الحج موسم إسلامي فريد، يتجمع فيه على بقعة واحدة ولعدة أسابيع أكثر من مليوني مسلم من جميع أنحاء العالم..ولا شك أن الحج يفرض على الحاج عدداً من الأمور، فهناك مصاعب السفر، والمشي أثناء تأدية الشعائر الدينية، وتقلبات الجو في المشاعر المقدسة أثناء فصل الصيف، ولا غرابة إذن أن يشعر العديد من الحجيج بالتعب والإرهاق نتيجة التعرض لطارئ التغيرات، كما أن ذلك قد يزيد الأعباء الملقاة على القلب والصدر أو الكليتين عند المصابين بمرض في هذه الأعضاء. ورغم الخدمات المتطورة والشاملة التي توفرها المملكة لضيوف الرحمن ودون مقابل الا ان العديد منهم يتردد في طلب الاستشارة الطبية والتي يجب ان تبدأ قبل الشروع في المناسك. عند الحديث عن رحلة طويلة وشاقة يبرز سؤال مهم وهو الاستعدادات التي يجب على الحاج العمل بها في ثنايا ترتيبه لرحلة العمر. وفي حالة الإصابة بمرض مزمن ومنه مرضى الكلى يجب على الحاج التأكد من عدد من الأمور حتى لا يعرض نفسه لمضاعفات قد تؤثر على استمراره في المناسك فضلا عن تعريض حياته للخطر, وهنا ينبغي على المريض استشارة الطبيب المعالج فيما يتعلق باستطاعته أداء مناسك الحج بدون مضاعفات خطيرة على صحته، وفي حالة توافر الاستطاعة تجب مراعاة الأمور التالية: 1- إجراء فحص طبي سريري دقيق، وإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة. 2- التزود بالقدر الكافي من الأدوية الضرورية التي تغطي فترة بقائه في الحج، مع مراعاة كيفية حفظها من التلف. 3- التزود بمجموعة من الإرشادات الصحية المتعلقة بحالته. 4- يحبذ مرافقة أحد الأقارب أو الزملاء بحيث يكون على علم تام بحالته الصحية والمضاعفات المحتملة وكيفية الوقاية منها والتعامل معها. 5- إعداد سوار للمعصم يحتوي على البيانات الضرورية مثل: اسم الحاج، اسم الحملة التي يسافر معها أو أحد المرافقين، وأقرب هاتف للاتصال، مكان الإقامة، الحالة المرضية التي يعاني منها، فصيلة الدم، (ويجب على كل حاج أن يعرف فصيلة الدم عنده وتسجيل ذلك في اوراقه الاثباتية).. وغير ذلك من البيانات المهمة التي تساعد على إسعافه في حالة حدوث مضاعفات لا قدر الله. 6 أخذ التطعيمات الضرورية حسب إرشادات طبيبه.  المحاولة قدر المستطاع أن تكون الفترة التي يقضيها في الحج أقصر ما يمكن لتجنب الإصابة بالأمراض الوافدة مع الحجيج، وكذلك عدم الاختلاط دون ضرورة مع الحجيج. 8- تناول كمية كافية من السوائل إذا كانت حالته الصحية تسمح له بذلك. 9- عدم تناول الأطعمة المعروضة بطريقة غير نظيفة. 10- عدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة بقدر المستطاع. 4 المجهود البدني الكبير في أثناء الحج من الممكن أن يكون له تأثير كبير على الكلى، حيث إن الإفرازات الناتجة عن الجهد العضلي هي عبارة عن سموم وجزء كبير منها يتم التخلص منه عن طريق إفرازات البول، وفي حالة القصور أو الفشل الكلوي تتجمع هذه السموم داخل الجسم. ويصعب التخلص منها، وهذا بدوره يؤثر على حياة المريض وفي حالة سلامة الكلى فمن الممكن معالجة هذا الأمر بالسوائل، أما في حالة الفشل الكلوي فيحتاج المريض إلى غسيل كلوي (ديلزة) عاجلة ومستمرة لفترة طويلة. كما يجب التنبيه على ان مرضى الكلى بصفة عامة ضعيفو المناعة إلى حد ما، ونتيجة لما يبذلونه من جهد فقد يصابون بمختلف الالتهابات ويكونون عرضة لها أكثر من غيرهم سواء التهابات صدرية أو غيرها. هذه الالتهابات سواء البكتيرية أو الفيروسية، قد تؤدي إلى نقص السوائل وانخفاض الضغط أو عدم اتزان الأملاح، كما ان التعرض للنزلات المعوية والقيء والإسهال في حالة تناول أطعمة ملوثة يؤدي ايضا إلى انخفاض الضغط نتيجة نقص السوائل بشكل كبير، وقد يصاب المريض بانتكاسة شديدة في وظائف الكلى. وبما ان مرضى الكلى ليسوا على درجة واحدة من الاعتلال فان تقرير القدرة على الحج من الناحية الطبية تحكمه حالة المريض الصحية:  فإذا كان المريض يعاني من الفشل الكلوي الحاد ويشكو من أعراض مثل الغثيان والإقياء وفقدان الشهية، وكان مستوى البيلة الدموية (الكرياتينين) يتجاوز ضعف المستوى الطبيعي، أو كان مصاباً بمضاعفات مثل الارتفاع الشديد في ضغط الدم، أو فشل القلب، فلا ينصح بالسفر في مثل هذه الحالات، وينصح بتأجيل الحج حتى تستقر حالة المريض وتزول الأعراض.  اما إذا كان المريض مصاباً بقصور خفيف في وظائف الكلى، ولا يشكو من أعراض الفشل الكلوي، وكان ضغط الدم طبيعياً ولا يشكو من وذمة (تجمع سوائل) في الساقين، أمكنه السفر للحج، وينصح في هذه الحالة بالإكثار من السوائل، والإقلال من اللحوم والمواد البروتينية. وإذا كان ضغط الدم مرتفعاً، فينبغي على المريض الاستمرار في تناول أدوية ارتفاع ضغط الدم واستشارة الطبيب. إذا كان المريض مصاباً بمرض الفشل الكلوي المزمن ويحتاج إلى غسيل الكلى (الديلزة)، فعليه أن يحجز مكاناً في أقرب مركز للكلى الاصطناعية لإجراء غسيل الكلى مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً أثناء فترة الحج. فإذا لم تتوافر جلسات غسيل الكلى، فإن المريض يتعرض لمخاطر كبيرة قد تودي بحياته، ولهذا تسقط عنه الفريضة إن لم يتمكن من توفير ذلك ويستثنى من ذلك مرضى الغسيل البيريتوني اذ يمكنهم عمل الغسيل بأنفسهم دون الاشراف الطبي اثناء الغسيل.  أما مرضى زراعة الكلى فلا يفضل أن يحجوا إلا بعد سنة على الأقل من الزراعة، والاحتياط بأخذ التطعيمات اللازمة وأخذ موافقة الطبيب المشرف. المرضى المصابون بحصيات الكلى أو المسالك البولية ينصحون بالإكثار من السوائل، وينصح بتأجيل السفر إذا كان هناك انسداد في الحالب نتيجة وجود حصوة فيه مع وجود مغص كلوي متكرر، وفي هذه الحالة يمكن للمريض أن يسافر بعد فترة من استخراج الحصوة جراحياً.