طوت الولايات المتحدة والصومال عقدين من الحروب في هذا البلد الواقع في القرن الافريقي، بلقاء عقده الرئيس الاميركي باراك اوباما مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود في واشنطن معترفا بذلك بحكومة في مقديشو للمرة الاولى منذ 1991. وصرحت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عقب محادثات مع الرئيس الصومالي "اليوم تحققت خطوة مهمة، وهي ليست نهاية الرحلة، ولكنها خطوة باتجاه تلك النهاية". واضافت "لاول مرة منذ 1991 تعترف الولايات المتحدة بحكومة الصومال"، مضيفة ان واشنطن تريد الان "حوارا مفتوحا وشفافا حول ما يمكننا ان نفعله لمساعدة الشعب الصومالي على تحقيق احلامه". وبهذه الخطوة ينتهي فصل مظلم من العلاقات بين البلدين عندما صدم الاميركيون في 1993 لمشاهد جنود اميركيين يسحلون في شوارع مقديشو بعدما اسقط مسلحون صوماليون مروحيتي بلاكهوك. وقتل في الحادثة 18 اميركيا واصيب 80 بجروح. وتفتقر الصومال الى حكومة مركزية فعلية منذ 1991. ولكن حكومة صومالية جديدة تولت امور البلاد العام الماضي لتنهي ثماني سنوات من الحكم الانتقالي لحكومة اتهمت بالفساد. وقال الرئيس الصومالي لكلينتون "الصومال ممتنة جدا للدعم الثابت الذي قدمته الولايات المتحدة للشعب الصومالي". وقال ان بلاده "تخرج من فترة طويلة وصعبة للغاية" وانها "تخرج الان من فترة من عدم الاستقرار والتطرف والقرصنة .. الى عهد من التنمية السلمية". وخلال الاشهر الاخيرة يقاتل 17 الف جندي من الاتحاد الافريقي الى جانب القوات الحكومية والاثيوبية بدعم من الولايات المتحدة. وتمكنت تلك القوات من السيطرة على العديد من البلدات الرئيسية التي كانت تحت سيطرة حركة الشباب الاسلامية المسلحة. وقالت كلينتون "اليوم وبفضل الشراكة الاستثنائية بين قادة الصومال وشعبها وبين الداعمين الدوليين، فقد اجبرت حركة الشباب على الخروج من مقديشو وغيرها من المدن الكبرى في الصومال". واضافت "لاول مرة منذ عقود، اصبح لهذا البلد حكومة تمثيلية ورئيس جديد وبرلمان جديد ورئيس وزراء جديد ودستور جديد". واكدت انه لا يزال امام قادة البلاد الجدد الكثير من العمل "الا انهم بدأوا مهمة هامة بمستوى من الالتزام نجده مثيرا للاعجاب". وكان الرئيس الاميركي التقى الخميس نظيره الصومالي. واوضحت الرئاسة الاميركية في بيان ان "الرئيس اوباما انضم صباح اليوم الى اجتماع بين (...) مساعد مستشار الامن القومي دنيس ماكدوناو والرئيس الصومالي" في البيت الابيض. ولم يكن هذا اللقاء مدرجا في البرنامج الرسمي اليومي للقاءات اوباما. واشار البيان الى ان اوباما هنأ نظيره الصومالي على انتخابه في ايلول/سبتمبر الماضي و"اخذ علما بالتطور الملفت في مجال السياسة والامن في العام المنصرم في الصومال". واضاف المصدر ان اوباما "اقر بالصعوبات الكثيرة التي على الصومال مواجهتها، لكنه اعرب عن تفاؤله حيال مستقبل الصومال، وكرر التزامه العمل بالشراكة مع الحكومة الجديدة". وحض اوباما نظيره الصومالي على "اغتنام هذه الفرصة الفريدة لطي صفحة عقدين من النزاع". ورغم كل التوقعات الا ان حسن شيخ محمود، الذي كان يعمل محاضرا في الجامعة، وقع عليه اختيار البرلمان ليكون رئيسا جديدا للبلاد من بين مجموعة من المرشحين في انتخابات ايلول/سبتمبر. وفي مؤشر على العنف الذي لا يزال يسود الصومال، نجا الرئيس الصومالي من محاولة اغتيال بعد ايام قليلة من تنصيبه. وقال الرئيس الصومالي لكلينتون "نحن نعمل من اجل صومال متصالح مع نفسه ومع جيرانه يستطيع مواطنوه ممارسة حياتهم اليومية بامان". واضاف ان "انعدام الاستقرار والتطرف العنيف والجرائم في الصومال تشكل تهديدا ليس فقط على الصوماليين ولكن على المنطقة والعالم باكمله. ونحن نتطلع الى المستقبل بامل وفخر وتفاؤل". وتفتح هذه الخطوة الاميركية الابواب امام الصومال الذي سيكون محور مؤتمر دولي جديد تستضيفه بريطانيا في ايار/مايو. وذكر مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن هويته انه لم يتم الكشف عن اية صفقة مساعدات في لقاء الرئيس الصومالي بوزيرة الخارجية الاميركية. واضاف الا ان "حقيقة اننا اعترفنا بالحكومة هناك سيسمح لنا بالقيام بامور عبر (الوكالة الاميركية للتنمية الدولية) يواسايد لم نكن نتمكن من القيام بها من قبل، كما سيمهد الطريق لتقديم المساعدة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".