القاهره - مصر اليوم
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تقريرًا، تحدثت فيه عن أهمية التمتع بالقيلولة أثناء العمل، حيث أثبتت الكثير من الدراسات أن قلة النوم لها تأثير سلبي على الأداء اليومي للشخص وعلى حضوره الذهني أثناء العمل، علمًا أن كبرى الشركات، على غرار "غوغل" و"بن أند جيري" و"أوبر" و"بي دبليو سي" و"هاف بوست"، أصبحت توفر مكانًا مهيئًا حتى يتمتع موظفوها بقيلولة صغيرة.
وقالت الصحيفة إن “التاريخ يعج بالشخصيات القيادية والحربية، على غرار نابليون ووينستون تشرشل وجون كينيدي، التي لم تشغلها مهامها العظيمة والأزمات التي مرت بها عن التمتع بقيلولة يومية”، وفي هذا الصدد، أورد تشرشل، أنه “لا غاية للطبيعة من دفعنا للعمل من الساعة الثامنة صباحا حتى منتصف الليل من دون أن نريح أنفسنا أو ننعم بغفوة لبعض الوقت قد لا تتجاوز 20 دقيقة، تكون كافية لتجديد جميع قوانا الحيوية”.
وذكرت الصحيفة أن البحوث الحديثة كشفت أن النوم لفترة قصيرة ضروري للصحة والسلامة العامة والإنتاجية الاقتصادية، وفي هذا السياق، كشف الأستاذ المساعد المختص في أمراض الرئة واضطرابات النوم، في كلية بايلور للطب في هيوستن، أن “الأشخاص الذين يعملون بنحو مثالي ولا ينامون أكثر من أربع أو خمس ساعات، أوشكوا على الانقراض”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب ردد في الكثير من المناسبات خلال حملته الانتخابية أنه لا ينام كثيرًا ولا يأخذ قيلولة إطلاقًا، مدعيًا أنه لا يمتلك الكثير من الوقت ليضيعه في النوم، في المقابل، نشر فريق دولي مختص في علم الأعصاب دراسة تظهر أن اضطرابات النوم تحد من قدرة خلايا الدماغ على التواصل والتفاعل، وفي أوائل تشرين الثاني، نشرت دراسة في مجلة نيتشر ميديسين، أكدت أن تمضية ليلة واحدة من دون نوم من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بالعقل بشكل مؤقت، ما قد يتسبب في إضعاف الذاكرة وتشوه التصورات البصرية.
ونقلت الصحيفة على لسان إيتزاك فريد، الكاتب الرئيسي للدراسة المذكورة أعلاه، وأستاذ جراحة المخ والأعصاب في كلية الطب في جامعة ديفيد جيفن وفي جامعة كاليفورنيا وجامعة تل أبيب، أن فريقه اكتشف أن حرمان الجسم من حاجته للنوم يجعل الخلايا العصبية غير قادرة على العمل بشكل صحيح.
وأحالت الصحيفة إلى دراسة حديثة أجراها الباحثون في جامعة بنسلفانيا، أكدت أن الأشخاص الذين يتمتعون بقيلولة معتدلة في فترة ما بعد الظهر، تحسنت عملية التفكير لديهم بشكل واضح في حين تطورت ذاكرتهم. فضلًا عن ذلك، تساعد القيلولة الدماغ على العمل كما لو كان عمر الفرد أقل بخمس سنوات، وفي هذا الإطار، أخضعت هذه الدراسة، التي نشرتها مجلة الجمعية الأميركية لأمراض الشيخوخة، 3000 شخص من كبار السن في الصين، لتتبين ما إذا كان هؤلاء الأشخاص الذين يميلون إلى أخذ قيلولة لفترة قصيرة، يقدمون أداءً أفضل في اختبارات القدرة العقلية.
وكشفت الصحيفة أن القيلولة تعد عادة شائعة بين كبار السن في الصين، كما تعتبر جزءًا من نمط حياتهم الصحي، واكتشف العلماء أن الأفراد الذين ينعمون بقيلولة بعد الغداء، غالبًا ما يكون أداؤهم في الاختبارات الذهنية أفضل مقارنة بأولئك الذين لا ينامون لبعض الوقت في فترة ما الظهر، وذكرت الصحيفة أن 60 في المائة من الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة ينامون بعد الغداء، بمعدل 63 دقيقة، وخلصت الدراسة إلى أن النوم لساعة واحدة خلال الظهيرة يعتبر المدة المثالية للقيلولة، في حين ثبت أن هؤلاء الذين يقضون أكثر من ساعة أو أقل من ذلك أو لا ينعمون بقيلولة على الإطلاق، يكون أداؤهم أسوأ بستة أضعاف في اختبارات الذاكرة والرياضيات. في هذا السياق، أكد معهد الصحة الوطنية أن قلة النوم تسبب اضطرابات صحية بدنية وذهنية وتراجعًا في الإنتاجية، بل قد يكون لهذه العادة مخاطر كبيرة منها قد أقرت بأن قلة النوم أصبحت معضلة كبيرة، بخاصة وأن إنسانًا من بين ثلاثة بالغين أميركيين يحظى بساعات نوم لا تلبي احتياجاته. من جهتها، صرحت مؤسسة النوم الوطنية أن نصف البالغين يتذمرون من قلة النوم، الأمر الذي يؤثر سلبًا على نشاطاتهم اليومية.
وأوضحت الصحيفة أن العلاقة بين قلة النوم وتدهور صحة الجسم غير واضحة بعد، ولكن قد يعزي ذلك إلى حرمان الجسم من الراحة التي يحتاجها للتعافي وتجديد الخلايا العصبية، بالإضافة إلى تراجع قدرته على الدفاع عن نفسه من بعض المواد السامة التي تتجمع في الدماغ، والتي من المفترض أن يفرزها الجسم عند النوم.
وبينت الصحيفة أن الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النوم يعانون من مشاكل على مستوى التعلم وفي التعامل مع الذاكرة والتفكير الإبداعي والتحليلي، علمًا وأن هذه المعضلة يشكو منها خاصة كبار المديرين التنفيذيين وصناع القرار، وأفاد نحو 40 في المائة من البالغين أنهم ينامون رغمًا عنهم مرة واحدة في الشهر على الأقل، وتعتبر هذه الحالة بمثابة تفسير لحوادث السيارات والحوادث الجوية والبحرية والصناعية وحتى بعض الأخطاء الطبية التي يقوم بها بعض العاملين في المستشفيات.