الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال

تعهدت بريطانيا ردًا "مناسبًا وحازمًا"، وهددت بانسحاب المنتخب الإنجليزي من كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها روسيا الصيف المقبل، إذا ثُبُت تورطها بمرض عميل روسي مزدوج سابق في بريطانيا، يُرجّح تعرّضه لتسميم جنوب إنجلترا. ووصف الكرملين الحادث بـ "مأسوي"، مبديًا استعدادًا للتعاون في التحقيق.

وكان العثور الأحد على سيرغي سكريبال، وابنته يوليا، فاقدَي الوعي على مقعد في مركز تجاري في مدينة سالزبري، بعد تعرّضهما لمادة أعلنت الشرطة أنها "مجهولة"، ذكّرت بقضية تسميم العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفيننكو في فندق لندني بمادة البولونيوم-210 المشعة عام 2006. وسبّب مقتله أزمة كبرى بين لندن وموسكو التي رفضت تسليم روسيَين متهميْن بارتكاب الجريمة، علمًا بأن تحقيقًا بريطانيًا رجّح موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قتل ليتفيننكو "43 عامًا". لكن الكرملين ينفي تورطه بالأمر.

وعلّق النائب الروسي أندري لوغوفوي، وهو من أبرز المشبوهين في قضية ليتفيننكو، على ملف سكريبال، معتبرًا أن بريطانيا "تعاني من رهاب" روسيا وقد توظّف الحادث لإيذاء بلاده، قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في 18 الشهر الجاري. وأضاف: "بسبب انتخابات الرئاسة، وعملياتنا في سورية، قد يُحوّل وضع سكريبال استفزازًا معاديًا لروسيا". وشدد على أن سكريبال "لا يمثل أي خطر" على موسكو، معتبرًا أن القضية انتهت "وفق القواعد المتبعة في معالجة مثل هذه الحوادث"، إذ أوقف ودين، ثم نال عفوًا وسُلِم بموجب صفقة تبادل.

واعتبر جونسون أن من المبكر تحديد سبب الحادث "المقلق"، لكنه ذكّر بتسميم ليتفيننكو. وقال أمام مجلس العموم "البرلمان"، "أؤكد للمجلس أنه في حال ظهرت أدلة تشير إلى مسؤولية دولة، فإن حكومة جلالتها ستردّ في شكل مناسب وحازم. على رغم أنني لا أتهم أي جهة الآن، أقول للحكومات إن أي محاولة لقتل شخص بريء على الأراضي البريطانية، لن تمرّ من دون عقاب".

ورجّح جونسون أن يكون الحادث "جريمة أخرى في سلسلة جرائم يمكن أن نضعها أمام باب روسيا"، وتابع "واضح أن روسيا، من نواح كثيرة، هي قوة خبيثة ومخرّبة، والمملكة المتحدة في صدارة التحرّك في العالم في محاولة لمواجهة هذا النشاط". ونبّه إلى أن مشاركة إنجلترا في مونديال روسيا ستكون صعبة إذا تبيّن أن موسكو وراء الحادث.

وأكد توم توغيندات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، أن الأدلة تشير إلى ضلوع موسكو في الحادث، واستدرك "من المبكر تحديد هل كان ذلك مؤكدًا أم لا، لكنه بالتأكيد يحمل بصمات هجوم روسي"، وأشار وليام برادر، وهو مدير صندوق بريطاني للتحوّط ترأّس حملة ضد الكرملين بعد مقتل موظفه السابق سيرغي ماغنتسكي أثناء احتجازه في روسيا، إلى أن "الكرملين كان يعتبر هذا الرجل خائنًا لروسيا"، وزاد "لديهم تاريخ في الاغتيالات في روسيا والخارج. وفي استخدام المواد السامة، بما في ذلك في بريطانيا".

وعلّق مارك رولي، مسؤول مكافحة الإرهاب في بريطانيا "نتحدث مع شهود، والطب الشرعي يأخذ عينات من المكان، ونجري فحوصًا تتعلّق بالسموم، وسيساعدنا ذلك في التوصل إلى إجابة. علينا أن نتذكر: المنفيون الروس ليسوا خالدين. جميعهم يموت ويمكن أن تكون هناك نظريات مؤامرة. ولكن علينا أن ندرك كذلك حقيقة وجود تهديدات للدولة".

ووصف ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، الحادث بـ "مأسوي"، واستدرك "ليست لدينا معلومات حول الأسباب، وما فعله هذا الشخص". وأضاف أن "موسكو مستعدة دومًا للتعاون" في التحقيق إذا طلبت بريطانيا. لكن السفارة الروسية في لندن أعلنت أنها تريد معلومات من السلطات البريطانية في شأن الحادث، ودعت إلى إنهاء "شيطنة روسيا".

وأُدخِل سكريبال "66 عامًا" وابنته يوليا "33 عامًا" مستشفى، وهما في وضع حرج، فيما أوردت صحيفة "ذي غارديان" أنهما تعرّضا لتسميم بواسطة "فنتانيل"، وهي مادة أفيونية قوية جدًا. وسكريبال عقيد سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، اعتُقل بعد اكتشاف تجسسه لحساب المملكة المتحدة، وحُكم عليه عام 2006 بالسجن 13 عامًا، ثم أفرج عنه عام 2010، بموجب اتفاق لتبادل الجواسيس بين موسكو من جهة ولندن وواشنطن من جهة ثانية، ورُحِل إلى بريطانيا. ودين سكريبال بتسريب هويات عملاء سريين للاستخبارات الروسية يعملون في أوروبا، لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية "إم آي 6"، في مقابل الحصول على 100 ألف دولار، منذ تجنيده عام 1995.