القاهرة - مصر اليوم
لم يكن الطبيب محمود سامي، أحد جنود غُرف عزل بلطيم، مُرغما على العمل نهارا فـ ليلاً يُصارع المرض القاتل مع مرضاه، بل أنه يعمل بكامل إرادته مدفوعا بواجبه المهني والوطني في خدمة مرضى هذا الفيروس الجائح.ظل محمود سامي يحارب كورونا داخل غُرف العزل لإنقاذ حيوات البسطاء، يعمل دون راحة لأيام متتالية بينما تزداد حالات الإصابة الجديدة دون توقف.. ومابين ليلة وضُحاها، تحول الطبيب المُنقذ إلى شخص لا حول له ولا قوة بعد أن سقط طريحا ولم يجد سيارة إسعاف واحدة تنقله إلى مستشفى متخصص ذو رعاية جيدة.
شعر الطبيب بإرهاق شديد منذ يومين بعد عدد ساعات طويلة من الصراع ضد الفيروس والإجراءات .. والقلق والترقب. ليرتفع ضغط الدم لديه فجأة ويذهب إلى بيته آملا في الراحة، لكنه أُصيب بإعياء شديد .. يبدو أنه لم يكن مجرد إرهاق عمل، بل إصابة بالغة في ساحة معركة ضد مرض قاتل.لم يجد الطبيب محمود سامي "سريرا" في مستشفي الحامول بكفر الشيخ بعد نقله يوم الجمعة الماضي بسبب سوء حالته، ليتم تحويله إلى مستشفى الصدر بنفس المحافظة، لعمل الأشعة اللازمة. لكن المستشفى ورغم حالة الطواريء كانت "إجازة" ولم يجد الطبيب من يُجري له هذه الأشعة اللازمة!.تعرض الطبيب لغيبوبة بسبب تدهور حالته، فاق بعدها لكنه فقد بصره، فقرر أهله وزملائه نقله إلى مستشفى "الرمد" ولكن دون فائدة، يبدو ان حالته تأخرت بسبب سوء الرعاية الصحية داخل مستشفيات وزارة الصحة، ليشعر الطبيب بثقل قدميه ويجلس على "كرسي متحرك" ويتم تحويله إلى طبيب خاص بالقاهرة ليكون رده على حالة زميله الطبيب: .."خلي عندك أمل بس هنحتاج وقت لفتره معرفش آد ايه".
حكاية الطبيب محمود سامي هي واحدة ضمن حالات كثيرة لأطباء مصر وما يواجهونه من خطر الإعياء أو الإصابة بالفيروس القاتل بسبب عملهم المتواصل داخل غرف العزل، تكشف قصته مدى القصور في عمل مستشفيات الدولة في أزمة كورونا. فالأزمة لم تكن غرف عزل فحسب، بينما نحتاج إلى تجهيز رعاية صحية متكاملة، وتوفير خطة عمل مُحكمة داخل كافة مستشفيات الدولة سواء عزل أو متخصصة لحماية الأطقم الطبية والمرضى من شبح الموت الذي يطاردهم.بينما وفي ظل الأزمة نجد أن الإجراءات تنقص، والتنفيذ يقصُر، والكفاءة تتراجع والعمل يُحبط، وهذه أسباب كافية لانتشار الفيروس على نطاق واسع، ومع سقوط طبيب واحد بغرفة عزل تزداد فرصة ومساحة الفيروس في الانطلاق
قد يهمك أيضـــــــًا :