استقبل فضيلة الإمام الأكبر شيخ "الأزهر" أحمد الطيب وزير الدولة البريطانية لشؤون المعتقدات الدينية والمجتمعات الإنسانية سعيدة حسين وارسي، وسفير بريطانيا لدى القاهرة، والوفد المرافق لهما، وقد تناول اللقاء بحث سبل تدعيم أوجه التعاون المشترك بين الجهات العلمية والثقافية والدينية البريطانية و"الأزهر" الشريف. وقد استهل فضيلة الإمام الأكبر حديثه بالتعبير عن فَخره لوجود وزير مسلم في الحكومة البريطانية، وفي هذا المكان المهم في قلب أوروبا، قائلاً "الأمر يُدلِّل على أن دين الإسلام وحضارته منفتحان على الآخر، بغضِّ النظر عن الاختلاف في الألوان والأجناس واللغات والأديان والأعراف، وقد أكَّد القرآن هذه الحقيقة، وأنها سنة ربانية باقية إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، مما يدفع الناس إلى أن يتعارفوا ويتعاونوا فيما بينهم، وهذا إثراء للحضارة البشرية، ونحن نُثمِّن هذا النهج الذي يسمح للمواطنين المسلمين في بريطانيا بالاندِماج الواعي الذي يحتفظ فيه صاحبه بكلِّ ثوابته الدينية، دون تناقض مع مجتمعه الغربي الذي يعيش فيه".وأكَّد فضيلته قائلاً "على الرغم من الحريات الواسعة التي يعيشها العالم الغربي، إلا أن هناك مصادرة للحريات الفردية والجماعية لمواطنيها المسلمين في بعض دول أوروبا"، وأضاف "أتعجب على سبيل المثال من موقف إحدى كبرى الدول الأوروبية في مصادرتها لحجاب المرأة المسلمة، أو إثارة قضية الذبائح في عيد الأضحى، ممَّا يتعارض مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، كما أتعجب من بعض الأصوات في الحضارة الغربية الذين يعتبرون أنَّ عدم شرب الخمور والمسكرات وارتداء الحجاب واختلاط الفتيان والفتيات دون ضَوابط أمرًا يتعارض مع السلوك الحضاري الحديث".و ردًا على قول الوزير بأن بعض المجتمعات الغربية تُضفي على زواج المثليين الصبغة القانونية بعقود مدنية، على الرغم من رفض معظم الهيئات الدينية، قال فضيلته "أرفض رفضًا تامًّا كل الدعوات التي تؤيِّد سن تلك القوانين، التي تتعارض مع الشرائع السماوية، ومع الطباع السوية والعقول السليمة"، مضيفًا "إن هناك خيطًا رفيعًا بين الحرية وبين الفوضى، وأنَّ إباحة مثل هذه الأمور من قبيل الفيروسات التي ينبغي على العقلاء نبذها، لأنها تفسد المجتمعات وتسيء إليها، فإضافة إلى البعد الديني، هناك البعد الأخلاقي والفطري، مما يتطلب من كل العقلاء الوقوف ضد هذه السلوكيات الشاذَّة".وذكر فضيلته أنه كان يقرأ في الليلة السابقة كتاب "أزمة الضمير الأوروبي"، للكاتب الفرنسي بول آزار، وكان يتحدث عن السلوكيات الاجتماعية الغربية في الفترة ما بين 1600 إلى 1715، واستنتج وجود أزمة في الضمير الأخلاقي، قائلاً "كل ما كان مقبولاً في هذه الفترة أصبح مرفوضًا تمامًا بعد ذلك، وهي الأزمة  نفسها التي نعيشها اليوم، وكأنَّ التاريخ يعيد نفسَه". وقد أكد الوزير البريطاني على حرص الحكومة البريطانية على ترسيخ مبدأ الحريات بين المواطنين كافة، دون التفرقة بينهم في اللون أو الجنس أو الدِّين، على الرغم من وجود بعض الجاليات الإسلامية التي تتبع تقاليدها وأعرافها، مما يعطي انطباعًا عن بعضهم بأنهم مُنعزِلون عن ركب المجتمع، وهو الأمر الذي يستغلُّه الإعلام الغربي ضد سماحة الإسلام ووسطيته".