الرباط ـ مصر اليوم
كشف العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن المغرب يواصل بكل ثقة والتزام، مشاركته في الدينامية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالتعاون مع مبعوثه الشخصي، بخصوص "قضية الوحدة الترابية للمملكة"، في إشارة إلى قضية الصحراء. وذكر الملك محمد السادس، في خطاب وجهه إلى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لـ"ثورة الملك والشعب"، أن هذا الالتزام يقوم "على أساس المرجعيات نفسها التي حددناها في خطاب المسيرة الخضراء الأخير"، مسجلًا بارتياح "الانسجام المتزايد بين هذه المبادئ والمواقف الدولية".
الملك محمد السادس يعبر عن شكره للقادة الأفارقة:
وأضاف أن "القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، ولقمة الاتحاد الأفريقي، تؤكد، بما لا يدع مجالًا للشك، الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في رعاية المسار السياسي" لقضية الصحراء. وعبّر عن الشكر والتقدير "للقادة الأفارقة الأشقاء، الذين تفاعلوا بإيجاب مع المواقف المبدئية للمغرب، وتجاوبوا مع نداء مجلس الأمن الدولي، الذي دعا أعضاء المنتظم الدولي إلى دعم جهوده".
وأبرز الملك أن روح وقيم ذكرى ثورة الملك والشعب، وما ميزها من إجماع وتلاحم وتضحيات، هي نفسها التي تحرك المغاربة، كلما تعلق الأمر بقضية وحدتهم الترابية. وأضاف "وها نحن اليوم ندخل في ثورة جديدة لرفع تحديات استكمال بناء المغرب الحديث، وإعطاء المغاربة المكانة التي يستحقونها، وخاصة الشباب، الذي نعتبره دائمًا الثروة الحقيقية للبلاد".
محمد السادس يدعو إلى وقف هدر طاقات الشباب:
ودعا العاهل المغربي إلى الانكباب "بكل جدية ومسؤولية" من أجل وقف هدر طاقات الشباب والعمل من أجل توفير الجاذبية والظروف المناسبة، لتحفيز هذه الكفاءات، على الاستقرار والعمل بالمغرب. وقال إن هدر طاقات الشباب والموارد العمومية يؤثر في ظروف عيش كثير من المغاربة ويشكل أمرًا يحزّ في النفس.
وأضاف أن كثيرًا من الشباب، خاصة من حاملي الشهادات العليا العلمية والتقنية، يفكرون في الهجرة إلى الخارج، ليس فقط بسبب التحفيزات المغرية هناك، وإنما أيضًا لأنهم لا يجدون في بلدهم المناخ والشروط الملائمة للاشتغال، والترقي المهني، والابتكار والبحث العلمي. وأشار إلى أن نسبة البطالة في أوساط الشباب تبقى مرتفعة، متابعًا أنه "من غير المعقول أن تمس البطالة شابًا من بين أربعة، رغم مستوى النمو الاقتصادي، الذي يحققه المغرب، على العموم".
ملك المغرب يؤكّد أنه لن يقبل بتخريج "أفواج من العاطلين"
وأكد أنه "لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين"، مشيرًا في هذا السياق إلى أن كثيرًا من المستثمرين والمقاولات يواجهون، في الوقت نفسه، صعوبات في إيجاد الكفاءات اللازمة في مجموعة من المهن والتخصصات. وتابع: "علينا أن نقدم له (الشباب) أشياء ملموسة في التعليم والشغل والصحة وغير ذلك. ولكن قبل كل شيء، يجب أن نفتح أمامه باب الثقة والأمل في المستقبل".
وقال الملك محمد السادس إن وقف هجرة الكفاءات من الشباب يتطلب ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل وكذلك التخفيف من البطالة. وحثّ الحكومة والفاعلين على اتخاذ مجموعة من التدابير، في أقرب الآجال، من أجل وقف هجرة الكفاءات، مشيرًا إلى أن قضايا الشباب لا تقتصر فقط على التكوين والتشغيل، وإنما تشمل أيضًا الانفتاح الفكري والارتقاء الذهني والصحي.
الملك محمد السادس يدعو إلى توقيع اتفاقية لإعادة تأهيل الطلاب:
ورسم الملك محمد السادس معالم خريطة طريق تقوم على ستة تدابير، يهم أولها القيام بمراجعة شاملة، لآليات وبرامج الدعم العمومي لتشغيل الشباب، للرفع من نجاعتها، وجعلها تستجيب لتطلعات الشباب. وأضاف العاهل المغربي أنه يتعين أيضاً إعطاء الأسبقية للتخصصات التي توفر العمل، واعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، سنتين أو ثلاث سنوات قبل الباكالوريا (الثانوية العامة)، لمساعدة التلاميذ على الاختيار، حسب مؤهلاتهم وميولاتهم، بين التوجه للشعب الجامعية أو للتكوين المهني.
ودعا الملك محمد السادس لاعتماد اتفاقية إطار، بين الحكومة والقطاع الخاص، لإعطاء دفعة قوية، في مجال إعادة تأهيل الطلبة، الذين يغادرون الدراسة دون شهادات، بما يتيح لهم الفرص من جديد، لتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية والاجتماعية. وأكد ضرورة إعادة النظر بشكل شامل، في تخصصات التكوين المهني، لجعلها تستجيب لحاجيات المقاولات والقطاع العام، وتواكب التحولات، التي تعرفها الصناعات والمهن، بما يتيح للخريجين فرصاً أكبر للاندماج، مشددًا على أهمية إعطاء المزيد من العناية، للتكوين المهني، بكل مستوياته، وإطلاق جيل جديد من المراكز، لتكوين وتأهيل الشباب، حسب متطلبات المرحلة، مع مراعاة خصوصيات وحاجيات كل جهة.
وضع آليات عملية لإحداث نقلة نوعية لتحفيز الشباب على إنشاء مشاريع صغيرة:
وتابع الملك أن صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، سيساهم في بناء وتجهيز مراكز جديدة للتكوين المهني، بحسب المتطلبات المستجدة. وحثّ العاهل المغربي على وضع آليات عملية كفيلة بإحداث نقلة نوعية في تحفيز الشباب على إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة، في مجالات تخصصاتهم، وكذلك دعم مبادرات التشغيل الذاتي، وإنشاء المقاولات الاجتماعية. ودعا الإدارات العمومية، وخاصة الجماعات الترابية (البلديات)، إلى القيام بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات، لأن أي تأخير في ذلك قد يؤدي إلى إفلاس المقاولات، مع ما يتبع ذلك من فقدان كثير من مناصب الشغل. وتساءل: "كيف نريد أن نعطي المثال إذا كانت إدارات ومؤسسات الدولة لا تحترم التزاماتها في هذا الشأن؟".
وبيّن الملك ضرورة وضع برنامج إجباري، على مستوى كل مؤسسة، لتأهيل الطلبة والمتدربين، في اللغات الأجنبية، لمدة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر، وتعزيز إدماج تعليم هذه اللغات، في كل مستويات التعليم، وخاصة في تدريس المواد التقنية والعلمية.