القاهرة - مصر اليوم
جمعت صورة بين "بسام أسامة"، 24 سنة، الطالب في جامعة خاصة، و"حبيبة"، 20 سنة، طالبة، كانت بعد حفل خطوبتهما منذ عدة أشهر، والتي جاءت بعد قصة تعارف وإعجاب وحب على مدار 5 سنوات، ولكنها انتهت بجريمة بشعة، سبقها تخطيط واتفاق بين الأب وزوجته وابنته، وجاءت كالتالي:
استدرج الفتاة لخطيبها "بسام"، بحجة لقاء عاطفي بينهما في مدينة الرحاب، وعقب ذلك تقوم بتسليمه لوالدها. و- إجراء اتصال هاتفي لشقيق بسام الأصغر "عمر"، تخبره بأن "بسام"، لم يحضر، حتى تبعد الشك عنها هي وأسرتها.
وبعد أن سار الجزء الأول للخطة بنجاح، وانتهى دور "حبيبة"، جاء دور الأب والذي تمثل في الآتي:
- استدرج الأب، الشاب، إلى الشقة "مسرح الجريمة". و- استعان بـ3 أشخاص آخرين، وكبلوا يديي الشاب ووضعوا لاصقا على فمه وجهوا له عدة طعنات. و- عقب التأكد من مقتل بسام، وضعوا جثته في "تابوت خشبي"، وحفروا له حفرة بطول مترين وعمق متر ونصف، ووضعوا كمية من الفحم داخله، حتى لا تنبعث رائحة كريهة من مكان دفن الجثة في تلك المقبرة.
- بلاغ تغيُّب
تفاصيل ومفاجآت كثيرة في الواقعة، جاءت تفاصيلها الكاملة طبقا لما ورد في تحريات المباحث، وتحقيقات النيابة العامة، واعترافات المتهمين، كالتالي:
توجه "عمر أسامة"، إلى قسم شرطة الشروق، يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، وطلب مقابلة رئيس المباحث، لتقديم بلاغ باختطاف شقيقه الأكبر "بسام"، وتغيبه عن المنزل لعدة ساعات. و- رفض رجال المباحث تحرير محضر بالتغيب، لعدم مرور 48 ساعة على اختفاء المُبلغ بتغيبه، دفع الأسرة لاتهام خطيبة الشاب ووالدها ووالدتها باختطاف ابنهم، في محضر رسمي. وعقب تقديم البلاغ، جرى استدعاء أسرة الفتاة لمناقشتهم بشأن الاتهام المنسوب إليهم من قبل أسرة الشاب، وبدأت القوات في استجواب أفرادها.
- مفاجآت
خلال عملية الاستجواب، تبيَّن بالكشف عن "أشرف حامد" 52 سنة، كيميائي، والد الفتاة "حبيبة"، خطيبة الشاب المختفي، أنه هارب من تنفيذ أحكام قضائية. ومفاجأة أخرى كشفتها التحريات عن أن الأب، يستخدم عدة بطاقات مزورة للهروب من الملاحقات الأمنية، وأنه هارب من القضيتين التاليتين:
1- رقم 14581/356 لسنة 2005 شبرا "مخدرات"، والمقضي فيها بالسجن المؤبد بجلسة 2 سبتمبر/ايلول 2008.
2- رقم 3128/5788 لسنة 2015 الخانكة بالقليوبية "تزوير"، والمقضي فيها بالسجن 15 سنة بجلسة 14 مايو/ايار 2016.
وأثبتت التحريات استخراج المذكور "شهادة وفاة" باسمه، بتاريخ 16 يوليو/تموز 2011.
- قضية جديدة
المفاجآت التي فجرتها التحريات، جعلت قوات الأمن تتوجه إلى مسكن المتهم، لتفتيشه، حيث عثرت بداخله على "5 بطاقات مزورة، 3 فيزا كارد، عقد بيع محل ملك المتهم"، وجميعها بأسماء منتحلة. وبمواجهة والد الفتاة بالاتهام المنسوب إليه، باختطاف الشاب بسام، أنكر صلته بالواقعة، كما أنكرت ابنته "خطيبة الشاب" مقابلته أو الاتصال به، في وقت معاصر لاختفائه، وتبعتهما والدتها بأنها ليس لها علاقة باختفاء بسام.
جرى التحفظ على الأب وسائقه "سوري الجنسية"، لمناقشتهما حول الاتهامات المنسوبة إليه في وقائع التزوير والنصب.
- جثة في "تابوت".. والجارة ساعدت على كشف اللغز
بعد مرور 48 ساعة على اختفاء الشاب، أعلنت مباحث القاهرة، الكشف عن قضية تزوير ونصب، متهم فيها كميائي وسائقه، في مدينة الشروق. وعقب ذلك، توجهت أسرة الشاب المختفي مرة أخرى إلى القسم، وتقابل أفرادها مجددا مع رئيس المباحث، حيث أكدوا تلقيهم اتصالا هاتفيا بطلب فدية مقابل تحرير ابنهما من الخطف.
وبإخطار اللواء محمد منصور مدير أمن القاهرة، أمر بتشكيل فريق بحث وتحرٍّ لكشف ملابسات الحادث، تحت قيادة اللواء نبيل سليم مدير المباحث الجنائية، والعميد عبد العزيز سليم رئيس مباحث قطاع القاهرة الجديدة، والعميد محمود هندي رئيس مباحث قطاع شرق القاهرة. وباستخدام التقنيات الحديثة، توصلت القوات إلى آخر مكان كان الشاب موجودا به قبل اختفائه، حيث تبين أنه كان بالقرب من مسجد الشربتلي في مدينة التجمع الخامس، وبتدقيق الفحص، تبين أن المجني عليه كان مع خطيبته حبيبة.
وأعادت قوات الأمن استجواب الفتاة ووالدها والسائق، وبتضيق الخناق عليهم، أشار السائق إلى أنه أحضر 3 أشخاص لولد الفتاة للقيام بعمل ترميمات في إحدى الشقق السكنية بالرحاب. وانتقلت قوة أمنية من المباحث، وأجرت معاينة للشقة التى أرشد عنها السائق، وكلنها لم تتوصل إلى أي شيء.
- سقوط الجاني
وبمناقشة عدد من الشهود وتفريغ الكاميرات القريبة من المكان، تبين أن سيدة تقطن بدات العقار الذي يضم الشقة، أكدت بسماعها أصوات لأشخاص وأعمال ترميم، في وقت معاصر لاختفاء بسام. وانتقلت القوات مرة أخرى بصحبة الأب وابنته وسائقه، إلى الشقة، وبتضيق الخناق عليهم، اعترف الأب بقتل الشاب ودفنه في تابوت خشبي، وقال للعميد عبد العزيز سليم رئيس القطاع: "كان بيبتزني.. قتلته وارتحت"
- 7 ساعات لاستخراج الجثة
عقب اعتراف والد الفتاة بجريمته، أُخطر المستشار أحمد حنفي، المحامى العام الأول لنيابات القاهرة الجديدة، والمستشار محمد سلامة رئيس نيابة القاهرة الجديدة، فانتقل فريق من النيابة إلى مسرح الجريمة.
واستعانت القوات بعدد من العمال، وبدؤوا فى أعمال الحفر لاستخراج الجثة، واستمرت النيابة والمباحث فى عمليات استخراج الجثة، لمدة 7 ساعات. وتبين من المعاينة لجثة الشاب، أنه مصاب بعدة طعنات في الصدر والرقبة، وتوجد آثار تكبيل في اليدين والقدمين. وأمرت النيابة بعرض الجثة على الطب الشرعي، بعد استخراجها، لبيان أسباب الوفاة.
المتهم ينهار ويكشف كيف ارتكب الجريمة.. وقصة ابتزاز خطيب ابنته من خلال صديقه الضابط
اعترف والد خطيبة الشاب بسام، في محضر الشرطة، بتفاصيل الواقعة، وقال إن بداية الواقعة، كانت باكتشاف بسام أن هناك اختلافا في الأسماء بين ابنتي واسمي في البطاقة، وأنه عرف بأني تمكنت من استخراج شهادة وفاة، للهرب من الأمن، واستخرجت بطاقة برقم قومي مزورة".
وأضاف: "الولد حكى لضابط شرطة من أصدقائه على القصة دي.. وبدأ يهددني إنه هيبلغ عننا، لو ما أخدش فلوس.. أنا طبعا الشيطان لعب في دماغي.. عندي 50 سنة، يعني لو دخلت السجن هموت فيه".
وتابع: "اتفقت مع السواق بتاعي يجيب ليا 3 عمال.. وطلبت من بنتي تستدرج ليا بسام علشان أتخلص منه.. فعلا هي كلمته وكان جايب ليها هدية ساعة وأسورة ذهب.. ولما اتقابلوا أنا أخدته بحجة يشوف شقة هتتأجر جديد فى الرحاب".
واستطرد: "طبعا بنتي حبيبة فضلت في شقتنا.. وأنا أخدت بسام وروحت بيه وكان هناك 3 عمال في الشقة.. ولما وصلنا قمنا بتكتيفه بالحبال، ووضعت له شريط لاصق على فمه.. وطعنته 4 طعنات.. وحفرنا له ودفناه في تابوت خشبي.. وخِلصت منه.. ده كل اللي حصل".
وعقب تسجيل اعترافات الأب، أُلقي القبض على زوجته وابنته في الزعفرانة بمحافظة البحر الأحمر، وكذلك على باقي المتهمين (العمال) المشتركين في الجريمة. وبعرض جميع المتهمين على المستشار محمد سلامة، رئيس نيابة القاهرة الجديدة، قرر حبسهم على ذمة التحقيقات.
- الأب المصاب بالسرطان يحضر جنازة ابنه بسيارة إسعاف
المحطة الأخيرة للشاب بسام على وجه الأرض، كانت ظهر ، الثلاثاء، حيث شُيعت جنازته، بعد الانتهاء من تشريح جثته، في مقابر الأسرة بالعاشر من رمضان.
كان الأب حاضرا لجنازة ابنه، أتى رغما عنه ليُلقي نظرة وداع على ابنه "البِكري"، ولكن من داخل سيارة إسعاف بعد أن نال منه مرض السرطان كثيرا، أقلَّته من المستشفى الذي كان يعالج به. ولم تقو قدماه على حمله، وظل يراقب المشهد عن قرب وسط الصراخ والدموع حتى أوصل بسام إلى قبره، وعاد الأب إلى المستشفى والدموع تملا عينيه، دموع كادت أن تنطق: "ربما نلتقي قريبا يا بسام.. قريبا يا ولدي".