دمشق ـ وكالات
يمر الوقت سريعا للخروج بخطة دولية جديرة بالثقة من شأنها العمل على تأمين أسلحة سوريا الكيميائية عند سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.وعلى الرغم من أن ذلك اليوم يظل مستبعد الحدوث -حيث دحض الأسد كل التوقعات السابقة التي تنبأت بأنه سيمنى بهزيمة سريعة ساحقة-، إلا أن الأحداث تمر بسرعة على الأرض بطريقة تجعل الدول الغربية تسعى جاهدة لوضع الخطط التي ستواجه من خلالها مختلف التحديات الأمنية لمرحلة ما بعد الأسد في سوريا.من جانبه، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي مايك روجرز لـ بي بي سي إنه "إذا لم يجر التوصل إلى خطة إقليمية للتعامل مع الأسلحة الكيميائية، فإنها قد تشكل خطرا يتهدد المنطقة بأسرها، فمن الممكن أن تنتشر داخل الأراضي اللبنانية، وقد تقع في أيدي جماعات تصنف على أنها منظمات إرهابية".وقال روجرز: "أعتقد أن أمامنا الكثير لنقوم به حتى نتأكد من أن جامعة الدول العربية وتركيا وحلفاءنا من الأوروبيين يقفون معنا بخطة تسمح بالتأمين الفوري لأنظمة التسليح تلك".وأضاف: "إذا لم يحدث ذلك، فإننا سنكون في مواجهة حدث من شأنه أن يتسبب في اضطراب كبير يحدث في المنطقة، وقد يتسبب في زعزعة استقرار الحكومات على مستوى الشرق الأوسط برمته".لحظة من فضلك... هل تتحدث عن أسلحة كيميائية في دولة شرق أوسطية؟ ومصادر استخباراتية غير معلومة؟ ألم يحدث ذلك من قبل عام 2003 مع العراق؟نعم لقد حدث، إلا أننا بصدد اختلافين رئيسيين بالنظر لما يحدث في سوريا. فحكومة الأسد لا تنفي امتلاكها لأسلحة كيميائية، إلا أنها أكدت على عدم استخدام تلك الأسلحة ضد الشعب السوري.وعلى العكس مما حدث في العراق حيث كانت إدارة بوش الأمريكية تسعى وراء غزوها، فإن الدول الغربية تبذل الآن قصارى جهدها حتى لا تساق إلى المشاركة في صراع عسكري في سوريا.وإذا ما أخذنا في الاعتبار وجهة النظر العديد من الاشخاص في منطقة الشرق الأوسط أن الدول الغربية تتحيز أحيانا لشن مغامرات عسكرية على الدول الإسلامية، فمن الغريب أن تكون لموقف الدول الغربية وإحجامها عن الانسياق في صراع داخل سوريا تبعاته ومشكلاته الخاصة.وقال صحافي سوري يعيش في بريطانيا مالك عابده "ان السوريين قلقون بشكل كبير إزاء عمليات خرق القانون"،مشيراً الى "أنه ستحدث مقاومة كبيرة لأي تواجد عسكري غربي على الأرض".وقال عابده: "لقد رفضت الدول الغربية تسليح المعارضة، ومن ثم فإنها –المعارضة- ترى أن الدول الغربية لا تمتلك حق التدخل في حال رحيل الأسد".وأضاف عابده أن المعارضة استنكرت قرار الولايات المتحدة بوضع "جبهة النصرة"، الجماعة ذات الصلة بتنظيم القاعدة والتي تشارك بين صفوف المعارضة، على قائمة المنظمات الإرهابية لديها.واردف: "ينظر الناس إلى ذلك على أنه نوع من النفاق، حيث تصف الدول الغربية من يقاتلون نظام بشار الأسد بأنهم إرهابيون، بينما تنتظر الولايات المتحدة في الوقت نفسه سقوط ذلك النظام".وحتى الآن، فإن أغلب ما يظهر من استعدادات من قبل الدول الغربية لسوريا بعد رحيل الأسد يقتصر على الجهود الدبلوماسية، إضافة إلى رعاية المعارضة خارج الأراضي السورية، بينما تذهب مساعيها أدراج الرياح لأن تتخذ منظمة الأمم المتحدة بعض المواقف الحازمة إزاء ذلك.من جانبه، قال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، آليستر بيرت ان "بريطانيا عملت إلى جانب عدد كبير من الهيئات المختلفة للتحضير بقدر الإمكان لتلك المرحلة قبل وقوعها".أما تيم كروس، وهو جنرال في الجيش البريطاني كان قد أرسل للمساعدة في إعادة بناء العراق، فيدرك جيدا حجم المخاطر التي ستحدث جراء انهيار الحكومة في سوريا.وقال كروس: "لا أعتقد أن الدول الغربية تعاملت مع الموقف بشكل جيد، لقد انقلبنا بقوة وبشكل سريع على نظام الأسد، ووصمناه بالشر وعزلناه، وحاصرناه، وها نحن نرى النتيجة الآن."وفي الواقع، تتسارع الأحداث على الأرض بينما تحاول الدول الغربية أن تواكبها بالاستعدادات. فعلى سبيل المثال، ستتردد جماعة جبهة النصرة في أن تسلم أسلحتها في سوريا بعد رحيل الأسد.وتابع عابده: "سيكون تأثير الدول الغربية والولايات المتحدة وبريطانيا على الأراضي السورية محدودا، حيث ستشهد الدولة حالة من عدم الاستقرار تصل إلى خمس سنوات، حتى بعد رحيل الأسد".وأضاف: "إن ما يهم الآن في سوريا هو الجيش، فمع أنه يمثل عاملا هاما لبقاء بشار الأسد، إلا أنه يمثل عاملا هاما أيضا لبقاء سوريا كما هو معلوم لدينا"."