الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان

لا يمر ذكر "جزيرة تاروت" دون الإشارة إلى قلعتها التاريخية التي أصبحت مقصداً للسياح من أنحاء السعودية وخارجها، لما تحمله من عمق تاريخي، وحكايات الإنسان القديم وتراث الحضارات، ومركزاً لأقدم بلدة تراثية ومقاهيها الشعبية ومتاحفها القديمة، ما جعلها موقعاً لاستقطاب الوافدين على محافظة القطيف شرق السعودية.تاريخياً هي قلعة ساحلية من أهم قلاع الخليج العربي، تتوسط جزيرة تاروت جزيرة المسك واللؤلؤ، أكبر جزر الساحل الشرقي للسعودية، ويؤكد المؤرخون أنها بنيت على تل يعد أحد أقدم مواقع الاستيطان البشري منذ العصر الحجري حتى اليوم، الذي تعاقبت عليه خمس حضارات.

القلعة الأثرية التي وصفها وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، عبر حسابه على موقع "تويتر" بكنز من أرض الكنوز الثقافية؛ تحتوي على آثار تعود لتلك العصور، ويزخر متحف الدمام ومتحف الرياض الوطني بالمقتنيات الأثرية ذات الدلالات التاريخية المهمة التي تم اكتشافها بالقلعة.وتتمركز هذه القلعة، التي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 1500 عام، فوق تل مرتفع بمساحة لا تزيد عن 600 متر مربع، ويؤكد المؤرخون أن تاريخ بناء القلعة يرجح بين عامي 1521 و1525 بواسطة البرتغاليين في عهد الدولة العيونية لتحميهم من هجمات الأعداء، ولكن بعض هؤلاء المؤرخين يعتقدون أن وجودها جاء في زمن القرامطة.

لذلك تعتبر أحد أهم الثغور البحرية، التي أصبحت من المعالم التاريخية في تاريخ السعودية الحالي، إذ تعتبر في التاريخ القديم ميناءً حيوياً ترسو بالقرب منه السفن القادمة من موانئ الخليج ومن بحر العرب ومن بلاد الهند، ومرت بفترة أوشكت فيها على السقوط، إلا أنها رُممت فيما بعد، وكان آخر ترميم لها في العهد السعودي الحديث من قبل وزارة الآثار عام 1984م.
ومن ضمن المقتنيات الأثرية المهمة، التي تم العثور عليها فيها، الذهب الخالص لـ"عشتاروت"، بجانب عدد كبير من التماثيل أهمها تمثال "الخادم العابد" الذي يحمل سمات التماثيل المميزة للحضارة السومرية ويمثل رجلاً واقفاً عاري البدن طوله 94 سم والأواني النحاسية والفخارية والأسلحة التقليدية، كما توجد فيها أنقاض لمستوطنات سابقة يعود أقدمها إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد.كما تعد قلعة تاروت محط جذب للسياح من داخل وخارج السعودية وذوي الاهتمام التاريخي والأثري في محافظة القطيف شرق السعودية، وتستقطب عدسات المصورين لالتقاط الصور الاحترافية، لجمال الهندسة المعمارية التي ساهمت في بقاء القلعة حتى هذا اليوم، والتي تعود إلى طريقة البناء، ونوعية الحجارة التي استخدمت في عملية البناء، حيث تحتوي حجارتها على الصخور والحديد، ما جعلها متماسكة.

وتتكون من 4 أبراج، وبقي منها ثلاثة، وانهار واحد منها أثناء إحدى المعارك التاريخية بشكلها البيضاوي، بحيث تحاكي التضاريس الطبيعية التي بنيت عليها، وهذا الأسلوب في البناء المتفاعل مع طبيعة التضاريس يشبه أسلوب البناء البرتغالي المتبع في القلاع العمانية غير منضبطة الشكل، كما أنها تقع وسط غابة من النخيل وعلى مرتفع صخري، يعد الأعلى من بين المرتفعات في منطقة القطيف.

إلى ذلك، يجاور القلعة العديد من المنشآت الأثرية القديمة والحديثة المعاصرة، منها حمام عين تاروت وعين العودة ومقهى قلعة تاروت ومسجد الكاظم ومراكز للحرفيين، ومتقدمةً على منازل حي الديرة كحصن يحمي تلك المنازل أثناء تلك الحقبة من المعارك والحروب.هذا ويتناقل أهالي جزيرة تاروت حتى اليوم العديد من الأساطير الشائعة حول القلعة؛ وذلك لما كانت فيه من نقطة تجمع لأهالي الجزيرة ومحط أحاديثهم، خاصة عن العين التي تتوسطها والمعروفة بعين تاروت، وهي عين كبريتية يعود تاريخها إلى أربعة آلاف عام، كانت تسقي الجزيرة بأكملها، ومياهها المعدنية يقصدها المرضى للاستشفاء، والغواصين والبحارة من دول الخليج العربي، ومؤخراً نضب ماؤها رغم محاولات إعادة إحيائها.

المصدر: سبوتنيك

قد يهمك أيضًا:

"دعوة للتفاؤل" معرض مصري يتحدى "كورونا" لنشر الطاقة الإيجابية

السفارة الإسبانية تُهدي المتحف القومي للحضارة المصرية كُتيِّبات مُترجمة