كل يوم يعرض هرنان بينيدا حياته للخطر في منطقة سان أنطونيو شمال غرب كولومبيا لاستخراج الذهب من المناجم غير الشرعية التي تشكل آفة فعلية في هذا البلد الاميركي-اللاتيني. وقد أمضى هذا الأربعيني 27 عاما وهو يعمل في المناجم غير الشرعية. وقد أتى قبل 11 شهرا إلى منطقة سان أنطونيو بناء على نصيحة صديق له. وهو يشرف على مجموعة مؤلفة من 20 عاملا منجميا ويطلق عمليات التفجير في المنجم. ويشرح العامل الذي يشتري بنفسه المواد المتفجرة "كنت في البداية أتلقى عمولات وسارت الأمور على خير ما يرام، فاشتريت بالأموال التي جنيتها مثقابا وحصصا في منجم". وقد بدأت طفرة الذهب هذه منذ سنتين في سان أنطونيو التي تهافت إليها المئات من عمال المناجم، بينهم نساء وأطفال أتوا من أنحاء المنطقة جميعها على أمل جني الأموال. ويعيش الكثيرون منهم في مخيمات بسيطة بلاستيكية أو خشبية وهم مستعدون لتكبد هذا العناء إذ أن راتبهم اليومي قد يصل في بعض الايام إلى 500 ألف بيزوس (حوالى 265 دولارا)، ما يوازي 30 إلى 40 % من قيمة الذهب الذي يستخرجونه ويؤكد بينيدا أن راتبه الشهري قد يصل أحيانا في سان أنطونيو إلى 25 مليون بيزوس (حوالى 13 ألف دولار)، مع العلم أن معدل الراتب الشهري في كولومبيا يساوي 300 دولار. ويضيف أن العمل في هذا المنجم ليس شاقا بقدر مما هو في المناجم الأخرى، فهو يستأجر شقة على بعد 30 كيلومترا من المنجم ويقصد كل أسبوع مدينة ميديين ثاني المدن في البلد ليزور شريكته. وفي حال قرر البقاء في سان أنطونيو، فيمكنه أن يرتاد الملاهي الليلية ويقصد صالونات الحلاقة ومتاجر بيع الهواتف الذكية وبالطبع متاجر بيع الذهب. ويشرح هرنان بينيدا "الحال عينها في جميع المناجم غير الشرعية، والنصيب الأوفر هو لمن يستخرج أكبر كمية من الذهب. ولاستخراج الذهب بكثرة وبسرعة، ينبغي أن تعم الفوضى. وكل عامل يخشى أن يطرد ويقصد المناجم عددا متزايدا من العمال وبات العمل فيها جد خطير". كما أن المنطقة معرضة للزلازل، ما يزيد من خطر الحوادث الفتاكة في المنجم. ويوضح سيزار هرناندز مدير الخدمة المحلية لإدارة المخاطر لوكالة فرانس برس أن "هذه المنطقة تشهد نشاطا زلزاليا كبيرا وهي تقع على تصدعات جيولوجية. وكلما اقتربنا من الجبل، ازداد خطر الانهيارات الأرضية". ويتابع قائلا إن "المخيمات في سان انطونيو قد أرسيت في محيط الجبل وهي تفتقر إلى أنظمة صرف صحية، ما يحدث ضغوطات على الأراضي". وجاء في تقرير صدر اخيرا عن وزارة المناجم في كولومبيا أن 86 شخصا لقوا حتفهم و39 شخصا آخر أصيبوا بجروح في حوادث وقعت في المناجم بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو من العام 2012. ولا تمتلك نصف المناجم في كولومبيا (56% منها) رخص استثمار. وهرنان بينيدا مصاب بمرض رئوي وهو يقر بأنه شهد حوادث عدة في المناجم غير الشرعية وبات الكثير من زملائه "عميانا أو مبتوري الأعضاء ... أو حتى في عداد الموتى". وهو يفكر في التقاعد لكن ليس الآن، إذ أن الرغبة في جني مزيد من الأموال من الذهب لا تزال كبيرة.