الكاتبة الأمريكية ترودي روبين

رأت الكاتبة الأمريكية ترودي روبين أن اعتقاد الإسرائيليين والفلسطينيين في انتهاء عملية السلام يشرح أسباب العنف القائم بينهما الآن. وأوضحت -في مقال نشرته صحيفة "ذا فيلادلفيا إنكوايرر" الأمريكية - أن فكرة دفن حل الدولتين نهائيا كافية للقضاء على سبع سنوات من الهدوء النسبي نعم فيها الإسرائيليون بينما فلسطينيو الضفة قابعين خلف سياج العزل، فيما الغزاويون محاصرين في قطاعهم البائس. وأكدت روبين أن ظروفا كتلك مواتية لازدهار الأفكار المتطرفة في الجانبين، كهؤلاء الفلسطينيين الذين اختطفوا ثلاث فتية مستوطنين وأولئك الإسرائيليين الذين ثأروا بتعذيب فلسطيني حتى الموت.. "إن نماء الإحباط بين الجانبين من شأنه إشعال العنف الذي يصعب مع الوقت السيطرة عليه". ورأت أن أيا من الساسة في إسرائيل أو غزة لم يكن ينشد المواجهة المحتدمة الآن، مشيرة إلى أن حركة حماس، التي تعاني عوزا نقديا وفقدانا للظهير سواء في إيران أو القاهرة، لم تكن لتطلق صاروخا واحدا من غزة بعد هجمات نوفمبر 2012. ورصدت الكاتبة في هذا الصدد اعتقاد محللين إسرائيليين أن الخلية الحمساوية بالضفة المسؤولة عن قتل الفتية المستوطنين الثلاث، فعلت ذلك من دون الرجوع إلى القادة في غزة. وعلى الجانب الآخر، رأت روبين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبدى حذرا بالغا من عملية عسكرية مماثلة لتلك في 2008 التي أودت بحياة 200ر1 فلسطيني وتسببت في أضرار دولية كارثية بالنسبة لإسرائيل، وهو ذات الهدف الذي ربما ينشده الجناح العسكري لحركة حماس الآن- إحراز إدانة دولية لإسرائيل. لكن استمرار الضغط من اليمين المتطرف في إسرائيل، الواقف على مقبرة عملية السلام، أدى بحسب الكاتبة إلى خروج الأمور عن السيطرة على النحو الراهن. ورصدت في هذا السياق دعوة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الثلاثاء الماضي إلى إعادة احتلال غزة، مصرا على أن أي هدنة لن تؤدي إلا إلى استعداد حماس مرة أخرى لجولة جديدة، ومن ثمّ فإن على الجيش الإسرائيلي تدمير حماس والقضاء عليها قضاء مبرما. وحذرت الكاتبة من أن أمثال تلك الدعوات الخطيرة التي تلقى زخما في صفوف المحبَطين من عملية السلام كفيلة بتوريط إسرائيل في احتلال شامل لغزة على جثث عدد غير مسبوق من الضحايا المدنيين في القطاع الضيق. ورأت روبين أن أفضل طريقة لتقويض حماس هي مساعدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في استعادة السيطرة على غزة، مشيرة إلى أن استفتاء أجري في يونيو المنصرم أظهر أن نسبة 88 بالمئة من الغزاويين يفضلون الانضمام للسلطة الفلسطينية على البقاء في قبضة حماس...لكن نتنياهو يفعل العكس، فهو يقوّض عباس دائما عبر التوسع في النشاط الاستيطاني بالضفة، ولا سيما أثناء إجراء محادثات السلام العام الماضي. ونبّهت الكاتبة في هذا السياق إلى أن صورايخ حماس في الأيام الماضية، في ظل تنامي الاضطراب بمنطقة الشرق الأوسط، أقنعت معظم الإسرائيليين بمدى الخطورة التي قد تنشأ حال قيام دولة فلسطينية متاخمة لحدود دولتهم. وقالت روبين "إن الإسرائيلين استمرأوا الاعتقاد في إمكانية استمرار الوضع الراهن وسياسة الأمر الواقع، ويعود ذلك في جزء منه إلى مساعدة قوات أمن السلطة الفلسطينية لإسرائيل في الحفاظ على الهدوء بالضفة الغربية على مدى السنوات السبع الماضية، كما ساعدت في السيطرة على حماس بالضفة وعرضت إمكانية مراقبة الحدود بين غزة ومصر حال عقد هدنة مع حماس". لكن هذا التعاون لن يستمر حال استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي الملتهم للضفة، فقد يجد عباس نفسه مضطرا لحلّ السلطة الفلسطينية، مُجبرا إسرائيل على إعادة احتلال الضفة... بمعنى آخر، "لا يمكن الدفاع عن فكرة التعويل على نجاح سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية".