حادث مروّع في محطة مصر بالقرب من ميدان رمسيس

لم يكن الفارق بين الحياة والموت سوى 25 دقيقة، فبعد أن تنفّس المسافرون الصعداء في تمام التاسعة صباحًا بوصولهم سالمين للقاهرة دون تعرضهم لحوادث الاحتراق والتصادم والانقلاب التي تشتهر بها خطوط سكك حديد مصر، تلفظوا أنفاسهم الأخيرة وسط ما كانوا يخافونه من النيران والانفجار الضخم الذي سببه تصادم جرار وردية رقم 2302 بالصدادات الخرسانية بنهاية الرصيف رقم 6، والفرق هنا أنهم ماتوا خارج القطار لا داخله.

ساعة واحدة فصلت الأعداد المتزاحمة على أرصفة المحطات عن مشاهد مفزعة أو احتمالية الموت، حالة من الهلع والرعب سيطرت على المكان، بعضهم يركض ولا يدري لأين يتجه وآخرون يركضون وبأجسادهم النيران يصرخون طلبا للمساعدة والإنقاذ، وهنا تجلت شهامة المصريين ومسارعتهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المصابين التي التهمت النيران أجسادهم، صراخ الركاب على أصوات سرينة سيارات الإسعاف والمطافي التي وصلت في 10:00 للسيطرة على الحادث.

دخل رجال الحماية المدنية لمحطة مصر حاملين مدافع المياه في محاولة منهم لإخماد الانفجار ومنع امتداد النيران للمباني المجاورة، وفي غضون نصف ساعة بات المشهد كفيلم وثائقي يتحدث عن مخالفات الحرب العالمية الثانية، مياه سوداء ملأت أرصفة المحطة، جثامين متفحمة مجهولة الهُوية، ورجال الإسعاف يحاولون جاهدين في انتشال الجثث ونقل المصابين لأقرب المستشفيات المجاور لمكان الحادث.

اقرأ أيضًا:

اللحظات الأخيرة في حياة "وِسام" ضحيّة حادث "محطة مصر"

وفي تمام الحادية عشرة ظهرًا، توالى الوزراء إلى موقع الحادث للوقوف على أسباب وملابسات الحادث الذي هز قلوب المصريين، وبعد دقائق معدود أعلنت وزارة الصحة المصرية عن حصر الضحايا والمصابين وأماكن تواجدهم بالمستشفيات، وتوقفت حركة القطارات وبدا المشهد غريبًا الكل يشاهد في ذهول، وآخرون يوثقون الحادث بلقطات مصورة عبر كاميرات هواتفهم المحمولة.

وصل فريق من المعمل الجنائي والأجهزة الأمنية، لمعاينة تصويرية لموقع الحادث، تمهيدًا لإعداد تقرير عن الحادث، والبحث عن ضحايا آخرين أسفل الجرار المتفحم، وبعدها كلف النائب العام المستشار نبيل صادق، بتشكيل فريق من النيابة العامة لفتح تحقيق عاجل وموسع في حادث حريق قطار داخل رصيف 7 بمحطة مصر.

كما أمر المستشار، بالوقوف على الأسباب التي أدت إلى الحريق في القطار، والانتقال لسؤال المصابين وسماع الشهود ومعاينة موقع الحادث.

لم يمر هذا اليوم بسلام على المصريين خاصة من كانوا بالقرب من الواقعة، فلا يزال صراخ الركاب يدوي في أرجاء محطة مصر، الذي أحاطته رائحة الموت من كل مكان، والبعض الآخر يبحث عن من كان برفقتهم وذويهم، متمنين من الله عز وجل فرصة ثانية لهم للبقاء على قيد الحياة.

وفي الواحدة والنصف ظهرًا ألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق الجرار المتسبب في الحادث، وبعد دقائق قدم المهندس هشام عرفات وزير النقل، استقالته لرئيس الوزراء الذي قبلها في الحال.

وأعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، في الثانية ظهرًا، عن وفاة 20 مواطنًا وإصابة 28 آخرين في حادث قطار محطة مصر

قد يهمك أيضًا:

صاحب "سيلفي محطة مصر" يكشف دوره في إنقاذ الضحايا

وصول 3 سيارات إسعاف لمشرحة زينهم تقل 9 جثامين من ضحايا حادث "محطة مصر"