كوبا تبحث عن تغيير جذري في علاقتها مع الولايات المتحدة

تعتبر كوبا واحدة من الأماكن التي يندر فيها أن يجتمع المرء مع رجل من ولاية وايومنغ، وعلى الرغم من أن العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة الأميركية شهدت تحسنًا طفيفًا، يظل الحصار المستمر منذ 55 عامًا يمنع المواطن الأميركي من السفر مباشرة إلى كوبا كسائح، وعليه إيجاد وسيلة ملتوية للوصول إلى هناك، ويبدو أن الآلاف من الأميركيين أصبحوا يفعلون ذلك، حيث ارتفع عدد السياح من الولايات المتحدة الذين يتجهون إلى كوبا بنسبة 36% منذ كانون الثاني/يناير.

 

ويزور السياح من غير الأميركيين كوبا منذ سنوات مضت، ولكن السفن السياحية نادرة فيها، وهذا يعود إلى الحصار ولأن مياه الموانىء المحيطة بالبلد ضحلة جدا، فالقليل من السياح في كوبا استطاعوا القيام برحلة بحرية، وأدرجت بعض الشركات السياحية هذه الرحلات غير العادية ضمن قائمتها للعام المقبل، لإتاحة الفرصة لرحلات الشاطئ المثيرة، في مسار ساحلي رائع يضم بعض العمارة المتقنة التي تشتهر بها البلاد.

ويسرد الصحافي ماكس دافدسون تفاصيل رحلته إلى كوبا على متن القارب "بانوراما" قائلا "تتكون بانوراما من 25 حجرة فقط، وهي أفضل سفينة للقيام بجولة على متنها، فهي أنيقة على الرغم من أنها ليست فاخرة، ونزلت في غرفة يحتل السرير المزدوج فيها معظم المكان، تحت حراسة وإدارة أفراد يونانيين مرحين يحبون الاحتفال والرقص والموسيقى، ويحبون حفلات الشواء وشرب النبيذ، ووصل بنا الأمر إلى الاحتفال بصوت عالٍ جدا."

وأضاف "بعد قضاء ليلتين في هافانا صاحبة المباني القديمة، وشراء السيجار، وقضاء الوقت في بوينا فيستا سوشيال كلب، وصلنا إلى ماريا لا بلانكا، وهو شاطئ صغير يحتوي على منتجع صغير للغوص يقع على حافة الحديقة الوطنية في باهيا دي كروبينتس، وكلما سرنا في القرية بالغة الفقر، التي تحيط بها حقول الموز، يشعر الإنسان بماضي البلاد، ولكن ما يشعر بالراحة هو الانسجام بين السياح الأميركيين وطلاب المدارس المحلية".

وأبرز قوله "أخذ الطلاب يسألون السياح الأميركيين عن أسمائهم، ويسألهم الأميركيون عن ماذا يودون أن يصبحوا عندما يكبروا، فأجاب أحدهم أنه يود أن يصبح لاعب بيسبول، فجلبت هذه الإجابة الابتسامات على وجوه الضيوف، متخيلين كيف ستكون المواجهة بين هاتين البلدين، في لعبة بيسبول؟"

وتهب رياح التغيير بسرعة على كوبا، على الرغم من أن تطوير العلاقات مع واشنطن سيستغرق وقتا طويلا، لكن يبدو أن الكوبيين العاديين يودون أن يحصل ذلك، على الرغم من انتشار صور فيديل كاستروا وتشي غيفارا مشكلة الحالة الثورية الاشتراكية الحذرة من الرأسمالية الكاملة، ولكن هناك شبه اعتراف ضمني أن زمن الشعارات قد ولى.

وينقل ماكس على لسان كريستو دليلهم السياحي في الرحلة "الكوبيون يشعرون بالتفاؤل جدا بشأن المستقبل، فنحن نريد الحفاظ على الأفضل لبلادنا، قدر المستطاع، ولكن أكبر المشاكل ستكون التطبيق العملي، مثل فرز العملة".

وأوضح "في الوقت الراهن تتعامل كوبا بنظام عملة مزدوجة متباينة القيمة واحدة للسكان المحليين وأخرى للسياح".

ويؤكد رافييل مالك ورشة عمل صغيرة للفنانين "سيكون من الجيد أن نشاهد المزيد من السياح، وسيعطينا ذلك الفرصة لتوسيع نطاق عملنا، كما أنني أحب أن أزور أصدقائي في ميامي".
ويحب السياح البريطانيون الذين يقصدون كوبا حقيقة أنها بلد يختلف عن واشنطن، ويرغب الكثير منهم في الحفاظ على هافانا كبقايا مستعمرة متداعية، ويزور الكثيرون الشواطئ الرخيصة في فاراديرو على الساحل الشمالي للبلاد.

وذكر ماكس"أثناء تناولنا طعام الغداء في ماريا لا بلانكا على الشاطئ، رصدت طائر نقار الخشب على شجرة نخيل فوق رأسي، وعلى الرغم من أن هذا الطائر خجول بطبعه، إلا أنه وجد هذه الجزيرة ملاذا ممتازا".

وتستمر "بانوراما" في رحلتها من ماريا لا بلانكا إلى جزيرة كايو ريكو وهي جزيرة غير مأهولة بالقرب من منتجع جزيرة كايو لارغو، المنطقة الشعبية بالنسبة لأصحاب اليخوت من كندا وأوربا، وتتميز الجزيرة باضمحلال مياهها وعلى بعد مئات الأمتار من شاطئ البحر يبلغ عمق البحر أقل من ثلاثة أقدام، وتتميز الجزيرة بانتشار أشجار النخيل على شاطئها، مع إمكانية الغوص في مياهها الصافية لمشاهدة الشعب المرجانية البكر والسمك والحيوانات البحرية.

وينتقل ركاب السفينة من جزيرة كايو ريكو إلى مدن الجنوب مثل ترينيداد وسيبنفويغوس ذات الشوارع المرصوفة بالحصى الخام والتي يعود تاريخها إلى القرن الـ 18، وتحيطها مزارع قصب السكر، وتحول بعضها إلى متاحف تعرض أثاث الحقبة الاستعمارية وفترة الكفاح ضد العصابات المعادية للثورة، وتتميز المدينتان بكنائسهما ذات الشرفات الحديدية المناسبة لالتقاط الصور والجلوس لمشاهدة المارة.

وتعتبر مدينة سيبنفويغوس لؤلؤة الجنوب، وهي مدينة كبيرة مليئة بالضجيج، وتحتوي على بعض المباني الرائعة بما في ذلك المسرح الباريسي، والفندق المصمم على الطراز المغربي، وسوق المزارعين الذي يباع فيه أفضل ثمار الموز في العالم، وتتمثل أجمل الأنشطة في المدينة في الاستماع إلى بعض الغناء السيرافي التي تعزفها جوقة المدينة.

وتابع ماكس "في الليلة قبل الأخيرة، قبل أن نعود إلى هافانا، جلسنا جميعا في السفينة لنقيم رحلتنا ونقارن انطباعاتنا عن كوبا، فقال البعض إنه كان من الأفضل لو استكشفوا البلد في رحلة عن طريق البر واستطاعوا مشاهدة المزيد من سحرها، وأعرب البعض عن سعادته لاستكشاف كوبا من خلال عيون البحارة."

وتعطي الهندسة المعمارية الكوبية طابعا بأن البلد جزيرة بالفعل، وهذا ما يعطيها سحرها، وأفضل طريقة لاستكشاف الجزيرة هو الانتقال على طول الشريط الساحلي تمامًا كما كان يفعل الرحالة كريستوفر كولومبوس.