر؛ حيث من الممكن أن يعمل على سد الأمعاء ويؤثر على أدائها، وبالتالي يتسبب في نفوقها، خصوصًا أن الأسماك عندما تكون صغيرة تكون أكثر حساسية.
أضرار غير مباشرة
وتمثل هذه المشكلة الأكبر للميكروبلاستيك التي تحدث؛ بسبب خامته وحجمه الصغير الذي يجعل الملوثات العضوية (persistent organic pollutants POPs) تلتصق على سطح الكائنات البحرية.
وهذه الملوثات تكون ضارة جدًا لدرجة أن مركبات منها تكون سرطانية، وبالتالي قطعة الميكروبلاستيك تعمل كسطح للملوثات، وهذا يعني تكوًن مثل حبوب محملة بالملوثات للأسماك والكائنات البحرية.
أحمد جاد واصل حديثه، قائلا: "كان هناك دراسة عبارة عن تجربة معملية تمت بوضع الميكروبلاستيك وأضافوا لها مادة كيميائية ووضعوا عوالق (zooplankton) وبدأت العوالق تتغذى على الميكروبلاستيك على أساس أنها غذائهم، ثم قاموا بوضع نوع سمك يأكل هذه العوالق".
وأضاف: "بعد ذلك قاموا بتحليل السمك الذي أكل العوالق وجدوا أن الميكروبلاستيك والمادة الكيمائية اللاصقة عليه انتقلت للعوالق، ومنها للأسماك".
وأمام كل ما سبق، قال جاد: "ما حدث يطلق عليه اسم التضخم الإحيائي (Biomagnification) الذي يعني أن المواد تنتقل من كائن إلى آخر عن طريق التغذية، وهنا تكون مشكلة لأنه بسبب التضخم هذا تنتقل من الأسماك وممكن توصل للإنسان لأننا نأكل السمك".
رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب أعلن مؤخرًا انضمام مصر لأكثر من 150 دولة متقدمة حول العالم حظرت الأكياس البلاستيك ووفرت بدائل آمنة للبيئة والمواطنين.
وانتهت لجنة الصناعة من مشروع قانون جديد ينظم عملية حظر استخدام الأكياس البلاستيكية في مصر، ويهدف مشروع القانون في المقام الأول إلى وقف الأضرار الناتجة عن استخدام الأكياس البلاستيكية سواء للإنسان أو للبيئة.
تعتبر النفايات البلاستيكية من أكثر أنواع النفايات تواجدًا في البحار والمحيطات، وتعتبر البيئة البحرية الأكثر تضررًا بالنفايات البلاستيكية؛ حيث تجرف التيارات البحرية النفايات البلاستيكية من الشواطئ، وتدفعها بعيدًا جدًا في أعماق البحار والمحيطات.
مدن ضد البلاستيك
كانت محافظة البحر الأحمر بدأت فرض حظر على البلاستيك المستخدم لمرة واحدة، لمكافحة التلوث، وجاء الحظر باقتراح من جمعية المحافظة على البيئة بالبحر الأحمر لحماية الحياة البرية والبحرية والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.
ونص قرار المحافظ أحمد عبدالله، على حظر استخدام الأكياس البلاستيك بالمحال العاملة في مجال الغذاء وكذلك الصيدليات، كما يحظر حظرا نهائيا استخدام الأكياس البلاستيك والأدوات البلاستيكية، والتي تستخدم لمرة واحدة في كافة أنشطة المشروبات والأطعمة بالمطاعم، وكذلك المراكب السياحية كافة بمحافظة البحر الأحمر عدا الأكياس الثقيلة الخاصة بتجميع القمامة حفاظا على البيئة البحرية، كما نص القرار على عدم الترخيص لمصانع إنتاج الأكياس الخفيفة داخل نطاق محافظة البحر الأحمر.
من جه أخرى، قرر طارق الباز، رئيس مجلس مدينة، دهب منع استخدام الأكياس البلاستيكية في جميع مناطق المدينة لما لها من تأثيرات سلبية علي البيئة البحرية وتعرض حياة الكائنات البحرية والشعاب المرجانية للخطر، حسب ما ورد في بيان المدينة، وقام مجلس المدينة بوضع لافتات تحذيرية بمنع استخدام الأكياس البلاستيك حملت شعار "دهب بدون بلاستيك."
بدل نقدي لكيس البلاستيك
كانت الدنمارك أول الدول الأوروبية تقر قوانين تسهم في منع استخدام الأكياس البلاستيكية، والاعتماد على البدائل الصحية في 1993، ففرضت قانونا بدفع بدل نقدي للحصول على كيس بلاستيك، ما أسهم في انخفاض استهلاكها بنسبة 60%.
ضريبة على مستخدمي الأكياس
ذهبت مجموعة من الدول، هي: (أيرلندا والدنمارك وجنوب إفريقيا وتايوان وماليزيا) إلى فرض رسومٍ على أكياس البلاستيك.
فوضعت أيرلندا ضريبة باهظة على مستخدمي الأكياس، حتى انخفض تداولها واستخدامها إلى 90%، وأعلن الاتحاد الأوروبي أن انخفاض الاستهلاك في 2019 سيصل إلى 80%".
وانضمت مؤخرا إندونيسيا للدول التي تفرض رسوم على استخدام البلاستيك، حيث قررت حكومة جاكرتا فرض رسوم على الأكياس البلاستيك لتقليل النفايات.
وقالت المديرية العامة للجمارك والضرائب التابعة لوزارة المالية الإندونيسية إنها ستفرض رسوما قيمتها 200 روبية (4. 1 سنتا أمريكيا) على كل كيس.
أما وزيرة المالية الإندونيسية، سري مولياني إندراواتي، فأكدت خلال جلسة مع لجنة بمجلس النواب للإشراف على الشؤون المالية المتعلقة برسوم الأكياس البلاستيك، أن الرسوم على الأكياس البلاستيكية ستكون 30 ألف روبية لكل كيلوجرام.
منع تام
أما أستراليا وفرنسا فمنعتا استخدام الأكياس، قبل أن تنضم لهما شيلي التي تعد أول دولة في أمريكا اللاتينية تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية بالكامل من محلات السوبر ماركت والمتاجر الكبيرة، بعد انتهاء الفترة التجريبية في أغسطس 2018.
أظهرت دراسة أن زجاجات المياه البلاستيكية مضرة للصحة، لكونها مصممة للاستعمال لمرة واحدة فقط، لذا يجب الانتباه على هذه النقطة جيدًا.
كما أظهرت نتائج تحاليل أُجريت على بعض العبوات بعد استخدامها لمدة أسبوع وجود مواد كيميائية وبكتيريا قد تكون مسؤولة عن التسبب بأمراض خطيرة، كأمراض القلب، والمشاكل الهرمونية، وخطر الإصابة بسرطان الثدي.
وكانت هناك مخاوف على وجه الخصوص بشأن مادة (BPA) أو (بيسفينول A) وهي مادة كيميائية مثيرة للجدل، تُستخدم في صناعة البلاستيك ويعتقد أنها تتداخل مع الهرمونات التناسلية، إضافة إلى تأثيرها على كل الوظائف الطبيعية في الجسم.
كما أشارت أبحاث مخبرية إلى وجود أعداد كبيرة من البكتيريا في العبوات البلاستيكية المستخدمة قد تعادل البكتيريا الموجودة في كرسي المرحاض.
الأمم المتحدة
كان برنامج الأمم المتحدة للبيئة أطلق حملة عالمية غير مسبوقة للقضاء على المصادر الرئيسية للنفايات البحرية بحلول عام 2022، ومنها الحبيبات الدقيقة المستخدمة في مستحضرات التجميل، والاستخدام المفرط والمسرف للبلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة.
وينتهي المطاف كل عام بأكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات، مما يسبب أضرارًا على الأحياء البحرية ومصائد الأسماك والسياحة، ويكبد الاقتصاد العالمي خسائر لا تقل عن 8 مليارات دولار؛ بسبب الأضرار التي تلحق بالنظم الإيكولوجية البحرية.
قد يهمك أيضًا:
مجدي ملك يؤكّد أن الحكومة تُعاني من البيروقراطية
وزيرة البيئة المصرية تبحث مع نظيرتها الألمانية الاستفادة من تدوير المخلفات الصلبة