ينظر الشبان والشابات الى بعضهم البعض بخجل، فيما يدور بينهم الكاهن ليصب لهم الشاي ويوزع عليهم الحلوى ويشجعهم على تجاذب اطراف الحديث والتعرف على بعضهم، في بلد ينكفئ شبابه عن الزواج وتأسيس الاسر. وهذه هي الجلسة الخامسة المعروفة ب"قداس العازبين" التي تنظمها كنيسة الصعود في وارسو. وهي تقام مرة واحدة شهريا بهدف مساعدة الشباب على العثور على شريك الحياة، في بلد تتزايد فيه نسبة الانكفاء عن الزواج، والابتعاد عن الدين. تبدأ هذه الجلسة بعظة ترتكز على العلاقة بين الرجل والمرأة، وعن المصاعب في التواصل بينهما، وعن الغيرة ايضا، تليها صلاة من أجل أن يعثر كل واحد على نصفه الآخر، يلي ذلك جلسة تجمع الشباب والشابات للتعارف. وحضر هذه الجلسة 250 شخصا تراوح اعمارهم بين العشرين عاما والثلاثين. وتنظم هذه الجلسات حتى الآن في ثلاث من كنائس وارسو، وفي كنائس اخرى في البلاد. ويقول شاب ثلاثيني لمراسل وكالة فرانس برس فيما المكان يحفل بضوضاء الاحاديث والضحكات "القيم الاساسية لمجتمعنا توشك ان تنهار، لا ينبغي ان يبحث الرجل عن شريكة حياته في مرقص او ملهى". ويضيف "كثيرون من الناس يعيشون في وحدة، ولا يعرفون كيف السبيل للخروج من هذه الوحدة". وتعود فكرة هذه الجلسات الى طبيبة في الرابعة والثلاثين تدعى ماتيلدا كرزيزياك، عملت على مدى اربع سنوات على اقناع الكاهن الجديد للكنيسة بهذه الفكرة. وتقول هذه الطبيبة التي ما زالت حتى الآن عازبة "الناس عموما يمضون اوقاتهم على الانترنت، الكثيرون منهم يشعرون بالوحدة وكلهم متعبون من ضغط العمل". يرافق توماس، طالب الحقوق ذو الثلاث والعشرين عاما، صديقا له يحضر هذه الجلسات بحثا عن شريكة. وقد التقى توماس بشريكته ليس بفضل هذه الجلسات وانما حين كان ينتظر صديقه خارج ابواب الكنسية. ويقول هذا الشاب "بحثت على مدى ثماني سنوات عن شابة على الانترنت، ولكن كل جهودي راحت سدى، ولم التق شريكة حياتي سوى في الحياة الحقيقية، لا في العالم الافتراضي...ينبغي ان يخرج الانسان من عزلته حتى يجد ما يريد". ومع ان اكثر من 90 % من مواطني بولندا هم من المسيحيين الكاثوليك، الا ان تأثير الكنيسة يشهد تراجعا مستمرا. وقد ارتفعت نسبة عدم المؤمنين من 3 % في العام 2005 الى 7 % حاليا، بحسب استطلاع للرأي أجري أخيرا. ويقول الكسندر جاكنياك (54 عاما) الذي ينظم جلسات مماثلة في كنيسة الاباء اليسوعيين في وارسو ايضا ان الكنيسة تسعى الى تلبية حاجات المجتمع. ويضيف "هؤلاء الشبان انهوا دراستهم، وعثروا على عمل، واشتروا بيوتا، كل شيء الآن اصبح جاهزا حتى يعثروا على شريك الحياة". وتشير الاحصاءات الرسمية في البلاد الى ان نسبة النساء العازبات ارتفعت من 18 % في العام 1998 الى 23 % في العام 2011، دون احتساب الارامل والمطلقات. أما نسبة الرجال العازبين فقد ارتفعت من 30 الى 35 %.