واشنطن ـ يوسف مكي
خلّف المتطرّف قاتل المُصلّين بمسجد كرايستشيرش في نيوزيلندا دليلا رقميا عبر الإنترنت يؤكد فعلته النكراء ويشير إلى أنه كان يصنع فيلما سريعا لعصر وسائل التواصل الاجتماعي، فيلما حيا ينتشر سريعا وفوريا من خلال بثه المباشر عبر صفحته على "فيسبوك"، كما جاء اختياره للموقع في نيوزيلندا لإرسال رسالة من شأنها أن يتردد صداها على الفور عبر العالم الرقمي، والرسالة هي أنه لا مكان آمن على الأرض من العنصريين البيض وعقائدهم التي انتشرت عبر الإنترنت.
وأصبحت جريمة قاتل المُصلّين الوحشية التي أسفرت عن مقتل 49 شخصا، غذاء وسائل الاعلام العالمية التي لا تمتلئ معدتها إلا بعد بث الأفكار المسممة في جميع أنحاء العالم، بالتالي نقل أفكار القاتل، والتي تبدو أنها خطة القاتل الممنهجة، هذا القاتل الذي شارك في بعض المنتديات الأكثر سمية عبر الإنترنت، وكل هذا طرح العديد من الأسئلة بشأن كيفية استجابة وسائل الإعلام لمذبحة تبثّ عبر الإنترنت، حيث جادل الصحافي روبرت إيفانز، الذي كتب الكثير عن الجماعات المتطرفة عبر الإنترنت أن "الإعلام يتعامل بشكل جيد مع مجموعات مثل القاعدة، مع وجود بنية تنظيمية وقيادية واضحة أما بالنسبة إلى مجتعمات الإنترنت التي شارك فيها القاتل تمثل تحديا أكثر صعوبة".
اقرأ أيضًا:
تعرف على نسبة انتشار الأخبار المزيفة على "تويتر" خلال 2018
وركّزت استراتيجية وسائل الإعلام على فيديو القاتل الدنيء، وهو فيلم مدته 17 دقيقة تم على الهواء مباشرة من كاميرا مثبّتة على خوذة القاتل العسكرية، وظهر المشتبه في بث حي وهو يقود سيارته نحو الهدف، ودخل إلى المسجد، وبدأ في إطلاق النار، وكان أتباعه يعلمون أنه سيطلق النار في المسجد وسيقوم بالبث الحي عبر موقع 8chan لتبادل الصور والمحتويات المسيئة وعبر صفحته الشخصية على "فيسبوك".
وبثّت وسائل الإعلام العالمية هذه المواد على نطاق واسع، كما نشرت صحيفة "ذا سن" البريطانية مقتطفات من شريط الفيديو الخاص بالقاتل على صفحتها الرئيسية، بينما زودت صحيفة "ديلي ميل" قراءها برابط لتنزيل بيان القاتل، وعرضت قناة "أم أس أن بي سي" الفيديو مع بيان القاتل على الهواء مباشرة.
وبثّ "يوتيوب" الفيديو لساعات بعد الهجوم قبل إزالته، وكان متاحا أيضا عبر "فيسبوك" لفترة قبل أن تقوم المنصة بإزالته. ورغم أن الفيديو غير متاح حاليا على المواقع المعروفة فإنه لا يزال بإمكان أي شخص العثور عليه عبر الإنترنت، ولم يكن هذا الفيديو الوحشي هو الأول من نوعه عبر "فيسبوك" إذ استخدم أحد مقاتلي "داعش" هذه الطريقة للاعتراف الفوري بقتل قائد شرطة فرنسي وشريكه في عام 2016، لكن الفيديو الخاص بقاتل المصلين الذي قيل إنه معجب بالقاتل النرويجي أندرس برينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصا في عام 2011 وطريقة انتشاره كانت مختلفة، حيث أراد تحقيق نوع من الخلود العنصري.
قد يهمك أيضًا:
"فيسبوك" يكشف السبب الحقيقي لإغلاق صفحات مرتبطة بقناة "RT"
"إنستغرام" تحظر صور الانتحار بعد رحيل مراهقة بريطانية