الدكتور شوقي علام

أكد مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، في حوار مطول، أن تنظيم الأسرة جائز شرعًا، وأنه يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهما الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة.
 
وأوضح علام، لجريدة "الأهرام اليومية، أن دار الإفتاء تنفذ مشروعًا قوميًا لتصحيح صورة الإسلام في الخارج، وأن مؤتمرًا عالميًا لدار الإفتاء سيعقد في شهر أكتوبر المقبل بشأن "أهمية الفتوى في استقرار المجتمعات"، بمشاركة علماء دين ومفتين من ثمانين دولة حول العالم".
 
وقال شوقي: إن "القضية السكانية هي قضية غاية في الأهمية إذا أردنا تحقيق التنمية المنشودة، ومن الضروري الأخذ بكل وسائل العلم لتحقيق الصالح العام، ورأي الدين يدعو دائمًا للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، ودار الإفتاء استقرت في فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وتلك المنظومة التي نسير عليها، متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة".
 
وأضاف شوقي: "هناك اتساق بين جميع النصوص الشرعية في هذا الشأن التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ونحن أمام قضية مهمة تستحق تكاتف جميع الجهات للتعامل معها بما يصب في صالح الوطن ويحقق التنمية المنشودة".
 
وأكد علام، أن الأولاد هبة من هبات الله سبحانه وتعالى لعباده، وهم من زينة الحياة الدنيا كما قال عز وجل: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف: 46]"، وكما أن الأولاد هبة مهداة إلى الإنسان فهم أيضًا أمانة وفتنة واختبار ومسؤولية معلقة في عنقه لا بد من أن يرعاها حق رعايتها كما في فتنة الأموال، قال تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال: 28]"، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين بالعمل على إصلاح النفس والأهل والنأى بهم بعيدًا عن الهلاك، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6]"، "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه: 132]".
 
وتابع علام: "أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ". والإضاعة كما تكون بعدم الإنفاق المادى تكون أيضًا بالإهمال فى التربية الخلقية والدينية والاجتماعية، فالواجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم دينيًّا، وجسميًّا، وعلميًّا، وخُلُقيًّا، ويوفروا لهم ما هم في حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية، وما لم يغلب على ظن الإنسان أن لديه القدرة على تحمل مسؤولية الأولاد، فإنه ما لم ينظم عملية الإنجاب عرض نفسه لتكلف ما يفوق وُسْعَه من واجبات، بل تعرض بذلك للوقوع في إثم الإخلال بحقوق من سيعولهم من الأبناء.
 
وأوضح مفتي الديار المصرية،  الإسلام لم يفرض على كل مسلم أن ينجب عددًا معينًا من الأبناء، لكن حث عموم المسلمين على النكاح والتكاثر، وذلك لمن كان منهم مستطيعًا، فعن معقل بن يسار رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ"، والمقصود بتنظيم الأسرة هو أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان يتفقان عليها فيما بينهما، لتقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام برعاية أبنائهما رعاية متكاملة بدون عسر أو حرج أو احتياج غير كريم، وتنظيم النسل لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على "العزل" الذي كان معمولًا به في عهد الرسول، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لك ولأسرتك الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقر بها عين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.