واشنطن ـ يوسف مكي
أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد أكثر من 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لجهود إعادة الإعمار والاستقرار في سورية، كما نُقل عنه أنه يدرس انسحابًا مبكرًا لقواته. تزامن ذلك مع إعلان قوات النظام السوري أنها "استعادت السيطرة على معظم مدن الغوطة الشرقية وبلداتها"، وأنها تواصل عملياتها في دوما، آخر جيب للمعارضة المسلحة في المنطقة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني الأميركي اجتماعًا خلال أيام، للبحث في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في سورية. وقال مسؤولان بارزان في الإدارة الأميركية إن ترامب "أبلغ مستشاريه برغبته في سحب قواته مبكرًا من سورية"، وهو الموقف الذي قد يثير خلافات بينه وبين مسؤولين بارزين في إدارته.
وأكد ناطق باسم مجلس الأمن الوطني التابع للبيت الأبيض أنه "وفقاً لتوجيهات الرئيس، ستعيد وزارة الخارجية تقويم مستويات المساعدات الملائمة وأفضل طرق استخدامها، والتي تقوم بها في شكل مستمر". أتى هذا الإعلان بعد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الجمعة أفاد بأن ترامب دعا إلى تجميد الأموال المخصصة لسورية بعد قراءة تقرير إخباري أشار إلى أن واشنطن التزمت أخيراً تقديم 200 مليون دولار إضافية لتحقيق الاستقرار في المناطق التي استعيدت من "داعش".
وكان ترامب أضفى غموضًا على الموقف الخميس الماضي، عندما قال إن الولايات المتحدة "ستخرج من سورية" قريباً جداً، فيما رد الناطق باسم قوات سورية الديموقراطية (قسد) كينو غابرييل أن "قسد" لم تُبلَّغ بأي خطة للانسحاب الأميركي، مضيفاً أن العمل والتنسيق مع التحالف مستمر.
وقال مسؤولان في الإدارة الأميركية، أكدا تقرير الصحيفة، إن تصريح ترامب يعكس مشاورات داخلية مع مستشارين تساءل خلالها عن سبب بقاء القوات الأميركية فيما يوشك "المتشددون" على الهزيمة. وأوضح أحد المسؤوليْن إن ترامب أوضح أنه "بمجرد تدمير "داعش" وفلولها، فإن الولايات المتحدة ستتطلع إلى لعب دور أكبر في المنطقة في توفير الأمن والاكتفاء بذلك"، مضيفاً أن معالم هذه السياسة لم تتضح بعد.
وأضاف المسؤول الثاني أن مستشاري ترامب للأمن القومي أبلغوه بأنه ينبغي أن تبقى أعداد قليلة من القوات الأميركية عامين على الأقل، لتأمين المكاسب التي تحققت بعد هزيمة الإرهابيين، وضمان ألا تتحول سورية إلى "قاعدة إيرانية دائمة". وذكر أن كبار مساعدي ترامب للأمن القومي بحثوا في الوضع في سورية خلال اجتماع في البيت الأبيض، لكنهم لم يستقروا بعد على إستراتيجيا للقوات الأميركية في سورية ليرفعوها إلى ترامب. وقال المسؤول: "حتى الآن لم يصدر أمر بالانسحاب".
وأعلنت القوات الحكومية في بيان أمس استعادتها "السيطرة على غالبية مدن الغوطة الشرقية وبلداتها... فيما تواصل وحدات أخرى أعمالها القتالية في محيط مدينة دوما". واعتبرت أن "أهمية الانتصار تأتي في إعادة الأمن والاستقرار في شكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها". ولفتت إلى أن "الانتصار في الغوطة الشرقية من شأنه تأمين طرق المواصلات الرئيسة بين دمشق والمناطق الوسطى والشمالية والساحلية، وكذلك مع المنطقة الشرقية عبر البادية وصولاً إلى الحدود العراقية".
وخرجت الدفعة الأخيرة من المقاتلين والمدنيين من بلدات جوبر وزملكا وعين ترما جنوب الغوطة الشرقية إلى إدلب، بموجب اتفاق مع روسيا أسفر عن إجلاء أكثر من 41 ألف شخص. وأعلن الإعلام الرسمي السوري (سانا) أن المنطقة باتت "خالية" من فصائل المعارضة. ولا يزال مصير دوما، الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، معلقاً في انتظار نتائج مفاوضات مستمرة بين روسيا ومسلحي "جيش الإسلام".