تونس ـ حياة الغانمي
أعلن رئيس جامعة المصحات الخاصة أبوبكر زخامة أن الواجب الجبائي لا جدال فيه وأن على كل التونسيين بمن فيهم الأطباء التضحية من أجل إنقاذ تونس، لكنه يرى أن الإشكال الوحيد هو شعورهم بأنهم قطاع مستهدف، مفندا المغالطات التي تصورهم كمتهربين من أداء الواجب الجبائي. وأوضح زخامة أن المؤسسات الصحية الخاصة لا يمكن لها أن تتهرب من دفع الضرائب، فكل مؤسسة قائمة على طريقة قانونية وبنظام تسيير مالي وإداري يصعب خلاله ارتكاب جرم التهرب من الضرائب.
و قال رئيس جامعة الصحة أبو بكر زخامة في تصريح إلى "مصر اليوم" إن المؤسسات الصحية الخاصة تعتبر مكسبا وطنيا ولديها قدرة تشغيلية كبيرة، مفيدا أن كل سرير استشفائي يتطلب أربعة أعوان من كل الاختصاصات، إضافة إلى الأطباء، مما يجعل القطاع له أعباء في التسيير تعتبر باهظة حسب تعبيره. ودعا زخامة إلى الكف عن التصريحات المثيرة التي تمس من سمعة القطاع الصحي الخاص، الذي يعتبره قطاعًا حساسًا يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني وفي تطوير الخدمات الصحية، وله إشعاع على المستوى الدولي.
وبالنسبة للنقاط التي اعترضت عليها جامعة المصحات الخاصة بخصوص مشروع قانون المالية، تمثلت أساسا في ضرورة تصريح الأطباء بكل مداخيلهم من المصحة، ويرى زخامة أن هذا الأمر صعب بل مستحيل وأنهم لا يستطيعون كأصحاب مؤسسات صحية تحمُّل هذه المسؤولية، مفسرا ذلك أنه في بعض الأحيان يستلم الطبيب أتعابه مباشرة من المريض، ويرى أن أصحاب المصحات لا يستطيعون لعب دور المراقب على الطبيب مما يؤثر على العلاقة بين الطرفين، مؤكدا أن كل الأموال التي تدخل للطبيب عن طريق إدارة المصحة تخضع آليا وإجباريا على منظومة التصريح بالدخل.
ويرى أبو بكر زخامة أن تونس تمر بصعوبات مالية واقتصادية أثرت على المؤسسات الخاصة، وفي الوضع الحالي وفي ظل هذه الصعوبات الكبيرة التي يعيشها القطاع الصحي الخاص ليس بإمكانهم توفير الزيادات، بل أنهم لا يَرَوْن أية ضرورة لهذه الزيادات. وقال أبوبكر زخامة إن القطاع الصحي الخاص يعيش صعوبات عدة منذ سنوات، مفسرا ذلك بارتباطه بالوضع الليبي الذي يعيش بدوره أزمات متتالية ساهمت في عزوف المرضى الليبيين التداوي في تونس بسبب الوضع السياسي غير المستقر في بلدهم، إضافة إلى الديون الليبية المتخلدة بذمتهم لصالح المصحات التونسية التي فاقت 250 مليار ولم يقع تسديدها حسب تأكيده.
وأفاد زخامة أن كل هذا أثر سلبا على القطاع الصحي الخاص في تونس، مؤكدا أن المصحات أصبحت تدبر مسائلها المالية عن طريق الاقتراض من البنوك، التي أصبحت هي بدورها منكمشة وترفض أحيانا إعطاء القروض، هذا إلى جانب الوضع المتأزم للصناديق الاجتماعية وصندوق الضمان الاجتماعي، الذي أصبح غير قادر على تسديد ديونه للمؤسسات الصحية، موضحا أن بعض المصحات حتى الكبرى منها تشكو صعوبات كبيرة فتضطر أحيانا للاقتراض من البنوك لتسديد أجور الأعوان والموظفين.
ورغم ديونهم المتخلدة لدى الصندوق يرى زخامة أنه لا يمكن لوم الصندوق الذي يعيش بدوره أزمة مالية، وطالب في السياق ذات الحكومة بإيجاد حلول عاجلة، وأكد رئيس جامعة المصحات الخاصة أن وجهتهم الحالية لتصدير الخدمات الصحية التونسية هي أفريقيا التي اعتبرها سوقا واعدة، مشددا على ضرورة طرق باب هذا السوق، على الرغم من العراقيل التي تتمثل أساسا في عدم وجود استراتيجية وطنية شاملة لتطوير الاستثمار في القطاع الصحي، وذلك بالتعاون مع كل المسؤولين كوزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة النقل والخارجية والسياحية ، مضيفا أنهم معنيون لوضع سياسة تصديرية للخدمات الصحية التونسية نحو أفريقيا، وذلك بتحسين التمثيل الديبلوماسي وتوفير التأشيرة للمرضى الأفارقة القاصدين تونس، وأيضا مع توفير رحلات جوية لتغطية البلدان الأفريقية، بخاصة أن تونس تعتبر الوجهة الأولى بالنسبة للبلدان الأفريقية والعربية في مجال السياحة الاستشفائيّة.
وأشاد زخامة بالسوق الجزائرية التي اعتبرها نقطة انطلاق لتصدير الخدمات الصحية نحو البلدان الأفريقية، مؤكدا تحركهم في هذا الاتجاه من خلال وجود طلب كبير للخدمات الصحية التونسية في الجزائر، وأضاف زخامة أن بلدان أفريقية أخرى مثل موريتانيا وكوت ديفوار ومالي وغينيا والتشاد النيجر والسودان، عبرت عن رغبتها في التعامل مع الكفاءات التونسية في القطاع الصحي وأنها في حاجة إلى الخدمات التونسية وأيضا إلى التدريب في هذا المجال.
وبيَّن زخامة أن السبب الذي شجعهم لطرق أبواب أفريقيا هو السمعة الطيبة التي تتميز بها الكفاءات الطبية التونسية. وعبَّر زخامة عن استيائه من القطيعة الحاصلة بين الحكومة عموما ووزارة الصحة خصوصا فيما يخص موضوع الاستثمار في القطاع الصحي، مضيفا أنه لا يوجد سند من الحكومة للقطاع الخاص.