القاهرة - مصر اليوم
قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الصوم الحقيقي يحقق السلام النفسي والطمأنينة والراحة، وهو الصوم المحلى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد، والفحش من القول ومنكر العمل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل: إني صائم.
وأضاف مفتي الجمهورية - في تصريح اليوم السبت - أن المسلم في حال صومه كما هو مطالب بالامتناع عن تناول جميع المفطرات بنية التقرب إلى الله تعالى من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فهو مطالب أيضا بالإمساك عن الأخلاق السيئة والسلوكيات المذمومة وضبط متطلبات النفس البشرية، فإن لم يتحقق بذلك كله فقد نقص أجر صيامه بل قد يصل الأمر إلى عدم قبوله منه; فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه.
ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن العلاقة الوثيقة بين العبادات والأخلاق تعمل على ترسيخ سمات استقامة الأفراد وصلاح المجتمع. ولا يخفى أن مهمة غرس مكارم الأخلاق في النفوس مهمة جليلة بعث الله من أجلها الرسل والأنبياء عليهم السلام; حيث قال تعالى مبينا نعمته على الناس بإرساله سيد البشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [آل عمران: 164].
وأردف قائلا: إن تحقيق السلام النفسي والطمأنينة من حكم عبادة الصيام ومقصد مهم من مقاصده، مما يرشد ذلك المسلمين إلى أن في شهر رمضان وعبادة الصوم فرصة كبيرة للإنابة إلى الله تعالى، ومجاهدة النفس والارتقاء بها، وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الله تعالى، حتى يتم التحقق بمعاني التقوى التي هي ثمرة من ثمار الصيام، وفي ذلك يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [البقرة: 183].
وعن النصائح التي يوجهها المفتي للأمة في شهر رمضان قال مفتي الجمهورية: "على المسلم أن يذكر نفسه دائما بأنه صائم حتى لا يضيع صيامه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل: إني صائم إني صائم; وذلك ليذكر نفسه بالصيام لأجل ألا يقع في المعاصي، كما أن في ذلك تذكرة للآخر بأنه هو أيضا صائم فالصوم تربية روحية للجميع، الغاية منها تهذيب النفوس ليتحقق الإيمان فيكون هو الدافع لتحقيق تعاليم الإسلام السمحة".
وشدد مفتي الجمهورية على أن شهر رمضان فرصة عظيمة للإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومجاهدة النفس والارتقاء بها في مراقي الطاعات، وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الله; ليكون معسكرا إيمانيا نخرج منه بحال غير الحال، نخرج من حال التراخي وفتور الهمة، والجدال والهدم، إلى حال الطائعين العابدين، النافعين للبلاد والعباد. وأشار مفتي الجمهورية إلى عدد من المعاني المستفادة من شهر رمضان، ومنها التدريب على الصبر على أذى الآخرين، فيجب ألا نخرج منه إلا وقد وعينا هذا الدرس العظيم بحيث يصبح له مردود على العمل وفي الشارع والبيت وفي كل تعاملاتنا.
وأوضح مفتي الجمهورية أنه لا يفهم من ذلك أن هذه العبادة تحمل في طياتها المشقة والتعذيب والإرهاق، وإنما تقوم بترسيخ تزكية النفس حتى يتحقق المسلم الصائم بمقام التقوى والمراقبة لله تعالى; لذا كان ثواب الصائم وأجره عند الله تعالى وحده، اختص به من سائر الأعمال; قال صلى الله عليه وسلم: كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي/ رواه مسلم.
وناشد مفتي الجمهورية جموع الصائمين بالإكثار من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن، وغيرها من الطاعات والتنافس والتعاون فيها، خاصة الطاعات التي فيها نفع للناس; كإفطار الصائمين، والصدقات، وجبر الخواطر بقيام المسيء بالاعتذار لصاحب الحق، بل جبر الخواطر كذلك يكون بالبحث عن المحتاجين المتعففين وإكرامهم. وأكد مفتي الجمهورية على الرجوع للطبيب الثقة في الحالات التي تتطلب الإفطار فهو المرجع الأول وعلى المريض المرخص له بالفطر أن يفطر حفاظا على صحته وإذا كان يريد اغتنام ثواب العبادة فعليه أن يعلم أن حفظ نفسه وبدنه عبادة فهي ضمن المقاصد الخمسة المفروض عليه الحفاظ عليها.
وقال مفتي الجمهورية إن من ينصحه الطبيب بالإفطار، عليه القضاء بعد شفائه وإذا أصبح المرض دائما أو مزمنا، عليه بإخراج فدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره. واختتم مفتي الجمهورية حواره بضرورة الابتعاد عن شهادة الزور في رمضان وفي غيره وعن الجدال وبذاءة اللسان وفحش القول والغيبة والنميمة; لأن المراء والجدال وغيرها من آفات اللسان تبطل الأعمال; قال صلى الله عليه وآله وسلم: .إذا كان يوم صيام أحدكم، فلا يرفث، ولا يجهل، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم.
قد يهمك ايضا
الدكتور شوقي علام يهنئ الرئيس بذكرى تحرير طابا
شوقي علام يؤكد القضية الفلسطينية لا زالت القضية المحورية للعرب والمسلمين