القاهرة – هالة عبدالرسول
أكد المستشار الاقتصادي للمفوضية الأوروبية صلاح جودة في مقابلة مع "مصر اليوم" أنَّ قرار المصرف المركزي الأخير برفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري لم يضع في اعتباره أنه بذلك يؤدي إلى انهيار قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى، مشيرًا إلى أن "هذا القرار جعل الدولار يتمرد على الجنيه في ضوء غياب التخطيط البنكي".
أضاف جودة أنَّ "محافظ البنك المركزي هشام رامز، أصدر هذا القرار حتى يقلل من فجوة العجز في الميزان التجاري، لاسيما وأنَّ الكثير من المستوردين يقومون باستيراد الكثير من السلع الكمالية والترفيهية، فحاول بذلك أنَّ يساهم في زيادة الصادرات، لاسيما وأنَّ مصر تستورد بقيمة 75 مليار دولار سنويًا، في حين تبلغ حجم صادراتها 23 مليار دولار"، معربًا عن قلقه من أنَّ "هذا القرار أدى بالفعل إلى ارتفاع أسعار السلع بأكملها ليصبح الضحية كالعادة المواطن المصري محدود الدخل".
أما بشأن تعليقه على إلغاء تشريع قانون الاستثمار الموحد بعد عدة أشهر وتأكيد حكومة إبراهيم محلب أنه طوق النجاة للاستثمار، قال جودة إن "نغمة قانون الاستثمار الموحد بدأت اعتبارًا من تموز/ يوليو 2014 ، عقب إعلان ملك السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عقد مؤتمر المانحين، وقررت الحكومة تشريع قانون الاستثمار الموحد إلى أنَّ تم تأجيل صدوره لشهر آب/ أغسطس الماضي ومن ثم تأجل لشهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ومن ثم كانون الأول/ديسمبر الماضي إلى أنَّ تأجل حتى شباط/ فبراير الجاري، وأخيرًا تم تأجيله حتى آذار/مارس المقبل، قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، وعلى الفور طالب الاقتصاديين بتغيير قوانين الاستثمار وحتى الآن لا حياة لمن تنادي وباتت تصريحات الوزراء وكأنها خدعه كبيرة للشعب المصري".
كما أضاف جودة أنَّ قانون 43 لسنة 74، هو الأساس الذي تم تشريع قوانين الاستثمار عليه، وصولاً لقانون 230، ومن ثم قانون رقم 8 لسنة 97، "وبالفعل مناخ الاستثمار تغير خلال هذه الفترة، إلى أنَّ جاء الحديث عن إلغاء قانون الاستثمار الحالي وتشريع قانون الاستثمار الموحد الذي بات نوع من أنواع الدجل الاقتصادي؛ ففكرة مشروع قانون الاستثمار الموحد أو الشباك الواحد كما سمّاه البعض تعد كلامًا فارغًا، إذ أنَّ هذا القانون حتى وإنَّ تم تشريعه فلن يلغِ تعدد الجهات الإدارية التي تمنح المستثمرين التراخيص للمشاريع الاستثمارية"، لافتًا إلى أنَّ "المشاريع الاستثمارية في المناطق الساحلية كالغردقة والعين السخنة وكذلك المصانع الموجودة في العاشر من رمضان وبرج العرب والسادس من أكتوبر تمتلك ترخيصًا مؤقتًا وليس دائمًا، الأمر الذي جعل المستثمرين يشعرون بنوع من الإحباط في ضوء روتين الإجراءات الإدارية لمؤسسات الدولة وبيروقراطية الجهات الممانحة للتراخيص:.
وشدد على أن "إلغاء تشريع قانون الاستثمار الموحد لن يجعل المؤتمر الاقتصادي يحقق أهدافه بجذب الاستثمارات العربية للسوق المصري من جديد، والحكومة لابد عليها أنَّ تقوم بحل قضايا التحكيم الدولي التي أقامها عدد من المستثمرين ضد مصر والتي تبلغ 28 قضية، فضلاً عن أنَّ مصر لابد أنَّ تقوم بتشريع قانون ولكن لابد علها أنَّ تستند إلى تشريعات الاستثمارات بالبلدان الخارجية المتقدمة صناعيًا واستثماريًا كسنغافورة وماليزيا، فضلاً عن أنه لابد أنَّ يتم تشريع مادة ابلستور تنص على "تكون تصريحات كل وزير مسؤولية يعاقب عليها حال مخالفتها حتى لا يشعر الشعب المصري بأنه مضحوك عليه".
وأشار جودة إلى أنه تقدم بدراسات لمجلس الوزراء لأنَّ تصبح مصر ضمن الـ16 دولة متقدمة على الصعيد الاستثماري والصناعي على مستوى العالم خلال 36 شهر فقط وحتى الآن لم يتم الاستجابة له.
وعن أبرز المشاكل التي تواجه الاستثمارات في مصر، ذكر جودة أنَّ أبرزها "حالة الإنفلات الامني التي تعيشها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير، فضلًا عن حالة عدم استقرار الاقتصاد المصري، وتراجع الجنيه المصري أمام باقي العملات، وعدم استقرار القوانين، هذا كله إلى جانب ضبابية المشهد السياسي والاقتصادي، أما عن ربط المشاريع بالأشخاص فيعد من أبرز المشاكل التي تواجه الاستثمارات، منوهًا إلى إنهاء مشاريع عدة كانت مرتبطة بشخص رئيس وزراء سابق أو وزير سابق".
ثم أضاف جودة أنَّ هناك بعض الحلول للقضاء على الأزمة الاقتصادية بوجه عام، إذ تتلخص في زيادة موارد الموازنة العامة عن طريق الصناديق الخاصة، وترشيد دعم الطاقة ورفع الدعم عن جميع الصناعات كثيفة استخدام الطاقة، والتمثيل السياسي لمصر في الخارج، وتعديل اتفاقات الغاز.
كما تحدث عن مشكلة انخفاض حجم الاحتياطي النقدي وارتفاع معدلات البطالة إلى 13% من قوة العمل، موضحًا "في تقديري هناك 13 مليون مواطن بلا عمل حقيقي، فضلاً عن تآكل الرقعة الزراعية لمصر سنويًا، إذ أنَّ مصر تخسر سنويًا 35 ألف فدان من الأرض الزراعية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الفجوة الغذائية، فضلاً عن انخفاض السياحة في مصر عقب حالة الانفلات الأمني وتردي الأوضاع السياسية التي شهدتها البلاد خلال الأربع سنوات الماضية".
وذكر أنَّ مؤسسات الدولة يوجد بها نحو 18 ألف مستشار تعد سنهم الـ60 عامًا في الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال والوحدات المحلية، يتقاضون 15 مليار جنيهًا أجور و5 مليارات جنيهًا مزايا عينية وبدل تمثيل، وهذا الأمر يمثل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة.
أما حجم الاقتصاد غير الرسمي، فبحسب جودة، يمثل نحو 90% من حجم الاقتصاد المصري ككل، مؤكدًا أنَّ ؛غياب الرقابة الحكومية والتهريب وراء تفاقم حجم هذا الأقتصاد، الأمر الذي أدى إلى تفشي ظاهرة الغش التجاري في السوق المصرية".
وطالب جودة الحكومة بضرورة أنَّ تسرع في إيجاد آلية أمنية لمنع التهريب عبر المنافذ الجمركية في المطارات والموانىء، لاسيما وأنَّ تفاقم حجم الاقتصاد غير الرسمي يضر بالعمالة المصرية والصناعات المصرية، كما أنه "لابد على الحكومة أنَّ تقدم تيسيرات ضريبية لهذا الاقتصاد حتى تضمن موافقة أصحابه على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي".