جنود القوات المسلحة امصرية

 ذكريات النصر في العاشر من رمضان، ليست مجرد كلمات في كتاب التاريخ، بل هي أحداث شكلت ماضي وطن، أخرجه رجاله من كبوته، ورسموا بدمائهم نصره، وغيروا وجه المستقبل في المنطقة، ٥٤ عامًا مرت على انتصار اﻷبطال، ويستعيد أبطالنا اليوم نفس الروح، في حرب شرسة على فلول الإرهاب اﻷسود، يطهرون اﻷرض المقدسة، من احتلال التطرف والجهل والعنف.

بحثت "بوابة اﻷهرام"، وفتشت في أوراق عدد من أبطال نصر العاشر من رمضان، وصفحاتهم الشخصية، وحواراتهم، لتطل دروس الحرب بكل فخر وإباء وشمم، تلخص منهاج حياة، وتؤسس لدليل نسترشد به للطريق نحو النصر.

يقول اللواء سامح العشري، كان أثناء الحرب برتبة "نقيب" في استطلاع الفرقة الثانية مشاة، أن المجهود الرئيسي للجيش الثاني الميداني- باعتبارها أول فرقة عبرت واقتحمت القناة في حرب 1973م وبدون خسائر أثناء العبور، وأول من رفعت علم مصر على الضفة الشرقية للقناة متذكرًا أيام النصر:

يوم 10 رمضان، 6 أكتوبر 1973، كنت في سيناء أمهد الطريق للأبطال المغاوير ﻻقتحام القناة الساعة الثانية والثلث ظهرًا، لتنفيذ المهمة القتالية بعمل رؤوس كباري والتشبث باﻷرض، وتدمير أكبر قدر من قوات ومدرعات العدو، الذي سيقوم بالهجوم المضاد .. وقد أذهلت مفاجأة التوقيت، إسرائيل والعالم، والمعركة لها صفحات وصفحات سواء لتوقيت اقتحام أو الصمود والتصدي باﻹرادة، وبأبسط أنواع المعدات والتسليح وكنت مازالت شابًا في السادسة والعشرين.. ويستكمل اللواء العشري، علمني الجيش المصري الكثير من قيم البطولة أهمها:

1 ـ ألا أضع في قاموسي كلمة هزيمة.

2- عدم الاعتراف بشيء اسمه اليأس.

3-ـ مواجهة كل الأخطار مهما كانت.

4- عدم الهروب من المسؤولية ومواجهة كل شيء بقوة.

5ـ القوة لا تحارب إلا بالقوة.

6- سلاحي أهم أعضاء جسدي.

7- مصر أمانة والدفاع عنها فرض.

8- مهما كانت الإغراءت لا أبيع بلدي أبدًا.

9-الانكسار للجبناء فقط ... !!

10 ـ العدو لن يهدأ وسيظل يحاربنا علنًا وسرًا.

وعندما يقدم اللواء سامح العشري نفسه يقول: أنا جندي مصري عاشق لوطني، يا من تحاربني على أرضي.. هل تعلمت معنى كلمة الشرف.. هل تعرف قيمة مصر وجيشها..هل تعرف من أنا؟ .. أنا من قال فيه الحبيب "خير أجناد الأرض"، كنت ومازلت وسأظل أدافع عن وطني ضد أي خائن وعميل.

ويختم جزء من ذكرياته بقوله "نحن لم ننتصر في حرب العاشر من رمضان بالصدفة أو الحظ، وإنما بالتخطيط الجيد، ولم يترك أي شيء مهما كان صغيرًا للصدفة، بل كل شيء وضع في اعتبار والحمد لله.

أما اللواء رضوان طلبة، أحد أبطال موقعة "تبة الشجرة"، أحد رموز التحرير في حرب الشمس، يشير إلى إحدى مهامه أثناء حرب النصر والعزة العاشر من رمضان، هي اقتحام تبة الشجرة "موقع حصين" وهي مركز قيادة العدو الإسرائيلي لسيطرة على إدارة أعمال القتال للقوات الاحتلال الإسرائيلية الموجودة في القطاع الأوسط، وتم القضاء عليه بنجاح خلال 45 دقيقة.

وحكى اللواء طلبة كيف لمح العريف رجب محمد مصطفى، مجموعة من الكابلات في الأرض، وتبين أنها كابلات الاتصالات الأرضية ووحدات الخط، فقام بقطعها جميعًا، وأثناء الهجوم الليلي الصامت، خرجت سيارة جيب مسرعة وقائد العدو الإسرائيلي للموقع الحصين يهرب ويترك جنوده وضباطه متخوفًا مما حدث في قطع الاتصال، كما قام أحد أبطال الجيش المصري البواسل، بضرب مولد الكهرباء لمركز قيادة العدو الإسرائيلي، ومنع جميع المراسلات من إرسال واستقبال.

كما روى، أحد المشاهد التي هزته خلال حرب أكتوبر، قائلًا: في يوم العاشر من رمضان 1973، كلفت السرية بمهمة طرد 3 دبابات على تبة مرتفعة، وكان معي العريف رجب محمد مصطفى، وقام العدو بإطلاق دفعة رشاش نصف بوصة علينا، وتم إصابته بطلقة في صدره، ولعزة نفسه، نهض على قدميه بثبات، حتى لا يسقط على الأرض، وعندما وجدت الجرح وهو ينزف قلت له "سيتم إخلاءك في الحال .. فرد علينا بمقولة مؤثرة حاسمة قاطعة لن أنساها فقال: "يا فندم أنا مكمل معاكم.. بلدنا أهم مننا"، حتى استكمل الهجوم وقام المجند محمد محمد سليمان من دمياط بضرب الدبابة بقذيفة "أر بي جي"، لتشتعل فيها النيران ويهلك من فيها.

وأكد طلبة، أن القوات المسلحة، اعتمدت في تحفيز الجنود ورفع روحهم المعنوية من خلال ركائز أساسية، وهي القائد والجندي والسلاح، وبالفعل اكتسحنا العدو في حرب 1973، وعبرنا خط بارليف الذي كان من أقوى الحصون التاريخية، وفي أول يوم قتال، تمكنا من تدمير 29 نقطة من أصل 31 نقطة قتال للعدو الإسرائيلي.

وبشأن الحرب في رمضان، أشار طلبة إلى إصدار الشيخ عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر، في ذلك الوقت، فتوى بجواز الإفطار لكل أفراد الجيش على الجبهة فكان الأغلب يصوم دون أوامر بالصوم، ولكن كانت فتوى الإفطار رخصة وقت الحاجة، موضحًا إلى قيام القوات المسلحة بعمل لافتات لإدخال البهجة في الشهر الكريم بوجود الوعاظ، وكذلك إعداد بعض الحلويات المشهورة في مصر، كالقطايف والكنافة والأرز باللبن.

وأوضح اللواء طلبة أهمية التوعية الدينية وتنسيق إدارة الشئون المعنوية، ووجود الوعاظ والدعاة بشكل دوري ومنتظم على مدار العام، وكذلك تواجد حلقات دينية للأخوة المسيحيين، فكانت زيارات الجبهة مستمرة من شيخ الأزهر، وتأدية صلاة الجمعة معه، وكذلك زيارات الإخوة المسيحيين من الكنيسة.