القاهرة ـ محمد فتحي
أكّد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري الأسبق، وأستاذ القانون الدستوري الدكتور يحيى الجمل أنَّ محكمة الجنايات الدوليّة تختص، في المقام الأول، بالجرائم الدولية، مثل الإبادة الجماعية، أو استخدام الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الجرائم ذات الصبغة الدولية، وهذا لا ينطبق على مصر،
لاسيما في قضية عزل الرئيس السابق محمد مرسي، الذي يحاكم على جرائم تحت طائلة قانون العقوبات المصري، هذا فضلاً عن أنَّ مصر لم توقع على اتفاق المحكمة الدوليّة، ما يجعلها خارج سلطات تلك المحكمة.
واعتبر الجمل، في حديث خاص إلى "مصر اليوم"، أنَّ "عزم فريق الدفاع عن الرئيس المعزول محمد مرسي عقد مؤتمر صحافي عالمي، في لندن، الاثنين المقبل، والتصعيد إلى المحكمة الدولية، ليس إلا عبث، ومحاولة يائسة لاستدرار التعاطف الدولي، دون أصل قانوني"، مشيرًا إلى أنَّ "ما حدث في 30 حزيران/يونيو ثورة حقيقة، اعترف بها العالم أجمع، والثورات تسقط الشرعيات، ومحاكمة مرسي هي في الأساس محاكمة عن جرائم ارتكبها في مصر، ما يجعل القانون المصري صاحب الفصل في تلك الجرائم".
وأوضح الجمل أنَّ "ثورة 30 يونيو ولّدت دولة جديدة، تحكم بإرادة الشعب، الذي خرج بكل طوائفه ليقصي الإخوان، في مشهد لم يتكرر على مستوي العالم، فلم نرى ثورة في أي بلد، خرجت فيها هذه الإعداد، بهذا الشكل السلمي، والمطالب العادلة".
وأشار الجمل إلى أنَّ "الدستور الجديد يحمل مزايا عديدة للحريات والعدالة الاجتماعية، لم تتضمنها الدساتير المصرية السابقة"، مطالبًا الشعب المصري بـ"الخروج، والتصويت بنعم، حتى يتم تمرير الدستور، والوصول بمصر إلى بر الأمان، بعيدًا عن نفق الإرهاب"، معربًا عن أمله في إقرار مشروع الدستور.
وبشأن ما يتردد عن وجود "عوار دستوري"، في حال إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، بيّن الفقيه الدستوري أنَّ "هذا لا يمت للحقيقة بصلة، لاسيما أنَّ خارطة الطريق تمكّن الرئيس الموقت المستشار عدلي منصور أن يعدل ويغير فيها، دون الحاجة لإعلان دستوري جديد، وهو حق قانوني له، حتى إقرار الانتخابات البرلمانية".
وعن التسجيلات التي أخرجها الصحافي الدكتور عبد الرحيم علي, والتي تتضمن إثبات تلقي بعض الشخصيات تمويلاً أجنبيًا، والأسباب وراء عدم الإعلان عن تلك التسجيلات أثناء إثارة قضية "التمويل الأجنبي"، في عهد حكومة الدكتور عصام شرف، التي كان الجمل يتولي فيها منصب نائب رئيس الوزراء، أشار إلى أنَّ "الملف كله كان لدى الزميلة فايزة أبو النجا، ونحن لم نستمر الفترة الكافية لدراسة الموضوع، وتقديم أدلة فيه".
ويرى الجمل، أنَّ تصنيف الحكومة المصريّة لجماعة "الإخوان المسلمين" على أنها "إرهابية"، جاء متأخرًا، مشيرًا إلى أنَّ "الإخوان حكموا مصر فترة قصيرة، ومع ذلك كرههم الشعب، أكثر من بغضه للحكام الأجانب، والمحلتين، حيث حلَّ في عهدهم الخراب، وسالت الدماء في الشوارع، وتأخرنا اقتصاديًا عشرات الأعوام، فضلاً عن تدهور علاقاتنا مع العديد من الدول العربية، والإقليمية"، معتبرًا أنَّ "الجماعة عصابة، لا تستحق إلا السجون".
واعتبر الجمل قرار وزراة التضامن الاجتماعي، بشأن تجميد أرصدة الجمعيات الأهلية، أنه "قرار صائب جدًا، لأن من بين تلك الجمعيات من يسعى في الأرض فسادًا بأموال الفقراء، إما ما يعود منها بالفائدة على المواطن البسيط، مثل بنك الطعام، وغيره من الجمعيات ذات الهدف الإنساني، فلا خوف عليها، لأنَّ الوزارة عيّنت من سيقوم بالإشراف على إنفاق تلك الجمعيات، بغية أداء دورها، حتى يتم الانتهاء من مراجعة وتوفيق أوضاع الجمعيات كافة".
وتطرق الجمل إلى الترشيحات المطروحة لرئاسة مصر، حيث يرى أنَّه "في حال إعلان السيسي الترشح، وهو صاحب الشعبية المصرية الطاغية، والتي تعادل شعبية الزعيم جمال عبد الناصر، فإن من يعلن ترشحه أمامه، في إشارة إلى حمدين صباحي، يعد عبثًا غير مقبول", وأشار إلى أنَّ "موقع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في وزارة الدفاع أقوى بكثير شعبيًا من موقعه في رئاسة الجمهورية"، متمنيًا أن "لا يترشح السيسي، حتى لا يفقد شعبيته، أو حتى جزء منها، لأن مصر في حالة مترديّة سياسيًا واقتصاديًا، والتأخر في تنفيذ مطالب الناس، الذين يعانون منذ ثورة يناير، ويحتاجون إلى حلول عاجلة، سيجعل منصب الرئيس مرهق، ولن يكون محل اتفاق".
واختتم نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق حديثه إلى "مصر اليوم"، بالإشارة إلى أداء حكومة الدكتور حازم الببلاوي، حيث أكّد أنها "حكومة جاءت في ظروف صعبة جدًا، وتعمل تحت ضغط سياسي وشعبي، وشهادتي لها ستكون محل شك، نظرًا لأن الببلاوي صديقي جدًا، وأنا مؤمن بقدرته، ومع ذلك أرى أنَّ وزير الإسكان المهندس إبراهيم محلب مثال يحتذى به للمسؤول الفاهم الواعي، فهو وزير مثالي، يعمل بإخلاص، والباقون يجتهدون".