قرر حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار وسط) الذي ينتمي اليه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الاثنين، "تجميد" انسحابه من الحكومة الائتلافية التي تسيطر عليها حركة النهضة الاسلامية، معلنا رفضه قرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي ،الامين العام لحركة النهضة، تشكيل حكومة تكنوقراط دون استشارة احزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم. وقال محمد عبو الامين العام لحزب "المؤتمر" في مؤتمر صحفي "قررنا ان نجمد قرار سحب وزرائنا من الحكومة لمدة اسبوع، وإن لم تلب طلباتنا سننسحب من الحكومة دون رجعة". وأضاف "بالامس اتصلت (بنا) قيادات من (حركة) النهضة لاجراء اجتماع معنا من اجل المصلحة العامة للبلاد، والتزموا يتنفيذ كل ما طلبه المؤتمر". ويطالب الحزب اساسا باستبدال وزير العدل نور الدين البحيري القيادي في حركة النهضة، ووزير الخارجية رفيق عبد السلام، والاخير صهر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، بسبب سوء الاداء. وقال محمد عبو "لدينا ما يكفي من المعلومات (الحجج) لاحداث تغييرات" في وزارتي العدل والخارجية مؤكدا ان حزبه "لا رغبة له" في تولي هذين الحقيبتين. وانتقد محمد عبو بشكل خاص اداء وزير العدل قائلا "ما حصل في القضاء لم يكن في المستوى المطلوب". ويتهم معارضون حركة النهضة بتوظيف القضاء واستعماله ضد خصومها السياسيين وبتعطيل مسار "استقلال القضاء" عن السلطة التنفيذية. وفي سياق آخر اعلن محمد عبو معارضة حزبه لقرار حمادي الجبالي رئيس الحكومة وامين عام حركة النهضة تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة، دون استشارة احزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم. وبعد انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 شكلت حركة النهضة ائتلافا حاكما مع حزبي "المؤتمر" الذي اسسه منصف المرزوقي، و"التكتل" الذي يتزعمه مصطفى بن جعفر، الرئيس الحالي للمجلس الوطني التاسيسي (البرلمان). وعلى خلاف حزب المؤتمر، اعلن حزب التكتل تاييده لقرار الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط. وقال محمد عبو "نحن ضد حكومة تكنوقراط، لانها قد تعيد عناصر من النظام السابق (للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) الى الحكومة". وكان حزب المؤتمر قدم في وقت سابق مقترحا لتمرير قانون للعزل السياسي ضد كل من عمل مع الرئيس المخلوع. واضاف "من يفكر ان حكومة تكنوقراط ستهدئ البلاد فهو خاطئ في ذلك". وتعيش تونس ازمة سياسية منذ اغتيال معارض علماني بارز لحركة النهضة. في المقابل اعتبر محمد عبو قرار حمادي الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط من دون استشاره حزبه (حركة النهضة) بالقرار "التاريخي". وقال في هذا السياق "قرار الجبالي قرار تاريخي بتجاوز حزبه، وهذا ايجابي". والاثنين جدد الجبالي التاكيد على ان تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة هو السبيل الوحيد لتجنيب البلاد شبح الفوضى والعنف الذي خيم عليها منذ اغتيال شكري بلعيد (49 عاما) المعارض العلماني الشرس لحركة النهضة، الاربعاء الماضي امام منزله في العاصمة تونس. وقال الجبالي في تصريح نشرته جريدة لوموند الاثنين "الوضع صعب واستعجالي، هناك خطر عنف.أنا المسؤول عن الحكومة ولا يمكنني الانتظار". واضاف "ليس هناك من خيار آخر إلا تشكيل حكومة انتقالية مستقلة عن الاحزاب، تكون اولويات عمليها تنمية الجهات (الداخلية في البلاد) والتشغيل ومقاومة غلاء المعيشة وبالخصوص تحسين الامن" ملوحا من جديد بالاستقالة في حال فشلت جهوده في تشكيل حكومة تكنوقراط منتصف الاسبوع. وتابع "سأطلب بشكل ودي من كل الوزراء ان يستقيلوا. انه امر صعب لكن الظروف تستوجب ذلك" في اشارة الى اغتيال شكري بلعيد التي لم يتم الى حد الان اعتقال منفذيه. وفي هذا السياق قال خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية لفرانس برس ان "فرقا (امنية) عديدة تعمل للكشف عن مرتكبي هذه الجريمة النكراء" لافتا الى انه ليس بامكانه تقديم تفاصيل اكثر بسبب سرية الابحاث القضائية. وبحسب حمادي الجبالي فإن قتلة بلعيد لم يكونوا "هواة" وان "جهازا كاملا كان وراءهم" وان التحقيقات قد تكشف عن "نتائج خطيرة جدا". والاثنين اعلن فتحي العيادي رئيس مجلس شورى حركة النهضة ان المكتب التنفيذي للحركة الذي اجتمع ليلة امس رفض مقترح الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط. ويقول مراقبون ان اصرار الجبالي على تشكيل حكومة تكنوقراط في تحد لحزبه، يترجم بوضوح صراعا تحرص النهضة دائما على اخفائه، بين الجناحين المعتدل بقيادة الجبالي والمتشدد بقيادة راشد الغنوشي رئيس الحركة. وتظاهر الاثنين المئات أمام مقر المجلس الوطني التاسيسي (البرلمان) للمطالبة باستقالة الحكومة ومساندة ارملة شكري بلعيد التي شاركت في المظاهرة. وردد المتظاهرون الذين رفعوا علم تونس وصور القتيل شعارات من قبيل "استقالة..استقالة" و"الشعب يريد اسقاط النظام". وقالت بسمة الخلفاوي ارملة شكري بلعيد لفرانس برس "على هذه الحكومة ان تستقيل اليوم وليس غدا. عندما تفشل حكومة عليها تحمل مسؤوليتها". واضافت ان وزارة الداخلية لم ترد بعد على طلبها توفير حماية امنية لها ولابنتيها الصغيرتين.