مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام

صرّح مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علّام، بأنّ الدول الإسلامية حكامها شرعيون يجب طاعتهم، ما لم يأمروا الناس بمعصية.

وقال مفتي الجمهورية، إنّ هناك فرقًا بين الخلافة والدول الإسلامية المعاصرة، حيث أنّ الخلافة هي القيام مقام صاحب الشرع لتحقيق مصالح الدين والدنيا، وإقامتها فرض كفاية على الأمة؛ إذ لا بدّ لها ممن يقيم لها أمور دينها ودنياها، فبه يدفع الله تعالى الظلم عن الناس، ويحقق لهم المصالح، ويدفع عنهم المفاسد.

وأضاف علّام، أنّ المسلمين حافظوا على الحكم بها، وعلى توحيدها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، حتى في زمن ضعف الخلافة وظهور الدويلات والسلاطين، راعى كثير منهم إظهار التبعية الظاهرة للخلافة، ولو بالدعاء للخليفة على المنابر، ثم حدث أن نزلت بالمسلمين نازلة إلغاء الخلافة سنة 1342هـ /1924م، وانقسمت البلاد الإسلامية إلى دول ودويلات رسمت حدودها اتفاقية "سيكس بيكو"، وهذه البلاد المقسمة صار لكلِّ واحدةٍ منها دستورٌ، ورئيسٌ، وقانونٌ يحكمها، وسيادةٌ على أراضيها مستقلة عن غيرها.

وتابع المفتي: "ومن هنا فإنه يمكن أن نعد هذا شبيهًا بالدويلات التى كانت قائمةً في عصر ضعف الخلافة، فهي وإن كانت غالبًا تخضع للخلافة ولو في الصورة، إلا أنّ بعضها قد انفصل نهائيًّا وصار هناك أكثر من خلافة".

وأردف، وعليه فمَنْ حَكَمَ دولة من هذه الدول المعاصرة فإن له حكمَ الإمارة، ويجب على الناس أن يطيعوه ما لم يأمرهم بمعصية؛ فالغرض من الإمامة هو بعينه ما يقوم به رئيس الدولة حديثًا؛ من نحو سياسة الناس، وتدبير شؤونهم، وتنفيذ الأحكام، وتجهيز الجيوش، وكسر شوكة المجرمين، والأخذ على أيديهم، وإظهار الشعائر، مشيرًا إلى أنّ القول بغير هذا يؤدي إلى أن يصير الناس لا رئيس لهم ولا ضابط يسوسهم، وهذا مآله إلى الفوضى وعدم استقرار أمور البلاد والعباد، وهو ضد مقصود الشارع من كل وجه؛ لغلبة المفاسد المترتبة عليه التي تكر على المقاصد الشرعية الخمسة التي جاءت كل الملل بحفظها بالنقصان أو بالبطلان، وهي: حفظ النفس، والعقل، والدين، والعرض، والمال.

وأوضح المفتي: "لذلك فإن المتصفح للفقه الإسلامي يجد أنّ الفقهاء قد أقروا أشياءَ لما وقعت ولم يكن بدٌّ عنها لصلاح العباد والبلاد واستقرار الأمور عَدُّوها مشروعةً من حيث هي وقعت، فهي من باب ما يغتفر في الدوام ولا يغتفر في الابتداء، كعدم اشتراط العدالة في الإمام لدفع المفسدة الأكبر المترتبة على عدم تعيينه وعدم الحكم بصحة من يعينه من القضاة وغيرهم، وعليه فإن الدول التي يتحقق فيها هذا الوصف الآن هي دول إسلامية، وحكامها شرعيون يجب طاعتهم ما لم يأمروا الناس بمعصية".