القاهره - مصراليوم
في قاعة بفندق الجميرا كارلتون بلندن، وخلال فعالية جائزة المرأة العربية لعام 2022 خطفت {الشرق الأوسط} لحظات مع سفيرة هذه الفعالية الفنانة المصرية ياسمين صبري. لم يكن من الصعب إقناعها بالمقابلة كونها متحمسة جداً للمرأة وتريد أن تدعمها بأي شكل من الأشكال. ما بدا صعباً للوهلة الأولى هو كيف سنتمكن من الزوغان من المعجبات اللواتي كن يردن التقاط صور معها؟ لكن حتى هذا، أكدت أنها تُتقنه جيداً. فقد استطاعت أن تركز على الحديث، وبين الفينة والأخرى تتوجه لهن بابتسامة ونظرة معبرة كأنها مغناطيس جعلهن ينتظرن بصمت وصبر إلى نهاية اللقاء.
ما تكتشفه عن شخصيتها وتتفاجأ به، ليس فقط قدرتها على السيطرة على موقف مُرتجل بقدر ما كان صراحتها وثقتها العالية بنفسها وهي تشرح نظرتها للحياة وكيفية تعاملها معها. تناول الحديث مواضيع متنوعة من دعمها اللامشروط للمرأة واهتمامها بالسوشيال ميديا إلى الموضة. عند الإشارة إلى ما تتداوله مواقع السوشيال ميديا عنها مثلاً تسارع بالقول: «أنا أعيش حياتي لنفسي ولا أهتم كثيراً بالصورة التي يرسمها الآخر عني، كما أرفض أن أدخل في حالة دفاع عن النفس أو جدالات عقيمة». تُلقي باللوم على الرجل وعلى الصحافة والمواقع الإلكترونية «فهذه الأخيرة مثلاً هي التي تختار أن تُركز على نقاط معينة من باب اعتقادها أنها أكثر ما يهم الناس ويجلب «اللايكات» ويشغل محركات البحث، بينما تتجاهل أموراً أكثر جدية. هذا أمر لا أستطيع أن أتحكم فيه، وإلا وجدت نفسي أعيش في حالة حرب وتجاذُب لا ينتهي».
ترى أيضاً أن أي محاولة لتغيير الصورة النمطية التي كونها البعض عنها، لا سيما الرجل، مضيعة للوقت لأنها لن تُغير شيئاً، بل العكس «ستُدخلني في صراع يمتص طاقتي، وليس ببعيد أن أتحول إلى ضحية بدفاعي عن نفسي، وأنا أرفض أن أكون ضحية آراء الناس وأحكامهم المبنية على صورة رسموها في ذهنهم. لا هذه طبيعتي ولا من طبعي».
المشكلة كما تراها تكمن في أن الرجل يستسهل وضع المرأة عموماً في خانة نمطية حسب مواصفات معينة كونها في ذهنه. هذه النظرة بالنسبة لها محدودة تعكس عقليته وأفكاره، وغالباً ما لا يكون لها أساس في الواقع «في المقابل أشعر بأن المرأة أكثر تقبلاً للغير. وأنا في لندن مثلاً أقابل يومياً شرائح متعددة من النساء ومن جنسيات مختلفة، في الفندق أو في المطعم أو في الشارع، وكل ما أتلقاه منهن هو الحب والإيجابية».
من الخطأ القول إن ياسمين متحاملة على الرجل. كل ما في الأمر أنها جد متحمسة لبنات جنسها ومتعاطفة معهن إلى حد أنها قد تشعر بالمسؤولية تجاههن. أحيانا ببعض الاندفاع كما تشرح، لا سيما عندما تسمع قصة امرأة ضعيفة تنازلت عن حقها، أو لم تعرف كيف تأخذه.
هذا الاهتمام نابع حسب قولها: «من حبي واحترامي لها، ثم أنا أشعر بها لأني مثلها «ست». الفرق أن الله كرمني بمنحي صوتاً مسموعاً من واجبي أن أوظفه بشكل صحيح وسليم».
في وقت أصبح الكل يركب فيه الموجات الإنسانية مثل الحركات النسوية أو الاستدامة أو احتضان التنوع وغيرها لتلميع الصورة، فإن ياسمين تأخذ المسألة بجدية تطبقها على أرض الواقع من خلال نيتها زيارة مخيمات اللاجئات وقيامها بحملات توعية تتعلق بشؤون الصحة وزواج القاصرات. هذا الاهتمام كما تشير بدأ قبل أن تشتهر، ومع الوقت أصبح الاثنان وجهين لعملة واحدة «لأن ما ينبع من القلب يستمر وكل ما هو مؤقت يتلاشى بسرعة».
بيد أنك عندما تبحث عن اسم ياسمين صبري في محرك غوغل أو تدخل على صفحتها الخاصة في الإنستغرام، يصدمك أن معظم الأخبار تدور حول شكلها ومظهرها وفنجان القهوة الصباحي الذي تتشاركه مع متابعيها، وما شابه من أمور. قلما تجد أخباراً بارزة عن أنشطتها الإنسانية لا سيما اهتمامها بحقوق المرأة. تبرر الفنانة هذا النقص قائلة بأنها رغم كونها نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي لكن ليس إلى حد استعراض مواقفها. وكما لا تحاول أن تغير رأي الآخر عنها لا تحاول أن تتفاخر بأعمالها أو مواقفها الإنسانية لما تتطلبه من احترام للمشاعر. في المقابل لا ترى غضاضة أن تشارك متابعيها برامج حياتها اليومية، بشرط أن يأتي بشكل يُعبر عنها ويخلق طاقة إيجابية لدى المتلقي. «فموضوع الطاقة يهمني جداً وأدرسه حالياً في الولايات المتحدة. الطاقة بالنسبة لي هي الحياة، إذا استُنزفت يموت كل شيء وعندما تكون بالقمة تأكدي أننا نستطيع تقديم الكثير، وهو ما يجعلني أدعو ربي دائماً ألا يحملني فوق طاقتي، وهذا مذكور في القرآن».
من منظور الطاقة الإيجابية، تشرح أنها عندما تنشر صورة تلتقطها صباحاً لفنجان القهوة وبجانبه وردة أو ما شابه، فإنها تأمل أن تُعدي السعادة التي يبعثها المنظر في نفسها، العين المتلقية فتستمتع بها هي الأخرى «فأنا إنسانة تحب الجمال وتراه في كل الأشياء... في زهرية تحتضن باقة ورد، في حديقة غنَّاء، أو في فنجان شاي بجانبه كتاب. فالعين تعشق رؤية هذه الأشياء التي قد تكون بسيطة لكنها تُؤثر كثيراً على النفسية».
عندما ينتقل الحديث إلى الموضة، لا تتغير نبرتها ولا ثقتها بآرائها الخاصة؛ فهي لا تجري وراء آخر الصيحات ولا تخضع لإملاءاتها، بل تنتقي منها ما يناسبها أو حسب قولها: «ما يُشبهنني بأن يجعلني أبدو كـ(لايدي) وقدوة لغيري». معنى «لايدي» بالنسبة لها أن تكون محتشمة لا تعتمد على كشف مفاتن الجسد. تستدل على رأيها بأن العائلات المالكة في كل أنحاء أوروبا لهن بروتوكولات خاصة بالملابس، من ناحية أنها تراعي ألا تكون بفتحات عالية أو «ديكولتيه» مبالغ فيه، وتقول: «ولو فكرنا في الأمر قليلاً لوجدنا أن مظهرهن أكثر أناقةً ورُقيلاً مما نراه حالياً في الكثير من المناسبات الخاصة بنا». ثم تستطرد بسرعة: «أنا لا أصدر أحكاماً على غيري، فكل شخص حر في اختياراته، لكن عن نفسي فإني أرى أن جزءاً كبيراً من الأناقة هو الاحتشام. فعندما أركز على إبراز الجسد فأنا أقلل من نفسي وأحصرها في خانة ضيقة».
تنتهي المقابلة وتتوجه إلى الفتيات المنتظرات بصبر وهي تبتسم إشارة منها أنها جاهزة لالتقاط صور معهن، وبين الفينة والأخرى تتدخل في اقتراح الزاوية المناسبة لتؤكد أنها تُتقن فن التصوير أيضاً.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :