القاهرة - علي رجب
أعلنت مؤسسة "تقرير مؤشر الديمقراطية" رفضَها الحاسم لقانون التظاهر، وأصدرت تقريرًا مفصلاً عن أسباب ذلك الرفض، وأكد التقرير أن قانون التظاهر المقدَّم من حكومة الببلاوي فقد مصدر قُوّته الدستورية، ويعمل على تغوُّل سلطة التنفيذ في شأن إدارة هذا الحق، وتقيد نصوصه الحق في التظاهر وتعطله لا تكفله وتتيحه، وأحالت تقييداته الإخطار من إجراء احترازي لإجراء تعجيزي، وأصبح القانون في مضمونه لا يلتزم بطبيعة الحق في التظاهر ومساراته، ويقيد هذا الحق بالعديد من الشروط والعقوبات بشكل يناقض تمامًا الطبيعة الدستورية لهذا الحق، ويحيله لقانون يمنع التظاهر لا يمنحه. ولفت التقرير إلى الأسباب التشريعية التي تجعل قانون التظاهر غير دستوري ومنها، أنه إذا كانت القوانين المنظمة للحق في التظاهر تعتمد بالأساس على نص دستوريّ، وفي الفترة الراهنة فإن الدستور المصري معطل ويعاد ترميمه أو تعديله، فإلى أي أساس دستوري اعتمد مشروع القانون المقدم؟. وتساءل التقرير عن كيف يمكن للسلطة التنفيذية أن تضع مثل هذا القانون في غياب تام لسلطة التشريع (مجلسي الشعب الشورى)؟، بشكل يجعل منها مُشرِّعًا ومُنفِّذًا، وهو ما اعتبره التقرير منافيًا للأعراف الدستورية كافة، وأبدى التقرير اندهاشه من القيام بتشريع قانون في ظل كل تلك الأزمات التشريعية، في حين هاجمت مؤسسات الدولة كافَّة وربما جانب من واضعي هذا المشروع حكومة قنديل، عندما سعت لإقرار قانون مماثل في ظل غياب مجلس الشعب، وعلى الرغم من وجود مجلس الشورى بحجة أن سلطة التشريع غير مكتملة، وأنه لا يحق للشورى أن يستأثر بسلطة إقرار مثل تلك القوانين في ظل غياب مجلس الشعب. واعتبر التقرير أن قانون التظاهر الذي قيل إنه سيَجري بشأنه حوارٌ مجتمعيٌّ أفرط في العقاب، حيث شدَّد القانون على الحبس والغرامة ومعاملة الخارجين عن قواعد التظاهرة معاملة تشبه المتهمين الجنائيِّين، وبصورة امتدّت ليست لفاعلي الخروقات الاحتجاجية فقط بل للمحرض والمساعد، مما يُعرِّض جميع من في التظاهرة للعقاب على أخطاء شخص ربما يكون مندسًا من أي طرف يهمه إفشال التظاهرة. وأفرد القانون المواد من ( 17 – 25 ) لوصف العقاب الذي يفرضه على المخالفين، والذي وصل لسنوات من السجن ومئات الآلاف كغرامة، رغم أن معظم المواد العقابية المذكورة في القانون كحمل السلاح وغيرها لديها ما ينظم عقوبتها بقانون العقوبات المصري، لكن إفراد القانون لـ 9 مواد من إجمالي 25 مادة أساسية ومادتين تتعلق بالنشر، أي بما يعادل ثلث القانون من أجل إقرار عقوبات على المتظاهرين، بالإضافة لـ 6 مواد لتمكين الجهاز الشرطي، وفي النهاية يريد واضعو هذا القانون أن يطلقوا عليه اسم "قانون تنظيم الحق في التظاهر". وطالب التقرير بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات الموقتة لاحتواء أعمال التظاهرات والحركات الاحتجاجية العنيفة أو المعرقلة للمواطن والدولة وخاصة احتجاجات جماعة الإخوان وفروعها بالمؤسسات التعليمية، وبشكل لا يمثل إقصاءً أو تمييزًا، أن تعيد الدولة القانون وأي قوانين أخرى في الفترة الراهنة إلى الحوار المجتمعي، وأن تشرك معها في ذلك المنظمات الحقوقية العاملة في مجال الحريات، وأن تتوقف الدولة عن إصدار أية قوانين لجين الانتهاء من تعديل الدستور والوصول إلى الشرعية الدستورية، وأن تُقرّ الحكومة مجموعة من الإجراءات والتدابير المجتمعية حول القانون، وأن تُعيد نشر ثقافة دولة القانون بدلاً من المغالاة في العقوبات.