الغراب

يعتقد الإنسان أن القدرة على فهم الآخرين هي فقط سمة بشرية، ولكن تشير الأبحاث أن الغربان أيضًا قادرة على التفكير المجرد حول ما يدور في عقول الآخرين، وتكييف سلوكها نتيجة لذلك.

ولاحظ العلماء أثناء دراستهم لسلوك الغربان من إخفاء طعامها أنها قادرة على الشعور ما إذا كانت تحت المراقبة، حتى بدون أن ترى من يراقبها، وبالتالي تتصرف خلسة بناء على ذلك.

ويشير هذا السلوك إلى نظرية تعرف باسم نظرية العقل التي تسمح وتعطي القدرة على فهم الأشياء من وجهة نظر الشخص الأخر، ولمعرفة ما إذا كان الغراب قادرًا على تطبيق هذه النظرية قام الباحثون من جامعة هيوستن في ولاية تكساس بوضع غراب في غرفة تحتوي نافذة مع ثقف يؤدي إلى غرفة مجاورة.

وتظاهر الباحثون في الغرفة المجاورة بطهي الطعام والغراب يراقبهم، وعندما أغلقت نافذة الغرفة الأولى وبقى الثقب بين الغرفتين مفتوحًا، سلك الطير سلوكًا لئيمًا، فقام بإخفاء طعامه على الفور، ولكن ليس في المخبأ السابق لاعتقاده بأنه مراقب.

وتعتبر القدرة على تخزين الطعام مهمة للطيور، ففي بحث سابق وجد العلماء أن الغربان تتصرف بشكل مختلف عندما يشعرون بأن هناك منافس قريب لهم، فيخفون طعامهم بسرعة أكبر ونادرا ما يعودون للمخابئ السابقة في حال اكتشفوا أن شخصا ما وجد مخبأهم.
ولم يظهر الغراب في البحث نفس القلق عندما أغلق ثقب الغرفتين، ويعتقد الباحثون أن سلوك الغربان التي تعتبر بين أكثر الطيور ذكاءً يشير إلى أنها قادرة على فهم ما يفكر فيه الآخرون، وحتى اليوم تشير معظم البحوث أن الحيوانات الأكثر قربًا من البشر في نظرية العقل هي الشبمانزي.

ويعتقد العلماء أن هذه الحيوانات تفهم ما يراه الآخرين من خلال عظة البصر مما يعني أن الشمبانزي يحتاج لرؤية عيون الاخر أو رأسه ليطبق نظرية العقل، وأشار استاذ الفلسفة في الجامعة كاميرون باكنر أن الغربان موضوع دراسة جيد، فبالرغم من الاختلاف التطوري الواضح بينهم وبين البشر الا أن حياتهم الاجتماعية تمر عبر عدة مراحل متميزة على غرار الانسان.

وتميل الغربان للعيش حياة مرنة أثناء المراهقة، إلا أنها تفضل العيش حياة مستقرة أثناء بلوغها فتتزوج وتدافع عن مناطقها، وأضاف دكتور باكنر أن الدراسة سلطت الضوء على فهمنا لقدرة الاخرين على الفهم، وأنها أعطت اشارات مهمة الى قدرة الحيوانات على الانخراط في التفكير المجرد، وهو يغير موقف البشر من الحيوانات الاخرى، باعتقادهم أنهم القادرين على فهم الأخرين، والوحيدين الذين يملكون عقلا واعيا.

وأظهرت تجربة لجامعة كامبريدج أن الغربان قادرة على اداء مهمات لا يستطيع الطفل ذو الأربع أو الثلاث سنوات القيام بها، وبالرغم من اختلاف هياكل دماغها عن البشر إلا أنها تستخدم مزيج من الادوات العقلية بما في ذلك التخيل تحسبا لأي احتمالات مستقبلية في حياتها.

ووجدت تجارب على غربان كاليدونيا أنها استخدمت الحجارة لرفع مستوى المياه في وعاء حتى تستطيع الشرب، وتعلمت الغربان التي تعيش في المناطق الحضرية كيفية تكسير المكسرات.