القاهرة ـ مصر اليوم
قبل نحو 13 عاماً وفي أثناء عملية تنقيب اعتيادية كان يقوم بها الدكتور محمد سامح، مدير إدارة الجيولوجيا والحفريات بقطاع حماية الطبيعة ومدير محميات المنطقة المركزية بوزارة البيئة المصرية، عثر على حفرية أدرك حينها أنها غير تقليدية وستمثل اكتشافاً كبيراً، ليقرر حينها الاحتفاظ بها ضمن مقتنيات وزارة البيئة المخصصة للبحث العلمي، لتبدأ في عام 2017 دراسة تفصيلية لهذه الحفرية قادت بعد أربع سنوات إلى اكتشاف نوع جديد من الحيتان كان يعيش في منطقة الفيوم المصرية، وتم الإعلان عن هذا الاكتشاف أمس في دورية «وقائع الجمعية الملكية للعلوم البيولوجية».
والحوت الجديد كان طوله يبلغ نحو ثلاثة أمتار، ووزنه نحو 600 كجم، وكان قادراً على المشي على اليابسة والسباحة في مياه بحر «التيتس» الذي كان يفصل بين قارات العالم القديم، وحُفظت بقاياه قبل 43 مليون سنة في المنطقة التي تُعرف حالياً بـ«واحة الفيوم» على بُعد نحو 20 كيلومتراً جنوب محافظة الفيوم المصرية، وهي منطقة تعج بالحفريات.
وأطلق عليه الباحثون اسم «فيوميستس - أنوبيس»، حيث يعد الاسم الأول تكريماً لمكان اكتشافه بمحافظة الفيوم، فيما يشير الاسم الثاني إلى إله الموت في مصر القديمة، وهو اختيار يعكس سلوك هذا الحوت، حيث كان بمثابة ملك الموت للكائنات التي تعيش في تلك المنطقة، لامتلاكه «عضة قوية للغاية»، ربما تفوق في قوتها عضة التمساح القاتلة، كما كشف التشريح الذي قام به الباحثون خلال الدراسة.
ويقول محمد سامح، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحفرية المكتشَفة لذلك الحوت، تتكون من جزء كبير من الجمجمة، وعظام من القفص الصدري، وأجزاء من الفك السفلي، وهي أجزاء مكّنتهم من اكتشاف بعض الخصائص التشريحية لهذا الحوت الجديد، ومنها أنه كان يتميز بمهارات افتراس كبيرة، وعضلات فكين قوية وضخمة، مكّنته من الهيمنة على البيئة التي عاش فيها آنذاك، كما يُهيمن حوت «الأوركا» القاتل على البيئات البحرية اليوم. كما وجد الفريق البحثي أن ضلوع الحوت المكتشف احتفظت بعلامات عض وآثار أسنان، ويُعتقد أنها كانت بسبب أسماك القرش الصغيرة، التي من المحتمل أنها لم تكن كبيرة بما يكفي لافتراس «فيوميسيتس».
وعن أسباب توصيف هذا الحوت بأنه من النوع البرمائي، يقول سامح: «إن الأجزاء المتوفرة بالحفرية ساعدتنا على ذلك». واحتوت الحفرية على الجمجمة بشكل شبه كامل، إضافةً إلى الفقرة العنقية الخامسة والفقرة الصدرية السادسة، بالإضافة إلى ضلوع من منطقة الصدر والفكين السفليين، وكانت الفقرة الصدرية السادسة هي مفتاح اللغز الذي وجه الباحثين إلى أن الحوت ينتمي إلى عائلة الحيتان البرمائية. ويقول سامح إن الزائدة الشوكية التي يمر من خلالها النخاع الشوكي تميل بزاوية الميل نفسها الموجودة في الثدييات التي تعيش على اليابسة، على عكس الأنواع التي تعيش فقط في المياه. وينتمي هذا الحوت المكتشَف حديثاً لعائلة من الحيتان تُعرف باسم «بروتوستيدي»، وسُميت تلك العائلة على اسم أول حوت مصري تم تعريفه منها، وهو الحوت المصري «البروتوسيتس» الذي عُثر عليه في جبل المقطم.ويوضح سامح أنه «بإجراء دراسات مقارنة على أقربائه، وجد الباحثون أن أقرب أقرباء ذلك الحوت هو (الرودوسيتس) الذي عُثر عليه في الهند».
قد يهمك أيضا:
العلماء يكتشفون سببًا محتملًا لانقراض الديناصورات منذ ملايين الأعوام