المنيا - جمال علم الدين
ينتظر عمّ "بدر" منذ 20 عامًا، على الأرصفة وعلى أبواب المقاهي، حتّى يعود للسير على قدميه بعد أن أصابه العجز الكلّي، وفشل في توفير نفقات العلاج، ضاق به الحال حتى باع مسكنه الصغير للإنفاق على مرضه، لكنّ المبلغ لم يكفه لتأمين نفقات علاجه، فوجد نفسه متشردًا في الشارع، وظلّ يطرق الأبواب حتى تمكن من الحصول على كرسي متحرك، يسير به في الشوارع، وينام عليه في أي ركن، حتى أصبح صديق المترددين على المقاهي القريبة من كورنيش النيل بعد أن تعلّم نظم الأشعار والقصص التي تسعدهم، الأمر الذي أصبح يعود عليه إمّا بلقمة عيش أو بكوب من الشاي.
يقول بدر عزت أحمد الذي يبلغ 45 عامًا من العمر، "أصبت بالمرض منذ فترة طويلة تجاوزت الـ20 عامًا وأصبحت عاجزًا عن السير، ولم أجد أمامي سوى الحجرة التي كنت أسكن فيها، ولم أتردد في بيعها، للإنفاق على مرضي، خاصة أنني لست متزوجًا وليس لدي أسرة، لكن فترة العلاج طالت وأصبحت مشرّدًا في الشارع، لا أجد مأوى لي، وأقضي اليوم كله في الشارع"، مشيرًا إلى أنّ "أهل الخير طلبوا منّي أن أطرق أبواب المسؤولين للحصول على كرسىيّ متحرك يساعدني في السير، وبالفعل بدأت التردّد على المكاتب حتّى تمكنت من الحصول على الكرسيّ، الذي أصبح منزلي وكل شيء لي، أسير به وأنام عليه في أي مكان عندما أشعر بالتعب".
وأكّد عم "بدر" أنّه حاول كثيرًا أن يجد من يقدّم له المساعدة لإجراء العملية الجراحية ليعود من جديد ويمشي على قدميه، لكنه لم يجد من يساعده"، مستسلمًا بالقول "أنه أصبح على يقين أنّ حياته لن تعود من جديد ولا بدّ أن يعيش الحياة الجديدة"، مضيفًا بقوله أنّه "في أحد الأيام كنت متوقفًا على كورنيش النيل وأخذ بعض الشباب يضحكون معه وطلبوا منه أن يقول لهم الشعر"، ومن هنا بدأت حكايته مع نظم الأشعار وأصبح صديقًا لكلّ المتردّدين على كورنيش النيل، موضحًا أنّه بعد أن أصبح ينظم الشعر، صار يحصل على مكافأة ، تتلخّص برغيف خبز أو بعض الجنيهات القليلة أو بكوب من الشاي.