لندن ـ كاتيا حداد
أعرب رئيس أساقفة مدينة كانتربري، في جنوب إنجلترا، جاستن ويلبي، عن "حزنه وأسفه العميقين" بعد سماع شهادات الفلسطينيين الذين أبعدوا عن أراضيهم عبر الجدار الخرساني الضخم الذي بنته إسرائيل بالقرب من بيت لحم، مشيرًا إلى أنّه "لا يمكنك أن تسمع شهادات الناس الذين يعيشون هنا، من دون أن يصبح قلبك أثقل وأثقل، وأكثر حزناً، مع الشعور بالناس الذين قادهم التاريخ إلى مكان حيث التفكك ".
وكشف ويلبي بعد تلاوة صلاة لسكان بيت لحم وبيت جالا المجاورة في ظل بناء الجدار الفاصل الذي يبلغ ارتفاعه 8 أمتار، أنّه "كما هو الحال دائمًا في هذه الأوقات، فان الضعفاء، والفقراء هم الذين يرفضون ويدافعون بقوة عن ذلك، رد الفعل العاطفي هو أحد مشاعر الحزن العميق والأسف، ونصلى لان يكون هناك عدالة وأمن للجميع ".
وزار ويلبي بيت لحم في إطار جولة استمرت 12 يومًا في الأراضي المقدسة، وفي وادي كريمزان، الذي يضم موطنا لرهبان وراهبات ساليسيان، أخبره المسيحيون الفلسطينيون بأثر الجدار الفاصل بعد إنشائه على مدى العامين الماضيين بعد معركة قضائية استمرت عشر سنوات.
وأفاد رئيس البلدية المحلية، وليام شير، أن إحدى أقدم الطوائف المسيحية في العالم تكافح من اجل حق تقرير المصير، مشيرًا إلى أنّ "اليوم، الغالبية العظمى من شعبنا يعيشون في الشتات، لكننا ما زلنا هنا، لقد أصبح وأدى كريمسان رمزا لجميع الناس"، وقال شير لويلبى إن إعلان "بلفور" الذي دعمت فيه الحكومة البريطانية إقامة "وطن قومي" للشعب اليهودي منذ 100 عام "كان أحد أقوى أعمال الاستعمار التي شهدها من قبل"، ومضيفًا أنّ الفلسطينيين يريدون اعتذارًا بينما يستعد البريطانيون للاحتفال".
وبيّنت سهيلة أبو سعد، 67 عامًا، أن أشجار الزيتون والفاكهة تبعد 20 مترًا فقط عن منزلها، ولكن على الجانب الآخر من الجدار، لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة إلا عبر نقطة تفتيش، مضيفة "لا أستطيع التعبير عن مدى غضبي، نحن الآن نعتمد فقط على الله"، وبدأ بناء الحاجز بالقرب من وادي كريميسان في أغسطس/آب 2015 في ختام معركة قانونية يشنها الدير وملاك الأراضي المحليين، من بوابة في الجدار تهدف إلى السماح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم، وفي عام 2004، حكمت محكمة العدل الدولية بأن الجدار غير قانوني حيث يتعدى على الأراضي الفلسطينية.
وأكّد ويلبي لممثلي كريمسان، أن هناك "حدود لما يمكن للكنيسة القيام به، ولكن يمكننا أن نتحدث ونذكر الناس بضرورة العدالة والأمن"، وفى وقت سابق، قال رئيس الأساقفة في مقابلة مع الغارديان، إن الوقت قد يأتي عندما يتعين على الأطراف التي تسعى إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إن تضم حماس في المحادثات.
وأشار ويلبي بعد زيارة إلى معقل "حماس" في غزة الأسبوع الماضي، إلى أنّه "في أي مكان يوجد فيه نزاع خطير، هناك نقطة تحتاج إلى التحدث إلى الجميع، ولكن يجب أن تكون النقطة التي يمكنك فيها إحراز بعض التقدم"، وتماشيًا مع سياسة الحكومة البريطانية، لم يلتق ويلبي ومساعديه بمسؤولي "حماس" في زيارتهم القصيرة إلى غزة، وبيّن ويلبي أنه لا ينبغي استبعاد المحادثات مع المتطرفين على جانبي النزاع - "حماس" والمستوطنين الإسرائيليين المتشدّدين، على حد وصفه.
وتبنّت الحكومة البريطانية، جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، سياسة عدم التحدث إلى حماس بعد فوز الحزب في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006 وسيطرته على غزة في العام التالي، غير أن بعض السياسيين والدبلوماسيين يعتقدون الآن أن ذلك كان مضللا، وأشاروا إلى تجربة الجيش الجمهوري الأيرلندي فى إيرلندا الشمالية، مبيّنين أنه لا يمكن إن يكون هناك حلّ للنزاع دون ضم "حماس" في محادثات السلام، وكشف ويلبي أن الناس في غزة قالوا له إنهم يشعرون بالنسيان من قبل بقية دول العالم