الرياض-مصر اليوم
أولت السعودية اهتمامًا بشأن مفهوم الأسرة، كونها المصلح الأول في نشأة رحلة الفرد في تنمية دوره داخل المجتمعات، وتمكينه ببناء تطلعاته وتحقيق التغيير المنشود الذي يؤمن رفاهيته وكرامته.
وأسس "مجلس شؤون الأسرة" في السعودية، في 25 يوليو (تموز) في عام 2016 ليكون الكيان المستقل والجهة الرسمية في إدارة قضايا الأسرة، القائم على توحيد جهود القطاعات الحكومية كافة فيما يتعلق بقضايا الطفل والمرأة وكبار السن، وتشارك فيه 12 وزارة ممثلة تمثيلًا كاملًا.
ويتولى مهمة رعاية شؤون الأسرة، بهدف تمكين الأسرة وتعزيز دورها في التنمية المستدامة للمجتمع السعودي 2030.
التقت "الشرق الأوسط" الدكتورة هلا التويجري، الأمينة العامة لمجلس شؤون الأسرة، وبحثت معها ملفات كورونا وكبار السن، والدور الذي يمثّله المجلس في المنظمات الدولية، وكذلك قضايا المرأة، والعديد من الملفات.
- "شؤون الأسرة" في المنظمات الدولية
أوضحت الدكتورة هلا التويجري، الأمينة العامة لمجلس شؤون الأسرة، أنّ فوائد مشاركة مجلس شؤون الأسرة في المنظمات الدولية عديدة، فهي توسّع دائرة الانفتاح في المجالات والمنصات على ما تعانيه الأسر في مختلف دول العالم، ومدى اكتساب الخبرات في الاطلاع على أفضل الممارسات في الدول الأكثر والأقل نموًا؛ مما يعطي المجال لدراسة محصلة هذه التجارب على أرض الواقع. وتابعت قائلة إنّ "دول العالم تملك تحديَّات أسريَّة تتشابه إلى حدٍ ما مع بعضها البعض، مهما تقدّمت أحدها على أخرى، الأمر الذي يجعل العمل على تعديل أو اقتراح سياسات جديدة في تعزيز المسؤولية المجتمعية الفردية محليًا، ينعكس تجاه الفرد السعودي، ومن ثمَّ أمام العالم".
- {كورونا} ودور المجلس في وضع الحلول
عندما حلّت أزمة كورونا، تفاقمت الأزمات أمام الأسر، وبدأت الرسائل التوعوية تبث من كل فوج، وهدّد الفيروس كبار السّن تحديدًا لاحتمالية التقاطهم العدوى بسهولة.
وفي هذا الصدد، قالت الأمينة العامة للمجلس: كبار السّن هم أكثر الفئات تأثرًا بفيروس كورونا، لذا كان من الضروري التركيز عليهم. فقام المجلس بعملية استطلاع رأي للتعرف على أهم التحديات التي واجهت هذه الفئة العمرية أثناء تفشي الوباء. وعلى ذلك، قُدّم دليل إرشادي حول الخدمات الموفرة لخدمة هذه الفئة وتوعيتها.
وذكرت التويجري، أنّ هناك خدمات إلكترونية كثيرة تخدم فئة كبار السن وتنشر الوعي حول الفيروس وغيره، ولكن طريقة إيصالها شكّلت فجوة وتحديًا كبيرين.
وقام المجلس بحملة توعوية في مواقع التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع جهات هامة ومختلفة مثل وزارة الصحة، في سبيل زيادة الوعي لدى هذه الفئة بل وذويهم ومن يقوم بحمايتهم، للتّخفيف من قلقهم، في المقابل بث رسائل اطمئنان عن المتعافين من هذه الفئة.
- ملف المرأة... محليًا وعالميًا
بعد قرار مجلس الوزراء الموافقة في تمثيل السعودية في مجلس منظمة تنمية المرأة في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والإقرار بتولي مجلس شؤون الأسرة (لجنة المرأة) تمثيل المملكة في مجلس المنظمة.
قالت أمينة المجلس: هناك ما يسمى بـ"التوازن" في جميع ملفات المنظمات الدولية المعنية بالمرأة، وهو مصطلح يقوم على توازن المرأة بين الحياة العامة والحياة الأسرية، ومن أجل تحقيق المصطلح فلا بدّ من معالجة الوضع الأسري للمرأة الذي يضمن لها هذا التوازن في حصولها على جميع حقوقها التي تضمن لها الوصول والقيام بكل الخدمات بنفسها. وأكملت موضحة، أنّ ملف المرأة في السعودية عومل بشكل شمولي، وهو النظام الذي يعد الأفضل في الممارسات الدولية، بحيث لا تختص إدارة واحدة بالملف، بل يقوم على التأكيد بأنّ مسؤولية المرأة كل إدارة وجهة، وبالتالي كل من لديه سياسات بشأن المرأة لا بد من التأكد من معرفته أولًا بحصول المرأة على كامل حقوقها.
وعما تتعرّض له بعض النساء في السعودية من أوجه العنف والأذية، حكت التويجري، أنّ وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تملك إدارة متخصصة في الحماية، تشارك معها جهات أخرى مثل النيابة العامة.
تجد التويجري، أنّ هناك عاملين يمنعان المرأة من اللجوء للإبلاغ عن تعرضها للعنف، أحدهما خارجي كالتهديد من أحد الأطراف، والآخر داخلي، كالخوف من عدم الاستقرار الاقتصادي وغيره.
وتؤكد الدكتورة هلا، أنّ المسؤولية تقع على جميع الجهات القائمة في معالجة العنف، وفي توفير السُبل والحلول بأقل الخسائر للمرأة، ويقوم دور المجلس في ذلك من خلال تعزيز مفهوم "الإرشاد الأسري" كونه الأصل في إصلاح العديد من المشاكل مثل العنف.
جدير ذكره، أنّ السعودية صُنّفت على أنّها في طليعة الدول في الوطن العربي التي أصدرت نظام "حماية من الإيذاء"، في وجود آليات علمية وتطبيقية تضمن توفير الحماية من الإيذاء بأشكاله.
- الدخل الاقتصادي في الأسر السعودية
تخبر التويجري، أنّه من النادر وجود أسرة سعودية تبدأ برسم التخطيط المالي، وعادة ما تجري الأمور بما تصفه بـ"البركة"، ولأن مفهوم الادّخار أو التخطيط المالي ثقافة، فلا بدّ من تعزيزها من بداية تأسيس المؤسسة الزوجية أو حتى من الطفولة.
وتضيف التويجري، أنّ انطلاق المجلس لبث مشروع توعوي في وسائل التواصل الاجتماعي عن تعزيز ثقافة الادخار، يستهدف بشكل كبير فئة الأطفال، وإيمانًا بزرع مثل هذه المفاهيم في مرحلة عمرية مبكرة.
وتطرقت التويجري نحو السلوك الاستهلاكي، وهي تعتبره إحدى أكبر المشاكل داخل الأسر السعودية على مختلف الأصعدة، التي لم تعد منحصرة على استهلاك الكماليات، بل وصلت إلى الأساسيات.
- المتقاعدون والاستفادة من خبراتهم
تملك العديد من مؤسسات العمل والتقاعد قوائم بالمتقاعدين، الذين ما زالوا يملكون خبرات سابقة يمكن إعادة تفعيلها والاستفادة منها.
ومن هذا المنطلق، قالت التويجري، خُصّصت خطة لرحلة الاستفادة من كبار السن، تبدأ من قبل التقاعد والتهيئة لمرحلة التقاعد، عن طريق حزمة من المبادرات في كيفية الاستفادة من خبراتهم، ضمن استراتيجية مشروع "الاستراتيجية الوطنية للأسرة السعودية". موضحة أنّ هذه المبادرات تقوم عبر قنوات متعددة، كالتطوع، وحلقات النقاش التي يستخدم بها المتقاعد كخبير حسب القطاع الذي تقاعد منه، وهي عملية تقوم عن طريق التواصل ما بين الجهة أو القطاع المتقاعد منها والمؤسسة العامة للتقاعد.
- المجلس وحالات الطلاق
في عام 2019، بلغت حالات الطلاق في السعودية نصف عقود الزواج، وما إن كان للمجلس دور في الحد والتقليل من نسب الارتفاع، توضح التويجري أن عدد حالات الطلاق ونوعها يختلف، ولكن هل فعلًا انتهت جميع حالات الطلاق بتفكك الأسرة؟
تقول التويجري، إنّ حساب مؤشرات الطلاق يعطي انعكاسا للأرقام الحقيقية، وهو مشروع قائم بين مجلس شؤون الأسرة ووزارة العدل. متحدّثة عن طرح دورات تدريبية للمقبلين على الزواج، تحاكي لغة الشباب اليوم في طريقة الطرح الجاذب، بحيث توضح المعنى الحقيقي لمؤسسة الزواج، ضمن المشاريع للوقاية من حالات الطلاق وتخفيفها. مؤكّدة أنّ أغلب مشاكل الطّلاق يمكن تفاديها من خلال الإرشاد الصحيح في التوجه لطلب المساعدة، بحيث يكون الطلاق حلا للمشكلة، وهو ما نعني به الطلاق الصحي أو الصحيح، بحيث ينفصل كلا الزوجين بأقل الخسائر. فالمجلس يقوم على الوقاية والعلاج قبل الانفصال وما بعده.
- الوعي بالحقوق من خلال دمجه في التعليم
من جهة أخرى، ذكّرت التويجري، أنّ إدراج المفاهيم التي تُعنى بمعرفة حقوق كل مرحلة عمرية هي عملية إيجابية، وعملت وزارة التعليم في استحداث منهج حقوق الإنسان والتربية الأسرية، كما ضمّت رسائل توعوية مختلفة في مناهج أخرى. مشيرة إلى أنّ مشاركة المجلس في إدراج عملية الوعي بالحقوق في المناهج الدراسية لا تكفي، مؤكّدة على فاعلية مشاركته في "الأنشطة اللاصفية"، بالإضافة إلى إشراك المناهج الدراسية.
قد يهمك أيضا :
وفد المنظمة العربية يواصل أنشطته في الدورة ٤٣ لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
الأمم المتحدة تطالب بمراعاة حقوق الإنسان خلال إجراءات العزل الصحى لـ"كورونا"