الخرطوم -مصر اليوم
أفاق سكان الخرطوم صباح الأحد على أصوات تجدد القصف المدفعي والاشتباكات في مختلف أنحاء العاصمة، مع انتهاء هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفّرت لهم السبت هدوءاً لم يعهدوه منذ بدء النزاع قبل نحو شهرين. وأكد شهود في الخرطوم سماع «أصوات القصف والاشتباكات بعد 10 دقائق من انتهاء الهدنة».
وكانت الهدنة التي تمّ التوصل إليها بوساطة سعودية - أميركية، لمدة 24 ساعة، بدأت عند الساعة السادسة صباح السبت بالتوقيت المحلي.
وأشار شهود إلى سماع «قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة» في الخرطوم وضاحية أم درمان، شمال العاصمة، واشتباكات «بمختلف أنواع الأسلحة» في شارع الهواء، جنوب الخرطوم.وأبلغ شهود «وكالة أنباء العالم العربي» (AWP) أن اشتباكات وقعت بين الطرفين في أنحاء متفرقة، غرب وجنوب مدينة الخرطوم، ومدينة بحري.
كما تصاعدت أعمدة الدخان من مستودع الشجرة، جنوب الخرطوم، ثاني أكبر مستودع للغاز والوقود بالعاصمة، الذي يدور حوله القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وذكر الشهود أن الجيش شن ضربات بالطيران الحربي، بينما ردت قوات الدعم السريع باستخدام المضادات الأرضية بكثافة. كما أفاد سكان أن قصفاً مدفعياً استهدف أحياء جنوب العاصمة، وشرق النيل، صباح الأحد، أودى بحياة شخصين على الأقل، وألحق أضراراً بالمباني.
وقال نصر الدين أحمد، المقيم بجنوب العاصمة: «اليوم استيقظنا على صوت الاشتباكات»، مضيفاً بأسى: «كأننا كنا في حلم أمس، واليوم استيقظنا منه».
ومنذ بدء النزاع في 15 أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار، سرعان ما كان يتمّ خرقها. إلا أن شهوداً في الخرطوم أفادوا السبت أن الهدنة احترمت هذه المرة، بشكل أفضل من سابقاتها، وأن الهدوء ساد مختلف أنحاء العاصمة، بدلاً من دوي القصف المدفعي والجوي أو الاشتباكات.كما شهدت منطقة صالحة، جنوب أم درمان، قصفاً جوياً تصدت له المضادات الأرضية، بحسب شهادات من السكان. وأفادت «لجنة مقاومة» في جنوب الخرطوم بأن «قذائف سقطت داخل منازل المواطنين في أحياء الأزهري والسلمة والتعويضات».
وهذه اللجان هي مجموعات شعبية كانت تنظّم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح نظام عمر البشير عام 2019.
وأفاد سكان أن القصف المدفعي الذي استهدف أحياء جنوب العاصمة، وشرق النيل، صباح الأحد، أودى بحياة شخصين على الأقل، وألحق أضراراً بالمباني. وقالت نهلة إسحاق، التي تقطن بحي الأزهري، جنوب الخرطوم، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «استيقظنا صباح اليوم (الأحد) على أصوات انفجارات قوية وسقوط أكثر من دانة وقذيفة هزت المكان، إحدى القذائف سقطت على البناية المجاورة لنا، وتسببت في مقتل شخصين من أسرة واحدة، ودمرت جزءاً من المبنى، لا تزال أصوات الانفجار تتردد في المكان، وضعنا صعب، والخوف يسيطر على جميع أفراد عائلتي».
وفي مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، واصلت قوات الدعم السريع فرض حصارها على المدينة، في محاولة للسيطرة عليها نظراً لموقعها الاستراتيجي الذي يربط إقليم دارفور بالعاصمة وجنوب كردفان.
وأبلغ فتح العليم حمودة، وهو أحد سكان الأبيض ومتطوع بمستشفى المدينة، «وكالة أنباء العالم العربي»، أن قوات الدعم السريع لا تزال تفرض حصاراً على المدينة، وسط شح في الأدوية والمعينات الطبية والسلع الغذائية، وانقطاع الكهرباء والمياه في معظم المناطق وانعدام الوقود.وقال إن مستشفى المدينة يواجه خطر الإغلاق، وشبح الجوع يهدد الناس، «ما لم يتم العمل على فك الحصار المفروض على المدينة» والسماح للمنظمات الإنسانية بتوصيل المساعدات لإنقاذ الوضع الكارثي»، حسب وصفه.
وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، فإن توقف المعارك السبت أتاح لسكان العاصمة الخروج من منازلهم بأمان نسبي، وشراء حاجياتهم الضرورية، خصوصاً الغذائية، أو البحث عن علاجات طبية باتت نادرة.
وقالت أسماء الريح، التي تقطن في أم درمان: «أمس (السبت) التقطنا أنفاسنا، لكن اليوم (الأحد) عدنا لحالة الرعب، والصواريخ والقذائف تهز جدران منازلنا».
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أكثر، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.ووفق المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة.
ومن بين هؤلاء، انتقل زهاء 200 ألف إلى الجارة الشمالية مصر، وفق أرقام أوردتها وزارة الخارجية المصرية، مع إعلانها أنها بدأت تشديد الإجراءات الحدودية عبر فرض تأشيرة على كل السودانيين الراغبين بدخول أراضيها.
وقالت الوزارة، السبت، إن السلطات «استحدثت إجراءات تنظيمية تعتمد على التأشيرات الممكننة بهدف وضع إطار تنظيمي لعملية دخول الإخوة السودانيين لمصر عقب مرور أكثر من 50 يوماً على الأزمة».
وشددت على أن الخطوة لا تهدف إلى «منع أو الحد من أعداد المواطنين السودانيين الوافدين»، بل تأتي بعد رصد «أنشطة غير قانونية» يقوم بها أفراد على الجانب السوداني من الحدود، تشمل خصوصاً «تزوير تأشيرات الدخول إلى مصر».
وكانت السلطات تستثني في السابق النساء السودانيات والأطفال ما دون السادسة عشرة وكبار السنّ الذين تجاوزوا الخمسين، من شرط نيل تأشيرة.
وأوضحت الخارجية أن «مصر استقبلت أكثر من 200 ألف مواطن سوداني منذ اندلاع الأزمة (...) وتضاف تلك الأعداد إلى ما يقرب من 5 ملايين مواطن سوداني موجودين بالفعل» قبل النزاع الأخير.
وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصاً في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) حيث المعارك هي الأشد.
ووفق ما تؤكده مصادر طبية، باتت 3 أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد، وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الجيش السوداني يوافق على اتفاق هدنة لمدة 24 ساعة