اندلعت اشتباكات عنيفة بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن في ميدان التحرير، الذي توافد عليه عشرات الآلاف الثلاثاء، للمشاركة في مليونية "للثورة شعب يحميها"، التي دعت إليها القوى والأحزاب السياسية، بهدف "إسقاط" الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس المصري، محمد مرسي، أواخر الأسبوع الماضي، وأدت إلى تفجر موجة واسعة من الاحتجاجات. وأفادت مصادر رسمية بأن المصادمات امتدت إلى ميدان "سيمون بوليفار"، بالقرب من مبنى السفارة الأمريكية، وقالت إن عدداً من المتظاهرين، وغالبيتهم ممن لم تتجاوز أعمارهم سن السابعة عشرة، قاموا برشق قوات الأمن بالحجارة، والتي قامت بالرد عليهم بالحجارة وقنابل الغاز المسيل للدموع، والتي وصل مداها إلى مدخل ميدان التحرير، من ناحية مسجد عمر مكرم. وأورد موقع التلفزيون المصري، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، وقوع إصابات بين المتظاهرين، لم يتم الإعلان عن عددهم، في الوقت أكدت  مديرية أمن القاهرة، في بيان صدر عنها ظهر الثلاثاء، ارتفاع أعداد رجال الشرطة المصابين في الأحداث المتواصلة بمحيط ميدان التحرير، ومنذ صدور الإعلان الدستوري الخميس الماضي، إلى 218 مصاباً. وأضاف البيان أن من بين الجرحى 37 ضابطاً، غالبيتهم مصابين بطلقات "خرطوش"، بالإضافة إلى إتلاف 22 مركبة تابعة للشرطة، كما أشار إلى ارتفاع أعداد المقبوض عليهم من "مثيري الشغب"، خلال تلك الأحداث، إلى 348 شخصاً، تمت إحالتهم إلى النيابة العامة، التي أمرت بحبس 109 متهمين، وإخلاء سبيل 165 آخرين، وتسليم 74 حدثاً إلى ذويهم. وأصدر الرئيس المصري، الخميس الماضي، إعلاناً دستورياً يمنع بموجبه القضاء من إلغاء أي قرار أو قانون أصدره، منذ توليه السلطة بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، وحتى الانتهاء من إعداد الدستور الجديد للبلاد، كما يحصن اللجنة التأسيسية للدستور ومجلس الشورى ضد أي أحكام قضائية بحلهما. كما أصدر مرسي قراراً بإقالة النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، متهماً النيابة العامة بأنها لم تقدم أدلة الاتهام الكافية بقضايا محاكمة المتهمين بقتل والتحريض على قتل الثوار، وما تبعها من أحداث، كما خصص المادة الأولى من الإعلان الدستوري لإعادة التحقيقات والمحاكمات الخاصة بتلك القضايا. إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن "قضاة مصر" استنكروا ما جاء في البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية مساء الاثنين، في أعقاب اللقاء الذي عقده الرئيس مرسي مع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وجدد القضاة وصفهم للإعلان الدستور بأنه "منعدم." وكان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، ياسر علي، قد ذكر في تصريحات نقلها التلفزيون المصري، أنه "لا تعديلات على الإعلان الدستوري"، مشيراً إلى أن الرئيس أكد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى أن المادة الخاصة بإعادة التحقيقات والمحاكمات للمتهمين بقتلة "الثوار"، تتعلق فقط بظهور أدلة جديدة. كما أشار المتحدث الرئاسي، بحسب بيان تلاه عقب نهاية الاجتماع، أن الرئيس أكد أيضاً أن المادة الخاصة بتحصين قراراته، الواردة بالإعلان الدستوري، تقتصر فقط على القرارات التي تتعلق بأعمال السيادة. ورداً على البيان الرئاسي، أصدر "نادي القضاة" بياناً الثلاثاء، أكد فيه ثبات قضاة مصر على "موقفهم الصلب"، كما شدد على أنه سيتم "استكمال كافة الإجراءات التصعيدية، للحفاظ على دعائم دولة القانون، وحماية لاستقلال وحقوق وحريات الشعب المصري." وتواصل الثلاثاء، ولليوم الثالث على التوالي، تعليق العمل بكل النيابات ومحاكم الجمهورية، حيث واصل القضاة وأعضاء النيابة إضرابهم، وتعليق جلسات المحاكم، وتأجيل القضايا إدارياً، وعدم مباشرة التحقيقات في النيابات الكلية والجزئية، امتثالاً لتوصيات وقرارات الجمعية العمومية لنادي القضاة، والجمعيات العمومية لكل محكمة، والتي عقدت على مدى يومي الأحد والاثنين، وأقرت تعليق العمل بالكامل في دوائر المحاكم. واقتصر العمل في المحاكم والنيابات على نظر أوامر تجديد فترات الحبس الاحتياطي، والأمور المستعجلة، كاستصدار تصاريح الدفن، والأسرة "مال ووراثة"، وإيداع الأحكام. وشمل تعليق العمل الكامل معظم محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية، وكافة النيابات، اعتراضاً على ما تضمنه الإعلان الدستوري من التدخل في اختصاصات السلطة القضائية، وتحصين قرارات رئيس الجمهورية، وعزل المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام، من منصبه، بالمخالفة لقانون السلطة القضائية.