غزة - كمال اليازجي
لم يمنع قصف الطيران الإسرائيلي البشع لقطاع غزّة من تشييع مئات المواطنين ، 18 شهيداً مسيحياً سقطوا في غارة إسرائيلية، استهدفت مبنى كنيسة القديس برفيريوس الأثرية الواقعة في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة.
وشهدت الكنيسة الأرثوذكسية التي تعد ثالث أقدم كنيسة في العالم، قداس الجنازة على الضحايا، بمشاركة مئات المواطنين.
ونقلت الجثامين من مستشفى الشفاء باتجاه الكنيسة، حيث جرى القداس، قبل نقلها إلى مقبرة بالمدينة ومواراتها الثرى، وسط حالة غضب وحزن شديدين.
وأكد ناجون أن الغارة تعمّدت استهداف الكنيسة، التي كان فيها قساوسة وراهبات، ما تسبب بحدوث انهيارات كبيرة فيها، واستشهاد العديدين، وجرح وفقد العشرات ممن ما زالوا تحت الأنقاض.
وقال ناج: فررنا من بيوتنا لنحتمي بالكنيسة فقصفوها، أين نذهب؟ لم يعد هناك مكان آمن في غزة.
والكنيسة المذكورة لا تبعد سوى مسافة قصيرة عن المستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، الذي جرى قصفه قبل أيام، ما تسبب باستشهاد 500 مواطن، إذ يتبع المستشفى المذكور لمؤسسة مسيحية عالمية، ما يعني أن الاحتلال يتعمد منذ أيام استهداف الكنائس والمؤسسات المسيحية في قطاع غزة.
وفي وقت تواصلت فيه عمليات البحث عن ناجين، أدانت بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس في بيان القصف، وقالت: إنّ "استهداف الكنائس والمؤسسات التابعة لها، بالإضافة إلى الملاجئ التي توفّرها لحماية المواطنين الأبرياء، خاصة الأطفال والنساء الذين فقدوا منازلهم جراء القصف الإسرائيلي للمناطق السَكَنية خلال الثلاثة عشر يوماً الماضية، يشكّل جريمة حرب لا يمكن تجاهلها".
وقالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين: إن استهداف أحد مباني كنيسة القديس برفيريوس "يؤكد أن بنك أهداف الاحتلال الإسرائيلي هم المواطنون العزل من أطفال ونساء وشيوخ".
و تعتبر كنيسة القديس برفيريوس أقدم كنيسة في قطاع غزة. وهي مبنية فوق ضريح القديس برفيريوس الناسك والأسقف الغزّي من القرن الخامس، وتقع بجانب مسجد في البلدة القديمة بغزة القديمة.
و قال الجيش الإسرائيلي: إن جزءاً من الكنيسة تعرض لأضرار جراء ضربة على مركز قيادة لفصيل مسلح، وإنه يراجع الواقعة.
وذكر مسؤولون فلسطينيون أن ما لا يقل عن 500 مسلم ومسيحي كانوا يحتمون في الكنيسة من القصف الإسرائيلي.
وأظهرت لقطات مصورة في مجمع الكنيسة طفلاً مصاباً وهو يُسحب من تحت الأنقاض مساء أمس. وقال عامل في الدفاع المدني: إن شخصين في الطوابق العلوية تمكنا من النجاة، لكن من كانوا في الطوابق السفلية قتلوا أو لا يزالون تحت الأنقاض.
وشددت البطريركية على أنه "على الرغم من التعرض الواضح لمرافق وملاجئ بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية والكنائس الأخرى، والمستشفى "المعمداني" والمدارس والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، فإنها مع بقية الكنائس مصممة على مواصلة أداء واجبها الديني والأخلاقي بتقديم المساعدة والدعم والمأوى للأشخاص الذين يحتاجون إليها، حتى وسط المطالب المستمرة من الجانب الإسرائيلي بإخلاء تلك المؤسسات من المدنيين، والضغوط التي تمارس على الكنائس في هذا الصدد".
ويعود تاريخ البناء الأصلي لكنيسة القديس برفيريوس إلى العام 425 م فوق معبد وثني خشبي يعود لحقبة سابقة. شيّد البناء الحديث في خمسينيات أو ستينيات القرن الحادي عشر.
تُظهر السجلات من القرن الخامس عشر أن تكريس الكنيسة كان أيضاً بمثابة شهادة للسيدة العذراء. وتم ترميم الكنيسة في 1856، لكنها تحتوي بعض الأفاريز والقواعد التي تعود إلى عهود قديمة. وتعتبر الكنيسة الأصلية ثالث أقدم كنيسة في العالم. يقف بجوارها مسجد أنشئ في 735 هـ (ما يقارب 1334-1335 م).
قد يهمك ايضاً